سلسلة قراء مغاربة 3| زيد البقالي أصغر حافظ يخطف الأنظار في إفريقيا

منارات قرآنية تصدح بأصواتهم المساجد والمنتديات، ولترتيلهم تهفو القلوب، وتبتهج الأفئدة، وتشنف الأسماع، وفي كل مساراتهم تُرسم مشهديات النبوغ المغربي؛ فكأنهم أوتوا مزمارا من مزامير داود عليه السلام.
تتلألأ بهم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتجويده في أصقاع العالم، فبحضورهم تكتمل المناسبات، وتحتدم المنافسات، وتشتد التحديات، وتلك من خصالهم المشهود لهم بها منذ القدم، وتحكي عنها المنافسات في الوقت الحاضر.
إنهم قراء المملكة المغربية؛ الذين ما تباروا في منافسة إلا سطروا فيها كبرى الأساطير، يبزون أقرانهم فيظفرونهم بقوة الحفظ، وعذب الترتيل، وحصافة العقل، بهم ترتفع الإيقاعات وتتفتق المواهب الرامية إلى الصدح بكتاب الله المجيد.
أولئك أبناء اللوح والقلم، لمثلهم تنظم الأعراس القرآنية، ويطاف بهم فوق سروج الخيول في المدن والمداشر إعلاء لمكانتهم كاهل الله وخاصته. نقدمهم لكم في سلسلة تعريف بقراء مغاربة:
يقال إن: “العلم في الصغر كالنقش على الحجر”، دلالة على السرعة في التعلم والرسوخ في الحفظ، وقارئنا هذا نُقش القرآن الكريم كاملا في عقله وعمره 8 سنوات، فكأنما قدح في لبه فأحاله موهبة أبهرت لجن تحكيم.
الطفل القارئ زيد البقالي اختبرته لجنة في المسابقة الوطنية لمعهد اليقظة بسلا في دجنر الماضي فانبهرت لما وجدت فيه من قوة في استظهار آي القرآن المجيد دون أدنى تردد أو خطأ، وكأنه يقرأ كلام الله من مصحف مفتوح، فحصد الجائزة الكبرى في فرع الحفظ الكامل لفئة الصغار.
لقد استظهر ما طلبت منه اللجنة ولم يخطئ في أي ثمن الأثمان القرآنية المستظهرة، فما كان من مسير المسابقة إلا أن ذكر بقول الإمام الشاطبي – رحمه الله – «أمَّا القرآن الكريم فقد قيَّض الله له حَفَظَةً بحيث لو زِيدَ فيه حرف واحد، لأَخرجه آلافٌ من الأطفال الأصاغر فضلاً عن القرَّاء الأكابر”.
ابن مدينة سلا، استطاع كأصغر حافظ للقرآن أن يحجز له مقعدا ضمن مقاعد جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم، ولم يتردد أمام 60 ألف شخص حضور اللقاء في فبراير المنصرم بمن فيهم من الوزراء والنواب وبرلمانيين ودبلوماسيين وشخصيات مجتمعية في تنزانيا.
حفظه القوي واستضهاره الراسخ مكناه من أن يغلب قراء وفدوا من 25 دولة من مختلف قارات العالم ليشاركوا في النسخة الـ33 من الجائزة التي نظمها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بجمهورية تنزانيا ممثلا بالجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، وعدت اللجنة البقالي أصغر متسابق في المسابقة الدولية.
هو إذن مسار راح يخطه البقالي بدأ مذ وطئت قدمه ساحة الكتاتيب، وربط قلبه بالمساجد، وتوطدت علاقته مع المصحف الكريم، واجتمع له ما لم يجمع لكل الطفال من أقرانه في هذا العمر سواء تعلق الأمر بالتألق في مجال القرآن أم التفوق في مجال الدراسة.
موقع الإصلاح