أكاديميون يطالبون بمدونة للأسرة في مستوى إرث الحضارة المغربية
طالب أكاديميون شاركوا في تأطير ندوة علمية بعنوان “أسس البناء الأسري وعوامل الصيانة والاستقرار”، بوضع مدونة للأسرة في مستوى إرث وتاريخ الحضارة المغربية، مشددين على ضرورة معالجة القضايا الحقيقية للأسر بعيدا عن نقاشات مستوردة من الخارج لا تم بصلة إلى لواقع المغربي.
ودعا المشاركون في الندوة التي نظمها المركز الوطني للدراسات والأبحاث في العلوم الانسانية والاجتماعية بالمعهد الوطني للتهيئة والتعمير بالرباط يوم السبت 20 أبريل 2024 إلى إخراج المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى حيز الوجود، وإحداث مؤسسة المساعدة الاجتماعية.
الهوية الدينية خط أحمر
وفي هذا الشأن، دعا الأكاديمي محمد جمال معتوق إلى التمسك بالدين الإسلامي والحضارة المغربية، موضحا أن المغرب من ضمن دول معدودة في العالم التي تملك حضارة وجذورا تاريخية، قائلا “الهوية الدينية خط أحمر”.
واعتبر الأستاذ الجامعي النقاش الذي شهده المغرب منذ أزيد من ستة أشهر الأخيرة ظاهرة “صحية” تنم عن زيادة وعي المواطن المغربي، مشيرا إلى أن أمير المؤمنني الملك محمد السادس وضع حدين للنقاش، يتمثل الأول في الالتزامات الدولية والثاني في الشريعة الإسلامية، بقوله “لا أحل حراما، ولا أحرم حلالا”.
وتأسف معتوق من غياب العلماء عن نقاش تعديل مدونة الأسرة، خاصة منهم الذين يبحثون ويتحرون ويسافرون من أجل العلم وتكون لهم الجرأة لإبداء آرائهم، موضحا أن هؤلاء قلة قلية، وأن غيابهم أدى إلى تربع البعض على عرش المنابر الإعلامية والإذاعات ومنصات التواصل الاجتماعي.
ونبه المتحدث إلى صرف النقاش عن المواضيع الأساسية مثل النفقة والقوامة والولاية وتقاسم النفقات وعمل المرأة وإيقاع والتعويضات عن الطلاق، والهروب نحو الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة، والتعدد (لا يمثل1%)، وزواج القاصرات (لا يمثل 5%)، والتعصيب (استحضار قضية واحدة وهي حالة العم).
وطالب المستشار القانوني بأن يكون الدافع الأول من إصلاح المدونة هو الحفاظ على الأسرة، موضحا ان للبعض هدفا أخر هو تسريع تشتيث الأسرة، مشددا على ضرورة إيجاد المساعدة الاجتماعية إلى جانب مؤسسة الوساطة، داعيا إلى الاهتمام بالحلقة الحساسة والقوية داخل الأسرة وهي المرأة.
وانتقد غياب الحديث عن قضية الصلح قبل الطلاق، موضحا أن مؤسسات كثيرة كانت تتدخل من أجل الإصلاح في السابق، وتساءل عن دور الجد والجدة اللذان كان لهما دور في تربية الأطفال ونقل العادات والتقاليد والتدخل في الإصلاح بين الأزواج.
بناء منظومة القيم
من جانبه، طالب الأكاديمي خالد الصمدي بإخراج مؤسسة دستورية هي المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى حيز الواقع، قصد مساهمة هذه المؤسسة في تتبع تنفيذ وإعداد السياسات العمومية المتعلقة بالأسرة.
ودعا الأستاذ الجامعي مراكز الدراسات والأبحاث والمؤسسات والمنظمات والهيئات إلى الاشتغال على إعادة بناء منظومة القيم وترسيخها في المجتمع كل في مجال اختصاصه، وذلك بتحويل هذه القيم إلى ثقافة بعد صدور مدونة الأسرة الجديدة، موضحا أن في ذلك صمام أمان للمغرب.
وقال مدير المكتب التنفيذي للمركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية إن “الاجتهاد في عصرنا لم يعد اجتهادا فرديا بل اجتهادا مؤسساتيا، موضحا أن قضية الأسرة ليست قضية قانونية صرفة بل قضية قانونية واجتماعية واقتصادية وتربوية وثقافية.
الأسرة هي كل شيء
من جهته، طالب الأكاديمي محمد خروبات بضرورة تكوين القضاة من أجل تفعيل المادة 400 من مدونة الأسرة التي تحيل إلى الاجتهاد في إطار المذهب المالكي، موضحا أن الخطاب الطاغي على مناقشة مدونة الأسرة لازال خطبا قانونيا حقوقيا، داعيا إلى إيجاد خطاب فقهي أصولي في هذا الصدد.
واستعرض الأستاذ الجامعي دور الأسرة المغربية في مراحل حرجة من تاريخ المغربية، ممثلا لذلك بمقاومة الاستعمار الفرنسي، موضحا أن الاستعمار حاول ضربها عبر نشر الفساد الأخلاقي ونشر الخمارات ودور الفساد، لذلك كان طلب الحركة الوطنية القيام بإصلاحات في هذا الشأن.
وانتقد المحاضر تغيب نص بالأمم المتحدة يشيد بالأسرة المسلمة لتحقيقها نسبة عالية من التماسك، منبها إلى تفريط العلماء والباحثين في تحويل قضايا الأسرة إلى أبحاث ودراسات علمية، مشددا على أن الأسرة هي كل شيء وأن بفساد الأسرة يفسد المجتمع.
“فوبيا الزواج”
ونبه الأكاديمي العربي الفرياطي إلى أن 90 في المائة من القضايا التي تصل إلى المحاكم بشأن الأسرة بالمحاكم تتعلق بالنفقة، متسائلا هل الزواج هو النفقة فقط؟ موضحا أن هناك حقوق وواجبات أخرى يجب أن تستأثر بالاهتمام.
انتقد الأستاذ الجامعي ما سماه بـ”فوبيا الزواج” الذي رأى أن عدة أفكار تغذيه، موضحا أن التوقعات السكانية تشير إلى أن المغرب سيعرف اتجاها نحو الشيخوخة في عام 2025 بحيث سيصبح حاله مثل حال أوروبا.
وسرد مجموعة من القواعد التي يجب أن يتم استحضارها وهي أن كل ما يخدم المقاصد واستقرار الأسرة فهو مرحب عليه وأن كل ما يدعو إلى تذمير الأسرة والفساد فالواجب نحو هو التحفظ عليه، وأن الشريعة لا تتبع الأهواء، وأن المنظومة التشريعية للأسرة هي متكاملة ومترابطة وأيما إخلال فيها يؤدي إلى الفساد.
موقع الإصلاح