خبراء يقاربون تدبير الموارد المائية بالمغرب ودور المجتمع المدني في ترشيد الاستهلاك

نظم قسم العمل المدني لحركة التوحيد والاصلاح جهة الشمال الغربي الندوة الافتتاحية للحملة التحسيسية حول قضية ندرة المياه تحت شعار :”تدبير الموارد المائية بالمغرب: الواقع والآفاق”، يوم السبت 28 ماي 2022.

وقارب المتدخلون في الندوة الموضوع من نواحي متعددة، دينية واقتصادية واجتماعية، وهكذا، أوضح الدكتور مصطفى قرطاح أن القران الكريم نبه الانسان في حالة لو لم يجد الماء قال تعالى :”قل أراتيم إن أصبح ماءكم فمن يأتيكم بماء معين”، وهي تبينهات يتخذها أولو الألباب في كيفية التصرف في النعمة قبل ان تصبح وسيلة للتذبير والبطر، كما نبه لمخاطر الاسراف فقال :”وكولوا واشربوا ولا تسرفوا”.

ومضت السنة في نفس السياق حيث أكدت على اهمية الاستثمار في الماء كمادة استراتيجية ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم  كان المسلمون يشترون الماء من يهودي في المدينة فندب الرسول لعثمان بأن يشتري البئر، فكان أول ملمح في استثمار الماء كوقف حيث أصبح مجالا مفتوحا للمسلمين للاستثمار فيه، ونجد في المغرب الكثير من الأوقاف المائية توضع حيث يحتاجها الناس في الأسواق والطرقات وغيرها.

وأكد قرطاح على ضرورة ضبط السلوك الفردي في التعامل مع المياه، وهو ما أكده الفقهاء حيث ضبطوا سلوك الناس في استعمال الماء من خلال كراهية تبذيره في الوضوء والغسل.

من جهته استعرض المهندس عبد اللطيف سودو المخطط الاستراتيجي للماء 2020 – 2050، والذي أخذه النموذج التنموي الجديد ذ بعين الاعتبار لأهمية الأمن المائي في بلدنا، مضيفا أن للمغرب رصيد مهم من المنشآت ومنجزات مائية من سدود ومحطات تحلية المياه والآبار ما جعل لدينا تعميم الماء في المدن بنسبة 100 % وفي العالم القروي 97 %، بالإضافة إلى وكالات الحوض المائي المكلفة بالتخطيط والتقييم وتدبير للماء، وشرطة الماء التي تقوم على ردع المخالفات في المجال المائي.

وأشار سودو إلى توفر المغرب على استراتيجية لتحلية مياه البحر في أكبر المدن المغربية والتي انطلقت في بعض المدن، مؤكدا على أن المغرب ينتبه للإكراهات التي لديه ويقوم بوضع مقترحات واضحة ل30 سنة المقبلة.

وللحديث عن السياسة المائية بالمغرب، أوضح المهندس لحسن الحسناوي أن من إيجابيات وضعية المياه في بلادنا أن جميع منابع ومصبات الأنهار موجودة داخل الوطن، مشيرا إلى أهمية السدود التي حافظت على الماء لسنين طويلة، مؤكدا على التطور الذي شهدته السياسة المائية باعتبار أن المغرب بلد فلاحي بدرجة كبيرة .

والإيجابية الأخرى يقول الحسناوي هو توفرنا على قانون الماء 10.95 والذي تم تعديله بالقانون 36.15، كما أن المغرب لديه مواصفات المياه على حسب الاستعمال: مياه الشرب، والري، والصرف الصحي، بالإضافة للمياه المعالجة والتي يمكن أن يتم استغلالها في السقي والفلاحة أيضا.

من جانبه نوه المهندس نور الدين لشهب بدور المجتمع المدني في التحسيس بأهمية ترشيد استهلاك الماء والمحافظة على الموارد المائية، معتبرا أن المياه عامل أساسي في الاستقرار واستدامة المحيط، مؤكدا على ضورة أن نرى الموضوع في بعده الدولي أيضا ونحن نتكلم عن ندرة المياه.

وأضاف لشهب أن التدين ليس هو علاقة الشخص ب”الجامع” وإنما هو تفاعله مع الدوائر الثلاث: مع الخالق، ومع نفسه ومع المخلوقات والتي من خلالها تظهر أفعاله، فالحديث عن أهمية المياه تجعلنا نتفكر في كيفية تنمية موارد المياه من أجل الحرص على التوازن باعتباره عنوان للاستدامة والاستقرار، توازن بين الموارد المائية وبين فعل الإنسان لكيلا نصل لإشكالات وفروقات وتوترات قد تكون كارثية.

وأكد على ضرورة رؤية مسالة ترشيد استهلاك الماء عالميا واقتصاديا ودينيا وثقافيا، والمجتمع المدني فاعل في تشكيل رؤية العالم الذي يؤطر علاقة الإنسان بالماء، للخروج من البعد الضيق من الزمن، ووضوح هذه الرؤية تظهر ان المجتمع المدني فاعل أساسي في احلال هذا الاستقرار وهذا التوازن.

فبخصوص المقاربة الثقافية والاجتماعية، أكد المتحدث أن الماء ملك للجميع والذي أصبح خطاب كثير من الحركات الاجتماعية في العديد من الدول حيث لا بد أن يبق الحق في الحصول إلى الماء مستمرا، في حين أن المقاربة الاقتصادية في التعامل مع الماء تقول بتثمين الماء (أي وضع ثمن له) وهو ما يشكل تحد كبير حيث لن يصل الماء إلا لمن لديه المال فقط، مع أن الكثير من الأنشطة الاقتصادية مرتبطة بالماء، مشيرا إلى أن هناك اشتغال ليصبح الماء سلعة وهو أمر خطير جدا.

من جهة أخرى، اعتبر لشهب أن 80 في المئة من استعمالات الماء ليست للشرب وإنما تستعمل للفلاحة، وهنا لا بد أن يكون لدينا اختيارات استراتيجية عن كيفية استعمال الماء، ولا بد من النظر لبعض الزراعات حيث يضيع الماء في استهلاكات أخرى عشوائية.

وأوضح لشهب أن من أعمال المجتمع المدني في هذا المجال هو التأثير والتدريب والترافع والوساطة مشيرا إلى وجود ضعف في تأطير المجتمع في ما يتعلق بالماء، مقترحا أن يقوم المجتمع المدني بالتحسيس في الاستثمار في الوقف وذلك بأن نقوم باكتتابات لإقامة مشاريع كبناء السدود مثلا كما فعلنا لبناء مسجد الحسن الثاني، بحيث تكون أوقاف وطنية من تمويل المواطنين.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى