التنظيم الفعال …حينما نفقد البوصلة – عبد الرحيم مفكير
أغلب التنظيمات السياسية والنقابية والمدنية، تقوم بعملية جلد الذات وتبالغ في ذلك، وتلقي اللائمة على المسيرين والذين هم في حقيقة أمرهم إفراز طبيعي للعملية الانتخابية. وهذا الجلد له أبعاد نفسية واجتماعية ومؤسساتية.
الانتصار للديمقراطية:
إن من مقتضيات أي تنظيم ديمقراطي يحترم نفسه اعتماد آليات التدبير التشاركي، والحكامة في التسيير، وحسن تدبير الاختلاف، والنقد البناء، وعدم شخصنة القضايا، والانتصار للفكرة، واحترام نتائج الانتخابات، واعتماد التوافق بعد النقاش الموضوعي، أو اللجوء للتصويت في حالة عدم الحسم. وكل هذا في عمومه متفق عليه بين جميع الأطياف، وتسطر له القوانين والمقررات التنظيمية والمراسيم والمواثيق.
تحمل المسؤولية:
إن أغلب ما يسمى ب “نقط النظام” والتعقيبات تكون سهاما للنقد وتصفية الحساب، ولعل التنظيمات ما زالت تعيش مرحلة التمارين الديمقراطية في إدارة الاختلاف والحكامة. وتجد الأعضاء المسيرين هم أشد شراسة من غيرهم، بالرغم من مسؤوليتهم على تدبير المرحلة. ويكون الضحية الأول المسير للمكتب المجالي أو الجهوي أو الوطني.وكأن باقي الأعضاء يريدون تبرئة أنفسهم من ضعف الأداء، وعدم قدرتهم على تنزيل المشاريع والبرامج، وإخفاقهم في التواصل مع المخاطبين، وتأثرهم بانتقادات المحيط لاسيما من طرف ” حزب الكنبة”. والقيادة الحقيقية تقف على الاختلالات، وتحدد نقاط الضعف لتجاوزها، ونقاط القوة لتطويرها، وتشتغل برؤية مستقبلية تستوعب واقعها، وتنزل المشاريع وفق مخطط استراتيجي بتوجهات واضحة ومؤشرات دقيقة.
غياب الرؤية والتوجه الاستراتيجي:
إن أي غياب للرؤية والرسالة والتوجه الاستراتيجي من شأنه إضعاف العمل، وخلق كائنات تعيش حالة من الروتين التنظيمي وبؤس التقليد في التدبير، وضعف الحكامة. مما يفقد التظيم الفاعلية والنجاعة ويغيب التقويم وحسن التتبع.
اليوم الحاجة كبيرة إلى إنتاج وإحداث آليات عمل جديدة مبنية على مخططات دقيقة، وتوجهات ومؤشرات من شأنها تقييم العمل وقياس الأثر. والقيام بتطوير الفعل التغييري باعتماد دراسات علمية ونفسية واجتماعية، وحصر مطالب وحاجيات المستهدفين.وتطوير العمل الإداري والتواصلي والاستراتيجي.
التمسك بالمبادئ والانتصار للحقوق، وحسن التدبير:
إن محاسبة العاملين يكون وفق ما تم التعاقد بشأنه لتحديد المسؤوليات، ومعرفة الإخفاقات ومجالاتها، وتطوير الأداء، وعدم الاقتصار على آليات بعينه، بقدر ما يتم البحث في آليات جديدة أكثر فعالية ونجاعة.
والبوصلة المحددة للعمل وتطويره، تبنى على رؤية ورسالة وتوجه ومخططات استراتيجية، ومؤشرات، وآليات للتتبع والتقييم، والعمل بالملفات. وعدم وجود عاطلين داخل التنظيم. وكل نجاح أو إخفاق فهو جماعي ولا ينسب لشخص بعينه.
إن التنظيم الناجع والعمل الفعال هو نتيجة الآليات السابقة، والإيمان بالقضايا والمبادئ، والرؤية، والرسالية، وعدم مركزية الزعيم.
إن المصداقية يكتسبها التنظيم من الفعل الجاد، والصدق في النية والقول والفعل والتنظيم، وتحقيق المصلحة العامة، ورفض الكائنات الانتهازية، والوصولية، ومحاربة كل أشكال الفساد والغش، والتحايل، والعمل بشفافية ووضوح، وربط المسؤولية بالمحاسبة، واعتماد النقد الذاتي (لا جلد الذات) والموضوعي، وحسن التواصل، واعتماد الحكامة الجيدة، والعمل بالبرامج، واستثمار الثورة الرقمية، والجاهزية، والجندية، والتفاني في العمل والانتصار للمبادئ ، وعدم الإتكالية، والانتظارية، وغيرها من السلبيات، وإشاعة النفس الإيجابي، وتحديد المسؤوليات بدقة، وعقد لقاءات للتتبع والتقويم والتجويد والتحسين والتطوير.