البراهمي: الإسهام في حماية مؤسسة الأسرة إسهام في استقرار المجتمع وتماسكه وأدائه لوظائفه الأساسية

أكد الدكتور محمد البراهمي مسؤول قسم الدعوة المركزي، أن مؤسسة الأسرة هي أولى المؤسسات في المجتمع وأهمها التي تسهم في بناء الإنسان والتربية على القيم والتنشئة عليها ولا أدل على ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه”، وعلى اعتبار أنها المؤسسة الضامنة لانتقال القيم وتوارثها بين الأجيال، والمؤسسة التي وجدت مع وجود الإنسان فمن آيات الله عز وجل في هذا الكون أن الله سبحانه بدأ الخلق بمؤسسة ولم يبدا بفرد أو أفراد متفرقين وكان قادر على ذلك، حيث شاءت إرادته وقدرته وحكمته أن تكون أول مؤسسة في هذا الوجود هي مؤسسة الأسرة مما يدل على أهميتها ومكانتها وعلى الأدوار التي يمكن أن تقوم بها في المجتمع.

وأضاف البراهمي في كلمته في الندوة الافتتاحية التي نظمتها حركة التوحيد والإصلاح لإطلاق حملة “أسرنا مسؤوليتنا”، أن مؤسسة الأسرة حظيت في التشريع بكتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكبر اهتمام مقارنة بباقي المؤسسات، ولعل إطلالة خاطفة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله تثبت الحجم التشريعي في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله على أهمية هاته المؤسسة وعلى مكانتها والمساحة الكبيرة التي حازتها ضمن تشريعات الإسلام وأحكامه وتوجيهاته سواء الأحكام المتعلقة بالحقوق المرتبطة بأفراد الأسرة أو تعلق الأمر بالقيم الموجهة والمؤطرة للعلاقات الأسرية وكذلك لوظيفتها ومهمتها في هذا الوجود.

إقرأ أيضا: شيخي يحذر من تراجع أدوار الأسرة لفائدة فاعلين آخرين ويدعو إلى إشاعة ثقافة المسؤولية

وأشار البراهمي أن مؤسسة الأسرة للأسف الشديد فقدت الكثير من وظائفها عبر التاريخ حيث كانت مؤسسة اقتصادية وسياسية وكانت تقوم بالكثير من الأدوار في المجتمع إلا أنها فقدت الكثير من الأدوار الاجتماعية الأساسية، وأصبحت تتنازل عنها لصالح مؤسسات أخرى، وأصبحت تتحول بشكل تدريجي إلى وحدة لإنتاج البشر فقط أو وحدة يجمع أفرادها مسكن واحد يؤدون وظيفة اجتماعية في المجتمع، أو مؤسسة يربط بين أفرادها مصالح وحقوق تعاقدية ويغزوها منطق الفردانية، فتحولت العلاقات الأسرية من علاقات تراحمية وتحولت المناسبات الاجتماعية الأسرية كذلك من مناسبات تراحمية إلى مناسبات تعاقدية ولحظات تعاقدية، ومن منطق التراحم إلى مناطق التعاقد ومنطق النزاع والصراع والمطالبة بالحقوق الفئوية وغير ذلك من المظاهر التي أصبحنا نلاحظها ونشاهدها في واقع المجتمعات بصفة عامة وفي واقع مجتمعنا المغربي، مما ساهم في تفكك بنية الأسرة وظهور الكثير من الأعراض التي تثبت هذا التفكك ومنها نسبة الطلاق المرتفعة التي أصبحت تسجلها المحاكم الأسرية، وحالات العزوف عن الزواج، وحالات العنف ضد الأصول، والصراع والتخلي عن الآباء، وإن كانت محدودة ولكنها ظاهرة شاذة عن المجتمع المغربي الذي يتسم بأخلاق أسرية وأخلاق عائلية، وهو ما يدلل على  وجود مشكل حقيقي في واقع الأسرة المغربية ينبغي أن يراعى وأن توقظ الوظيفة التي ينبغي أن تقوم بها كافة المؤسسات التي تسهم في الحد من هاته الظواهر، ومن الاثار التي أصبحت تظهر للأسف هو الخلل في مقاربة هاته الظواهر حيث بدل التركيز على الأسباب الأساسية يتم التوجه الى الأعراض والإعراض عن جوهر المشكل حيث نلاحظ ونتابع أن هناك مطالبات لسن قوانين لحماية حقوق الأطفال والنساء والعجزة إلى غير ذلك، ورغم أهميتها والدور الإيجابي الذي يمكن أن تسهم فيه لحماية حقوق هذه الفئات إلا أن الإغفال عن جوهر المشكل الحقيقي المتمثل في الأسرة يؤدي إلى استفحال هاته الظواهر لأن هاته الفئات لا يمكن أن تجد حقوقها ولا أن تضمن مصالحها إلا في ظل مؤسسة الأسرة فإذا ضعفت هذه المؤسسة وقلت المسؤولية في أفرادها يمكن أن تظهر هذه المشاكل في الواقع الاجتماعي الذي نعيش فيه.

وأوضح مسؤول قسم الدعوة أن هاته الحملة هي جزء من المشروع الذي تبنته الحركة، من أجل الاسهام في التحسيس بأهمية الأسرة والإسهام في التحسيس بوظائفها الأساسية والإسهام بأهمية القيم التي يجب أن تسود في المؤسسة والإسهام كذلك بحمايتها وهو ما يسهم في استقرار المجتمع وتماسكه وانسجامه وأدائه لوظائفه الأساسية، وبالتحسيس بأهمية المسؤولية الأسرية التي هي مسؤولية مشتركة بين مختلف مكونات الأسرة أبا وأما وأجداد وأبناء وأحفاد كلهم يتحملون جزء من المسؤولية، وهي ممتدة لمختلف مكونات المجتمع ولمختلف مؤسسات المجتمع والدولة، أي أنها مسؤولية مشتركة ولذلك جعلت الحركة لحملتها شعار المسؤولية انطلاقا من حديث رسول الله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، على اعتبار أنها من أعظم المسؤوليات التي سيسأل عنها الإنسان.

إقرأ أيضا: الإدريسي: علينا أن نقاوم بكل مسؤولية كل خطاب يدعو إلى الفرقة في الأسرة ويزرع الندية والصراع بين الرجل والمرأة

واعتبر البراهمي أن مؤسسة الأسرة لبنة أساسية في المجتمع لا يمكن لمؤسسة أخرى أن تؤدي وظائفها، ولعل أفضل مثال هو فترة الحجر الصحي السنة الماضية، حيث قامت الأسرة بكل الوظائف التعليمية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية نتيجة التضامن الأسري الذي كان من بين الأسباب التي خففت من حدة المشاكل التي عرفتها بعض الأسر في تلك المرحلة، وهو ما جعل الحركة تعتبر الأسرة قضيتها في هاته المرحلة، وجعلت المسؤولية قضية مركزية في الاهتمام بالأسرة، مضيفا أن قسم الدعوة أعد الكثير من الوسائط التي سوف يتم إطلاقها قريبا تشمل تسجيلات ومحاضرات وندوات وبطائق وأعمال فنية ومسابقات في المسرح والقصة القصيرة ومسابقات في الفيلم القصير وغيرها من الأعمال لإنجاح الحملة، والمجال مفتوح لكل الجهات والأقاليم والفروع للإبداع والإنتاج تبعا للتحديات والإكراهات التي تعيشها الأسرة المغربية.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى