الحفظاوي يكتب: شخصيات عرفتها (5)

كتب الدكتور محمد الحفظاوي أستاد الفقه وأصوله بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي اسماعيل، تدوينات على صفحته بالفايسبوك، خصصها لشخصيات علمية عرفها في مساره الدراسي والعلمي والمهني، وقد اقتصر الدكتور الحفظاوي على ذكر أبرز ما استرعى انتباهه في هذه الشخصيات، والأثر الذي تركوه في شخصيته، وتعميما للفائدة، يتفضل موقع الإصلاح ، بعذ أخذ الإذن من صاحبها مشكورا. بتعميمها على شكل حلقات.

الحلقة5:

الأستاذ عبد الدايم قادري 

إن كنت أنسى فلن أنسى أول معلم في حياتي الدراسية الأستاذ عبد الدايم قادري من الرعيل الأول من معلمي أرفود بعد الاستقلال. وجدني بساحة المدرسة في أول ولوج لي لها وقد أصابتني دهشة وأنا طفل صغير فلحق بي وأنا ‘عالق’ بين قسمين، وقد دخل التلاميذ الأقسام،  فصحبني إلى القسم وأدخلني،  معلم موصوف بالعطف،  والشفقة والرحمة، كانوا لنا آباء،  وعُرف بالإبداع الشعري خاصة بالفرنسية، مازلت أشاهده ماشيا إلى المسجد يتردد للصلوات، ويسافر صلة الأرحام وتفقدا. ممن نحبهم في الله ونقدرهم. حفظه الله وعافاه.

الفقيه سيدي عبد الوهاب الصديقي

هو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد بن عبد العظيم،  ولد بتاريخ: 1939م/ 1358ه: بقصر هارون بالريصاني.الجنوب الشرقي من المغرب(تافيلالت).

نشأ رحمه الله يتيم الأم،  توفيت والدته رحمها الله وهو طفل صغير،  كان والده رحمه الله حريصا على تعليمه القرآن الكريم،  إذ كان يرسله إلى عدد من الشيوخ ليتلقى عنهم القرآن الكريم والعلوم المدرسة.فدرس على شيوخ تافيلالت مثل: الشيخ عبد اللطيف بالغرفة وشيخ تزكاغين قرب تنجداد،  وتنغير على يد الشيخ أحمد الوافي والشيخ احماد نايت ناصر. له مكتبة قيمة،  تحتوي على كتب مطبوعات ومخطوطات، في مختلف المعارف والعلوم، وفيها مكتب وأدوات،  تنبئ عن اهتمامه بالعلم وانشغاله بالمطالعة.

 درس في آخر مراحل تعليمه بجامع القرويين بفاس،  كان أبوه أحمد بن عبد العظيم عدلا، وورث عن أبيه هذه المهنة التي مارسها لسنوات قليلة.ثم استقال منها لورعه. كان مجدا في تعليم القرآن،  وتخرج على يديه أفواج من حملة القرآن، مواظبا على خطة الإمامة والخطابة، له زيارات راتبة لقرابته، وكان يصل رحمه ويوصي أبناءه بذلك،  لا يدخل إلى بيت يزوره إلا محملا بالهدايا للكبار والصغار، فكان مجيئه يحدث بهجة لدينا ونحن صغار فهو ابن عمتي ووالدي خالُه،  وبينهما شبه في الحرص على إتقان الوضوء وإقامة الصلاة بتمامها، وقراءة القرآن في أوراد بتحقيق المخارج والصفات، وكان يوصي بالحفاظ على اللسان العربي، كما كان متقنا للأمازيغية،  كما اتصف بالجود والكرم.

توفي بداره بتنغير، صباح السبت 12 ذوالقعدة 1438ه / 05غشت 2017. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وتقبل قرباته.

الأستاذ المؤطر عبد السلام الشرقي

أستاذي وأستاذ جيل بكامله من الشباب،  درّسنا مادة التربية الإسلامية بسلك الثانوي بأرفود في آواخر الثمانينات وبداية التسعينات، ماذا أقول عن هذا الرجل الذي بفضله وبفضل ثلة من الرجال الرسالي والمثقف،  أبصرنا معالم طريق الفلاح والخلاص من تيه الإلحاد والفسوق والضياع.

ولد عبد السلام الشرقي بمدشر مسكر قرب مدينة وزان،  وفي سن مبكرة التحق بفضل الله ثم والديه رحمهما الله بالكتاب لحفظ القرآن الكريم والمتون،  (فانظر دور الوالدين في توجيه الإبن) ثم انتقل إلى الدراسة بالتعليم العتيق بوزان بعد امتحان من لدن الشيوخ،  وبعد ثلاث سنوات انتقل إلى ثانوية القاضي ابن العربي للتعليم الأصيل بتطوان ودرس الإعدادي والثانوي هناك،   وفي العطلة الصيفية كان يتوجه إلى قبيلة بني مستارة لتثبيت القرآن والمتون،  وهذا ما يسمى بالتخنيشة في عرف الطلبة(وهنا اغتنام العطل فيما ينفع)،   وبعد حصوله على الباكالوريا ذهب إلى فاس وسجل في الشريعة، وبعد حصوله،  على الإجازة في الشريعة سجل في السلك الثالث وكان له الشرف الكبير ان اختار له بحث : الشركة بين القانون الشرعي والقانون الوضعي،  العلامة سيدي محمد التاويل وبعد موافقته على الفصل الأول فوجئ بالتعيين الى المدينة الجميلة ارفود،  يقول حفظه الله عنها:” تلك المدينةالتحفة بطلبتها،  وطالباتها،  وأهلها،  ولا يمكن البتة أن تُنسى”،  كانت حصصه منتديات للعلم النافع والفكر الساطع،  يضع محفظته على المكتب،  ويشرع في إلقاء محاضرته الماتعة،  وكأننا في الجامعة.. ويفتح للنقاش الحر أبوابا واسعة،  ويناقش المخالف والمعارض بهدوء وعمق فكر،  ثم انتقل إلى مدينة بلقصيري التي كان يطلق عليها المستعمر :مدينة باريز الصغرى …يتابع أحوال تلامذته إلى الآن ويسأل عنهم،  وكان يتفقد أحوالنا؛  مرضت بضعة أيام وأنا أدرس عنده،  فزارني بصحبة صهري الأستاذ لحسن جكاني،  وكان يحفزنا جدا على قراءة الكتب،  ويذكر بحنين عميق مرحلة التدريس بأرفود في الثمانينات من القرن الماضي،  حيث كانت مرحلة التدافع الأخير بين الماركسية والفكر الإسلامي الحر،  وكانت النقاشات حامية الوطيس داخل القسم بحرارتها المعهودة،  لقد أخبرني حفظه الله أن فوجا سابقا – وكان من أفراده الأخ الصديق عبد اللطيف الطايف-؛  دفعه دفعا لملاحقة الوقائع والمستجدات باقتناء الجرائد اليومية ومطالعتها للدخول إلى القسم مسلحا بمعطيات الواقع ومستجداته، حفظه الله وجزاه عنا وعن جيلنا وعن الأمة كل خير..

الدكتورة أمينة سعدي

إذا كان للرجال نصيب من النساء في حياتهم، بدءا بالأم فالأخوات فالزوجات، والخالات والعمات وغيرهن،  فلهم أيضا نصيب من المعلمات والمربيات والأستاذات، والعالمات،  رزقت والدة مثقفة وباذلة،  و6خالات، و4أخوات، وعمات وجدة أحاطوني بكل العطف والحنان؛ لقد منحني القدر من عطفهن واحتضانهن،  ورعايتهن الشيء الكثير؛  ومنهن؛ أستاذتي الفاضلة أمينة سعدي :

√ أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية/جامعة القاضي عياض بمراكش في الشعبة الدراسات الإسلامية/تخصص:الفقه وأصوله.

√من بلدة تنجداد، جنوب شرق المغرب، وفيها تلقت تعليمها .

√حاصلة على الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة المولى إسماعيل،  كلية الآداب والعلوم الإنسانيه بمكناس بميزة حسن جدا.

√حاصلة على دبلوم الدراسات المعمقة والدراسات العليا (الماجستير) ودكتوراه الدولة في “أصول الفقه” من جامعة محمد الخامس،  كلية الآداب والعلوم الإنسانيه بالرباط بميزة حسن جدا.

√ عملت أستاذة ل”فقه الحديث” و”الفكر الاسلامي” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية،  جامعة المولى إسماعيل بمكناس، إبتداء من السنة الجامعية 1993م/1994م إلى غاية الموسم الجامعي 1999م/2000م.

√ تعمل حاليا أستاذة ل”أصول الفقه” و”فقه الحديث” و”التفسير” بكلية الآداب والعلوم الإنسانيه جامعة القاضي عياض بمراكش.

√ عضو مؤسس أو مشارك في التصور والتسيير لوحدات تكوين ولمجموعات بحث.

√ ساهمت بصفة مشرفة أو فاحصة أومناقشة،  لعشرات الأطاريح الجامعية والبحوث العلمية في مختلف الجامعات والمراكز العلمية بالمغرب.

√ لها أنشطة للخبرة والتقويم في التحكيم لعدة مجلات ومختبرات وكليات.

√ شاركت في تنظيم عديد من التظاهرات العلمية الوطنية والدولية،  وأشرفت على بعض منها.(ندوات،  أيام دراسية،  موائد مستديرة)..

√ لها بحوث في مجال “التعليل” و”مقاصد الشريعة” وفي “علم أصول الفقه” والتجديد فيه،  وفي بعض القضايا المعاصرة،  شاركت بها في لقاءات علمية مختلفة في المؤسسات الجامعية والمراكز العلمية وغيرها وبعضها طبع.

الأستاذة الأصولية، والفقيهة المقاصدية أمينة سعدي؛  صاحبة النظر المجدد لعلم أصول الفقه،  حضيت بإشرافها على بحثي للإجازة وسلكتني ومجموعة من زملائي،  في مشروع علمي يتعلق بتعليل الأحكام في السنة النبوية،  فاكتسبنا بهذا الإشراف والتوجيه مهارة ربط الأحكام الشرعية بعللها بمنهج أصولي دقيق، وتابعت أعمالنا بروح الأمومة العلمية،  فاستفدنا من خلقها العالي؛  طيبة وإحسانا، ومن علمها؛  المنهج الاستقرائي والمنهج التحليلي،  والمنهج التعليلي في التعاطي مع أحكام الشريعة فتلقينا التكوين المقاصدي من جذوره المصدرية وهي السنة النبوية من كتاب صحيح البخاري بشرح عمدة القاري لبدر الدين العيني؛  وعرف عنها تنظيم محاضراتها بإحكام. وبذلها الجهد لإفهام طلبتها قضايا ومسائل الأصول، تعامل طلبتها كأبنائها؛ تنصت لأسئلتهم،  وتوضح مااستشكل عليهم من المعارف، وتكرمهم.  حفظها الله وبارك في علمها وفي مالها وأهلها وولدها وجزاها عنا كل خير .

د. محمد الحفظاوي

 

واضيع ذات الصلة:

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى