مسؤولية العرب والمسلمين عن موت أهل غزة بالجوع

الأخبار الواردة من غزة تفيد أن شمالها يعيش مجاعة حقيقية بعد نفاذ كميات الطحين والأرز .. والمكتب الإعلامي الحكومي بغزة يحمل الاحتلال وحلفاءه المسؤولية عن وفاة الغزيين جوعا، نتيجة الحصار المطبق المضروب على غزة وأهلها ليس فقط من جانب القوات الصهيونية ..فإن هذه القوات أجبن وأضعف من أن نكون قادرة على ذلك .

ليس فقط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية الضالعة في حرب الإبادة على غزة وعلى الشعب الفلسطيني، حيث وجدت نفسها في ورطة .. ورطة استدراج الكيان الصهيوني لها إلى مستنقع الحرب على غزة مع ما ينتج عن ذلك من سقوطها الأخلاقي، ودعوى كونها حريصة على حقوق الإنسان وعلى الديمقراطية في زمن رئيس ديمقراطي، متورط في حرب غير أخلاقية تسقط ورقة التوت التي تعري انصياعها للوبيات الصهيونية وسماعات الضغط المتحكمة في دواليب صناعة القرار الأمريكي.

ولم يقف الأمر عنذ ذلك بل إنها ضالعة في تقتيل الشعب الفلسطيني من خلال أقمارها الصناعية وإمكاناتها الاستخبارية، ومن خلال فتح خزانات سلاحها كي تكون رهن إشارة الحكومة الصهيونية والتها الحربية الإجرامية .. وهي ضالعة في الحصار المضروب على غزة وفي تنفيذ المخطط الصهيوني الذي يهدف للقضاء على شعبها، الذي يعتبر الحاضنة الأكبر للمقاومة و الذي يبدي صمودا وصبرا ومصابرة على الرغم من كل التضحيات والآلام وقوافل الشهداء التي لا تخلو منهم أسرة أو عائلة.

الحصار على غزة ومحاولة خنق مقاومتها، وخنق حاضنتها الشعبية من خلال الحصار والتجويع من أجل تركيعها وتركيع حاضنتها، هو شوط ضمن أشواط من ابتلاء لا يقوى على تحملها إلا شعب من قبيل شعب غزة.. شعب يحب الشهادة ويسترخصها من أجل دحر الاحتلال؛ شعب يصبر على الجوع لكن لا يصبر على الاحتلال ولا يساوم بلقمة طعام على حريته واستقلاله ..

تذكرنا الأخبار الواردة من غزة حول نفاذ كميات الطحين ومشتقاته، مما يمكن أن يؤدي إلى مجاعة بالحصار الظالم الذي ضرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى بني هاشم وبني عبد المطلب حين رأت قريش أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو، والأمور تتزايد فأجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة… فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد..

ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم، وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم عن ظلمنا، قالوا: أنصفت فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرا وعنادا. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب وذلك سنة عشر من بعثته صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل السير.

سيسقط الحصار الظالم المضروب على غزة. وسيحاكم التاريخ أولئك المتواطئين من بني جلدتنا من المحسوبين على ديننا وامتنا والضالعين في هذا الحصار .. وسيسقط هذا الحصار كما سقط حصار رسول الله وعشيرته… وستسقط كل الأحلاف الضالعة والمتواطئة في حصار غزة والتي تتمنى أن تمحى غزة المقاومة من الوجود. إن هذا الحصار وذلك العدوان لم يكن ممكنا لولا تواطؤ أقوام من بتي جلدتنا آلوا على أنفسهم المنافحة عن الكيان الصهيوني والتطوع لحمايته بدل دعم مقاومته.. “فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ” (المائدة الآية 52)

وكما أرسل الله الأرضة فأكلت تلك الصحيفة وما كتب عليها باستثناء باسمك اللهم، فإن الله سيهيئ من الأسباب ما به ستسقط كل أنواع الحصار ومحاولات التهجير والتخويف والتجويع .. وسيسائل التاريخ المسلمين في العالم وزعاماتهم عن الأرواح البريئة التي أزهقها عدوان الاحتلال وحصاره وتجويعه لأهل غزة ومنع وصول الماء والغذاء والدواء ضغطا على غزة كي تسلم كما سلموا..

لكن غزة ستبقى شاهدة على أن المقاومة ممكنة وتأثيرها وضرباتها موجعة، وهاهي ذي بتضحياتها ومقاومتها تحدث تحولا غير مسبوق في الضمير العالمي، ووتنتج هجرة عكسية وتسجل ملاحم جهادية وتجعل العدوان الصهيوني يترنح ” فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى