احتفاء “اليونسكو” بيوم “العربية” العالمي.. بوعلي: “الائتلاف الوطني” نجح في نقل النقاش اللغوي من إطاره النخبوي إلى المجتمعي

أطلقت منظمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي خلده العالم في 18 دجنبر من كل سنة اليوم الجمعة 17 دجنبر 2021 على موقعها الرسمي وعلى منصاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لمناقشة أهمية ودور اللغة العربية في التواصل الحضاري.

يكتسي موضوع عام 2021 “اللغة العربية والتواصل الحضاري” حسب “اليونسكو” أهميّة بالغة في كنف المجتمعات التي تتعاظم فيها العولمة والرقمنة والتعددية اللغوية، إذ يُسلّم بالطبيعة المتغيّرة للعالم والحاجة الماسة لتعزيز الحوار بين الأمم والشعوب.

وشارك في الندوة عدد من الخبراء والمختصين والأكاديميين من مختلف دول العالم، ومثل المغرب خلال ندوة بالمناسبة الدكتور فؤاد بوعلي؛ رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية للحديث عن “دور المجتمع المدني في خدمة دور تعزيز اللغة العربية في التواصل الحضاري”.

وأكد الدكتور فؤاد بوعلي في مداخلته أن اللغة العربية ليست لغة العرب أو المسلمين فقط ولكنها لغة الإنسانية، معتبرا أنه دائما عندما يصل هذا اليوم نطرح هذا السؤال ماذا ستخسر الإنسانية بفقد اللغة العربية؟ وعندما تقييم وتقويم مسار هذه اللغة وما قدمته للإنسانية من منجزات حضارية آنئذ نفهم بأن هذه اللغة فيها من الأبعاد الإنسانية والكونية والعالمية ما يمنحها القوة للاستمرار والتعبير عن وجدان الإنسانية.

وأشار  بوعلي إلى أن موضوع التواصل الحضاري يمنحنا قوة ننفتح من خلالها على فهمنا الحقيقي لقيمة هذه اللغة، فإذا كان التواصل الحضاري وسيلة لاستيعاب منجزات الآخرين للتعرف على معارفهم وإمكاناتهم الثقافية للانفتاح على الثقافات والحوار مع الآخر واستيعابه والتعرف عليه، فإن اللغة العربية طالما فهمت بأنها تفرخ التشدد والتطرف وتفرخ كل القيم السلبية في المجتمع فإن هذه اللغة تمكننا من الانفتاح على الآخر ومعرفة الآخر ومجموعة من المستويات مثلا فيها المستوى اللغوي في حد ذاته أو المستوى الثقافي أو المستوى الحضاري..

ولعل التجارب التاريخية – يضيف بوعلي – “سواء التجربة المشرقية أو التجربة الأندلسية هنا في المنطقة المغاربية تعطينا كيف استطاعت هذه اللغة أن تستوعب الثقافات المختلفة.. في التجربة الأندلسية مثلا أعطتنا صورة مثلى لهذا التعدد وهذا التسامح الهوياتي الذي كانت اللغة العربية هي اللغة الرسمية ولغة التواصل العلمي والمعرفي أو كما نسميها الآن باللغة العالمة.. في هذه التجربة التاريخية أو في التجارب الحضارية المختلفة نجد اللغة وسيلة للتواصل المعرفي والانفتاح على الآخر”.

وأوضح رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية أنه عندما نتحدث عن المجتمع المدني فإن أهم ميزة قدمها المجتمع المدني والائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب  -باعتباره أهم هذه الفعاليات بل في حد ذاته هو تشكيلة وتنسيقية تجمع مختلف الجمعيات الأهلية والمؤسسات العلمية التي تهتم باللغة العربية وتعتبرها جزءا أصيلا من مكونات المجتمع المغربي- هي نقل النقاش اللغوي من إطاره النخبوي إلى إطاره المجتمعي، بمعنى ألا تغدو وألا تنحصر اللغة العربية في إطار نخبوي علمي أكاديمي أو في الأبراج العاجية كما نقول للنخبة الأكاديمية، بل أن تغدو هي ظاهرة المجتمع وهي نقاشه وأن يشارك بكل أطيافه من الفلاح إلى العامل إلى المفكر إلى الأستاذ إلى السياسي في النقاش اللغوي، لأن اللغة العربية هي لغة المجتمع قبل أن تكون هي لغة المعرفة أو لغة العلم.

وأضاف بوعلي أن هذا المجتمع المدني من أهم عناصر التميز التي يمكن أن يضيفها في هذا الموضوع تشجيع الانفتاح على الثقافات الأخرى من خلال تعليم العربية للناطقين بغيرها، والائتلاف الوطني بادر إلى مجموعة من المشاريع لتسهيل هذه اللغة لمختلف الثقافات في شرق آسيا وفي أوربا وإفريقيا من خلال مشاريع وبرامج مختلفة. لكن أهمها هي رؤية جديدة لموقع اللغة العربية في التعدد الهوياتي.

واستحضر رئيس الائتلاف في شرحه لهذه النقطة في أن زمن النقاء اللغوي أو الهوياتي قد مر وقد انقضى ولم نعد نجد الآن في أي دولة وفي أي شعب نقاء وطهارة وأحادية لغوية، بل أن هناك تعددا لغويا وهوياتيا وثقافيا، ولذلك فأهم ما نقدمه في هذه الرؤية الجديدة هي التواصل واعتبار اللغة العربية هي لغة جامعة، لكن ليست هي اللغة الوحيدة باعتبار الهوية التي تفرزها هذه اللغة والثقافة التي تعبر عنها هذه اللغة هي من بين الثقافات المشكلة للشعوب الناطقة باللغة العربية. “ولذلك من باب قناعة الائتلاف بالتعدد الهوياتي واللغوي أعتقد أننا نسير على درب التواصل الحضاري من نقط أهمها محاربة الاحتراب الهوياتي”-يضيف بوعلي-.

وواصل بوعلي حديثه بأن الائتلاف استطاع كذلك ومعه المجتمع المدني على الأقل في هذه المنطقة والإقليم المغربي من خلال أنشطة إشعاعية في مختلف الميادين ومختلف المعارف إلى إدارة تعاون مع مختلف الهيئات والمؤسسات التي تمثل لغات وثقافات مختلفة.

وخلص الدكتور فؤاد بوعلي بأن الائتلاف يعتقد أن تدبير التواصل الحضاري من خلال اللغة العربية نسائل الذات اللغوية والعربية والثقافية في مدى ما نحققه من أجل الاندماج بفعالية في مختلف البيئات، فاللغة العربية التي استطاعت أن تقدم لنا هذا المخزون الحضاري الذي نتحدث عنه ونحتفي به الآن، اللغة العربية التي كانت ولا زالت وستبقى هي لغة الدين اللإسلامي، والتي كانت على الدوام بوابة الترجمة من وإلى المعارف المختلفة، وتشهد الآن إقبالا منقطع النظير من مختلف الشعوب سواء في شرق آسيا وإفريقيا، كما تعبر عن وجدان هذه الأمة وهذه الإنسانية، وتقدم نفسها على أنها لغة للعلم والمعرفة وأنتم تعلمون أن اليونسكو في السنوات الماضية احتفت بمجتمع المعرفة وبالأبعاد الرقمية.

وذهب بوعلي في نهاية مداخلته إلى أن اللغة العربية الآن ينبغي أن تكون الآن هي لغة التواصل والانفتاح مع الحضارات المختلفة وأن نسائل ذاتنا ماذا يمكن أن نقدم عن طريق اللغة العربية للشعوب المختلفة. وأن التواصل الحضاري أهم مبدإ فيه والمبدأ المؤسس له هو هو الانخراط في المجتمع الكوني والعالمي والانخراط من خلال الهوية العربية والثقافة العربية في هذا المجتمع الكوني بمنطق التسامح والتعايش ومحاربة الاحتراب وبالسلم الهوياتي، آنئذ يمكن أن نكون قد قدمنا خدمة كبيرة للغة العربية وجعلناها فعلا لغة عالمية.

وتُعدّ اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة. يحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من دجنبر من كل عام. 

وقد وقع الاختيار على هذا التاريخ بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى