هل تكفي المقاربة القانونية لحل مشكل الأسرة – عبد الحق لمهى

من القضايا المجتمعية التي يجري فيها نقاش عمومي واسع، موضوع تعديلات مدونة الأسرة المغربية.

وكما هو ملاحظ تم اتخاذ قرارات وتدابير بغية العمل على العكوف عن مدارسة أهم بنود ومواد المدونة، وفق منهجية تشاركية تقوم على التشاور العمومي والاستماع إلى مختلف آراء الفاعلين من منظمات وهيئات، بقصد التوصل إلى تجويد نصوص المدونة، بما يسهم في تجاوز مختلف الاختلالات والآثار السلبية التي خلفها تطبيق نصوصها في واقع الأسرة.

إن المنحى الغالب والأبرز في مقاربة موضوع المدونة هو المنحنى التشريعي القانون، يدل لذلك غاية المشرع المغربي من فتح هذا الورش الوطني المجتمعي الكبير، وهي العمل على تجويد النص القانوني للمدونة.

من دون شك، وكما يرى ذلك غير واحد من المهتمين بشأن الأسرة، فإن مداخل موضوع العناية بالأسرة لا يمكن قصرها في الجانب القانوني التشريعي فحسب، ولكن ثمة مداخل أخرى لمقاربة الموضوع، ومن ذلك المدخل الثقافي التربوي المرتبط أساسا بتكوين مؤسسة الأسرة، تكوينا يجعلها قادرة على التحصن ضد كل أشكال محاولة تدمير كيان الأسرة وقيمها الإسلامية الأصيلة الضامنة لاستقرارها وتماسكها.

إذا كان الأمر كذلك، حيث اقتصرت مهمة التشريع المغربي على الجوانب القانونية لمدونة الأسرة، فالذي يظهر أن مهمة المجتمع ينبغي أن تتجه نحو تفعيل المداخل الأخرى، ومنها المدخل الثقافي التربوي، بوسائل مختلفة تسهم في نماء الأسرة ورقيها، ومن ذلك:

التخطيط: معلوم من عمل نبينا محمد عليه السلام الذي تنطق به سيرته العطرة، أن حياته كانت كلها تخطيطا محكما بعيدا عن كل ارتجالية في كل مناحي حياته الفردية والجماعية، يشهد ذلك أمثلة عديدة من حياته عليه السلام.

والأمة الإسلامية إذ تروم الرقي والنماء فليس لها من بد غير أتباع نهجه وطريقه وذلك باعتماد التخطيط منهجا قويما في الحياة، من خلال بذل الجهد في وضع برنامج خاص بكل أسرة تسير عليه نحو مزيد تحصين لها من التهديدات التي تحوم حولها.

وأهم عناصر برنامج الأسرة إقامة مجلس قرآني أسري تجتمع فيه وحوله الأسرة على مائدة ومادة القرآن الكريم، تماما كما كان الحال زمن النبوة إذ عُلِم من صحيح الأحاديث اجتماع الرسول عليه السلام وصحابته الكرام في أماكن منها دار الأرقم بن أبي الأرقم حيث مدارسة القرآن الكريم،”أخرج ابن سعد عن أبي الأرقم أنه أسلم سابع سبعة، وكانت داره بمكة على الصفا وهي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في أول الإسلام، وفيها دعا الناس إلى الإسلام، وأسلم فيها قوم كثير!! وقال ليلة الإثنين فيها: «اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام»، فجاء عمر بن الخطاب من الغد بكرة فأسلم في دار الأرقم، وخرجوا منها فكبروا وطافوا البيت ظاهرين؛ ودعيت دار الأرقم (دار الإسلام)”[1]

إن من التحديات التي تعانيها الأسرة تحدي الإعلام بما فيه من سلبيات مؤثرة عليها أما إيجابياتها ففضلها عظيم، ولمجابهة سلبياته وتحصين الأسرة منها ، يبقى القرآن الكريم خير وسيلة للحفاظ على الأسرة وتقوية بنائها.

 

[1] ـ https://www.alukah.net/culture/0/89023/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D9%85-%D8%A8%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%B4%D9%8A/

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى