استشارة: رعاية كبار السن في رمضان

سؤال:

رب أسرة يسأل: أعيش مع أبي وأمي وهما كبيرين في السن، ولدي عملي الخاص أقوم به في النهار وأحاول انا وزوجتي الاعتناء بهما على قدر المستطاع. ما التوجيه الذي تنصحونني به للقيام بواجبي تجاههما خلال شهر رمضان خاصة. وما النصيحة التي يمكن أن نوجهها لكل من في بيته رجل او امرأة من كبار السن؟؟

تجيب عنها الأستاذة صالحة بولقجام:

إن رعاية الوالدين تدخل في إطار الواجبات الشرعية لقوله تعالى :”فإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما“، كما أن هناك نصوص كثيرة جدا في القران وفي السنة النبوية وفي سير  الصالحين تحث حثا على هذا الواجب الشرعي الثابت بنصوص الكتاب ورعاية الوالدين .

فالعيش مع الوالدين في ييت واحد هو أمر يقتضي رعايتهما والقيام بالواجب كما ينبغي فاذا كان الابن في بيته وأحد أبويه او كلاهما معه فيقتضي رعايتهما خاصة مع التقدم في السن، فالكبار لهم مجموعة من الخصوصيات تقتضي الانتباه لها ومراعاتها بعد أن أفنيا شبابهما ومالهما من أجل أن يكبر الأبناء ويشتد عودهم، وبالتالي أن نرد الجميل او شيئا من الجميل لأن الأبناء لن يقدروا أن يفوا بما قاما به ولكن واجب البر يقتضي القيام بالرعاية بل التفنن في رعايتهما بأن يصل الإنسان إلى مستوى عال جدا ويبذل قصارى جهده من أجل رعايتهما.

وإذا كان الوالدين عند ابنتهما فعلى زوجها أن يراعي هذا الأمر ويساعدها على القيام بهذا الواجب قدر الإمكان من باب المساعدة، والتعاون فيها يدخل في باب القيم الإسلامية الكبرى، فالحرص على رعاية الناس بشكل عام وفعل الخير ونشر تطويد أواصر المحبة حيث نبحث عن الأجر في جميع أبوابه فهذا باب كبير من الأبواب التي فتحت لكي ينال بها الانسان الأجر ويدخل بها الجنة، سواء كان زوج البنت التي ترعى والديها أو زوجة الابن الذي يراعي والديه، فلا بد هنا من الصبر والمساعدة والتعاون على أداء هذه المهام النبيلة حتى تمر الأمور بشكل جيد.

فهؤلاء الوالدين سيأتي يوم ويتوفوا ولن نجد هذا المعروف وننال هذا الاجر، ومن الأمور الهامة جدا ان الدعاء خاصة من الوالدين مهم جدا للإنسان سيأت يوم وينقطع هذا الحبل، ولهذا علينا أن نحرص على اغتنام الفرصة مازالوا أحياء بيننا بالتمتع بدعائهما وابتسامتهما وبتجربتهما وخبرتهما وبحضنهما وبدعائهما، فنحن في مجتمع مسلم الأصل أن نكون هكذا مجتمعا متعاونا متفهما يؤدي واجباته تجاه الكبار بما يقتضيه وما حثه علينا شرعنا الكريم.

وفي أغلب الأحيان يكون الوالدين قد فقدوا أكثر صحتهم فعلينا ان نقوم بإخراجهم للفسحة في أماكن هادئة وإبعاد الأطفال عنهم لكي لا ينزعجوا والانتباه لأوقات راحتهم وأوقات دوائهم ورعاية المشاعر الدقيقة لهم والنظر لهم بالابتسامة، كما لا ينبغي أن نكثر الشكوى أمامهم لأن ولا أن يكون الخصام بين الأبناء امامهم لأنه نؤلمهم.

وفي شهر رمضان الأمر يحتاج إلى جهد أكبر لأن الأجور مضاعفة والرعاية أجرها سيتضاعف، فالبر بالوالدين هو أسمى مهمة يقوم بها الانسان في رمضان وخارج رمضان، والقيام بهذه المهمة النبيلة سيضاعف الأجور كثيرا جدا، وأُلح على أن تدبير الامر الرعاية بين الابن وزوجته مهم جدا وإذا كانت هناك إشكالات لا بد من تدبيرها بعيدا عنهما، وإن كانت للزوجة انشغالات كثيرة وغير قادرة على الرعاية ينبغي توفير مساعدة تساعدها في رعايتهما وفي حالة العجز الصحي لا بد من الانتباه ان الرعاية هنا يجب ان يقوم بها الابناء والا توكل للآخرين.

ومن القيم الأساسية التي يجب أن تنتشر في المجتمع ان رعاية الكبار هي أمر مهم جدا وإعادة الاعتبار لما يسمى بالأسرة الممتدة، فهذا له أهمية كبيرة جدا بدل وضع الآباء في دور العجزة كما هو شائع في بلدان أخرى، وبدأ ينتشر حتى في بلداننا للأسف الشديد، فهؤلاء الآباء وجودهم مع أبنائهم هو مهم للغاية لما لهم من خبرة وتجربة يفيدون بها الأجيال الباقية، ووجودهم مع الأحفاد مهم جدا أفضل من وجود مساعدة غير مختصة في الرعاية، وبالتالي ينبغي أن نشتغل على الاهتمام بالأسرة الممتدة في الاعلام والصحافة والأسرة والتعليم في مجالات متعددة نظرا لأهمية هذه الاسرة.

وعلينا الانتباه إلى أن كبار السن يكون لديهم حساسية كبيرة ولا يحبون أن نفضل عليهم أحد، فبالتالي لا بد من رعاية هذه المشاعر وأن تكون مشاعرهم تشبه الطفولة، فمشاعر التعب والقلق سهلة لديهم بسبب بعض الأشياء نقوم بها ولا ننتبه لها، وبالتالي لا بد من مراعاة مشاعرهما وحالتها النفسية بشكل كبير جدا:

  • تفادي ما يؤديهما كالمشاكل بين الابن وزوجته أو الابنة وزوجها
  • الحفاظ على حالة نفسية إيجابية أمامها
  • وعدم ضرب الأبناء امامهما أو الصراخ عليهما لانهما يتأثران شديد التأثر لحبهما الكبير للأحفاد
  • الحرص على تلبية طلباتهما ما امكن خاصة إذا كانت بسيطة وهينة
  • الحرص على التعبير لهما عن الحب بالابتسامة والنظرة وإلقاء التحية والسؤال عليهما واستشارتهما حتى وإن كانت أمور لا يفهمان فيهما نأخذ برأيهما، عدم الخوض معهما في الجدال ولا نرغمهما على شيء إرغاما.
  • رفع مقامهما (نكبر بيهم) ونعطيهم المكانة اللائقة بهم السلام عليهم في الصباح والمساء قبل النوم مع مراعاة شديدة لمشاعرهما.
  • وعلى الأبناء كلهم التعاون في رعاية ابويهما بدل ترك المهمة لاحد الاخوة فقط خاصة اذا كانت ظروفه المادية متوسطة، ويوزعون المهام في الرعاية كل يقوم بدروه وواجبه بشكل مختلف فعليهم ان يدركوا ان امر رعاية الإباء واجب عليهم جميعا وكلهم مطالبون بذلك، وان كان احد الابوين عاجزا فلا بد من توفير الرعاية الخاصة له.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى