من إنجازات المسلمين في رمضان 2| الأندلس مركز إشعاع حضاري على العالم

يحفل تاريخ المسلمين بإنجازات حضارية تمت في شهر رمضان الكريم لازالت بادية للعيان؛ يشهد بعضها على عبقريتهم ورقيهم، ويدلل البعض الأخر على حيازتهم قصب السبق في مجالات معرفية متعددة، حتى سارت بها الركبان كما يقال.

وكان عطاء المسلمين في شهر رمضان مضرب مثل على القدرة على بين العمل والإبداع من جهة، وأداء الشعائر التعبدية من جهة أخرى، فلم يعرف عنهم فتور بسبب الصيام والقيام، بكل كان حافزا لهم في درب الجود والعطاء.

ولا ينحصر رصد “سلسلة إنجازات المسلمين في رمضان” على إيراد الملاحم التي يشتهر بها شكر رمضان، بل يمتد إلى سرد الانجازات في مناحي متعددة، حتى لا يحسب على هذا الشهر أن شهر الغزوات والمعارك الكبرى فقط وإنما فيه عطاءات في العلم والمعرفة والتقنيات.

يعد فتح الأندلس على يد القائد المغربي الفذ طارق بن زياد من أهم الانجازات التي تحققت في رمضان، وبهذا الفتح نقل المسلمون بلاد الأندلس من التخلف والجهل إلى نور العلم وحضارة الإسلام، فصارت الأندلس رمزا لحضارة الإسلام.

ففي الأول من رمضان عام 91هـ، الموافق 710م، نزل القائد المسلم طريف بن مالك الأمازيغي مع مجموعة من الجنود إلى الشاطئ الجنوبي للأندلس (إسبانيا حاليا)، في خطوة استكشافية مهدت للفتح الأندلس لاحقا.

وبحسب ما يحكي صاحب كتاب “قصة الأندلس” راغب السرحاني فقد “قام طريف بدراسة منطقة الأندلس الجنوبية التي سينزل فيها الجيش الإسلامي بعد ذلك، (وقد عرفت هذه الجزيرة فيما بعد باسم هذا القائد فسميت جزيرة طريف)، ثم عاد بعد انتهائه منها إلى موسى بن نصير وشرح له ما رآه”.

وفي رمضان الموالي، وتحديدا 19 يوليوز 711 الموافق 28 رمضان 92 للهجرة، قام جيش طارق بن زياد بفتح بلاد الأندلس بعد نزال شديد مع جيش الروم بقيادة “روزريق” أو “لذريق”‎ الحاكم آنذاك للأندلس، بعد أن قال طارق مقولته الشهيرة “البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر”.

لقد كان القادة والكتاب والمؤلفون والحرفيون يجعلون شهر رمضان بداية لغزواتهم وكتاباتهم وإبداعاتهم تيمنا بهذا الشهر الفضيل، واقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي خاض ملاحم كبرى في هذا الشهر الكريم مثل غزوة بدر وفتح مكة..

ويقول المورخ علي الصلابي إن فكرة فتح الجزيرة الأيبيريَّة قديمة تمتد إلى أيام الخليفة الراشد عثمان بن عفان، فقد كان عقبة بن نافع الفهري يفكر في اجتياز المضيق إلى إسبانية لو استطاع، وسبق للمسلمين نشاط على شواطئ إسبانية الشرقية وبعض الجزر القريبة منها، وهي مَيورْقة ومَنورقة، واليابسة.

يقول المؤرخ محمود شيت خطاب “كان فتح الأندلس، نتيجة طبيعية لتمام فتح المغرب، لأن الأندلس هو الجناح الغربي للمغرب، ولأن الأندلس كان المجال الحيوي للفتح الإسلامي بعد إنجاز فتح المغرب الإفريقي، وقد استمر التواجد الإسلامي بالأندلس لمدة ثمانية قرون.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى