أهمية دور الأسرة في التربية السليمة للطفل

إذا كان الفرد هو اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فإن الأسرة هي الخلية الحية في كيانه، والفرد جزء من الأسرة؛ يأخذ خصائصَه الأُولى منها، وينطبع بطابعها، ويتأثّر بتربيتها

وتعتبر الأسرة المكونة من الأبوين أقدم مؤسسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان، ولا زالت الأسرة في المجتمعات المختلفة هي مصدر التربية والمعرفة بالنسبة لأبنائها، وقد أدى تطور الحياة البشرية واستقرار الإنسان وبِناء المجتمعات المدنية والقروية وزيادة الخبرات البشرية وتعدد أنواع المعرفة البشرية – إلى أن تشارِك مؤسسات أخرى الأسرةَ في واجب الرعاية، والاهتمام، والتربية، والتوجيه، وتخلت الأسرة عن بعض ما كانت تقوم به، ورغم ذلك تظل المؤسسة الأولى في حياة المجتمع الحديث أيضا في التربية، فإذا صلحت الأسرة صلح الفرد، وإذا صلح الفرد صلحت الأُسرة، وصلح المجتمع؛ فالأسرة هي التي يتشرب منها الفرد العقيدةَ والأخلاق، والأفكار والعادات والتقاليد.

والواقع أن عوامل ومدارس التربية كثيرة، فالبيت أساس التربية، والمدرسة والجامعة لها دور آخر كبير الأثر، والمساجد لها دور عقدي إيماني واضح، لكن الإشكال أن هذه المدارس الثلاثة الكبرى للتربية كانت محورا أساسا في هذا الباب إلى عهد قريب منا، لكننا اليوم أصبحنا نرى خلطا وتشويشا في توجهات الأجيال المسلمة الناشئة؛ وذلك لوجود عدد من الوسائل الأخرى والتي تشارك وبقوة وتأثير في مهمة التربية، ومن أهمها وسائل الإعلام؛ المرئية، والمسموعة، والمقروءة، على حد سواء، والتي بدورها تسهم في تشكيل العقل والفكر والسلوك، وتشاركهم طريقة مطعمهم وملبسهم، حتى تسريحة شعرهم، ولون حذائهم.

كل هذه الوسائل وغيرها تشارك في قضية تربية الأجيال والشباب، شئنا هذا أم أبينا، لكن الحق وكل الحق، أن الأسرة المسلمة والبيت المسلم، هو القاعدة الأساس، لأن هذه الوسائل مهما كثر خطرها، وامتد ضررها، فبالإمكان تضييق الخناق عليها، ورد الباطل منها، وإضعاف تأثيرها، وبالإمكان إبعادها من حياتنا والاستغناء عنها إلى مرحلة تربوية صحيحة، تغرس فيها القيم، وتعلم فيها أصول الإسلام وعقائده.

ثم الأهم من ذلك كله أن الله – تعالى – في كتابه وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – بين لنا أن الأسرة هي أصل التربية للأجيال وعمودها، فقال – تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولودٍ إلاَّ يولد على الفطرة؛ فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه ويمجِّسانه)، يقول ابن حجر رحمه الله: “يريد أنها تُولد لا جدع فيها، وإنما يجدعها أهلُها”؛ فتح الباري: 3/250.

وقد أوجب التشريع الإسلامي أن تسود الأسرة التربية الدينية الصحيحة، التي تغرس في النفوس العقائد السليمة الراسخة، وتربيها في جو من الإيمان الصحيح.

ومن أهداف تكوين الأسرة في الإسلام:

1. إقامة حدود الله

2. تحقيق الأثر التربوي

3. تحقيق السكون النفسي والطمأنينة

4. تحقيق أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنجاب النسل المؤمن الصالح

5. صون فطرة الطفل عن الزلَل والانحراف.

ولقد اتفق كثير من الباحثين في علم النفس على أن السنوات الست الأولى من عمر الطفل لها آثار باقية في تكوين الشخصية، فإن كان هدفنا هو صياغة الإنسان المسلم فإن الاعتناء بالتربية النفسية والنمو النفسي للطفل يصبح أمراً بالغ الأهمية، بل ربما هو المرتكز الأساسي لهذه الصياغة.

فالطفل إذا يجب أن يربى على الاعتداد بالنفس والجرأة والشجاعة والصدق وحب الخير للآخرين والانضباط عند الغضب، فتنمية هذه الخصال في الطفل يجب أن تكون على حسب منهج مرسوم ولا تترك للصدفة، وشعور الاعتداد بالنفس عند الطفل يعتمد مباشرة على الطريقة التي يعامل بها الطفل.

إذا الواجب على الوالدين القيام بمهام التربية الإسلامية الصحيحة للأولاد، وألا يتخلوا عن هذه الأمانة العظيمة في أعناقهم، وألا يقفوا موقف الناظر فحسب، الذي يتألم على ما يرى دون أن يقدم يد العون لغيره، فإن الله – تعالى – نهانا عن الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين، والذي يضيع أمانة التربية لأسرته، والأخذ بأيديهم من الهلاك والانحراف، لا ريب أنه واقع في هذه الخيانة العظمى.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى