مخطط المغرب الأخضر.. تسابق سياسي للتقييم وانتقادات شعبية للتنزيل

أعاد تفاقم التضخم وغلاء أسعار المواد الأساسية والفلاحية مخطط “المغرب الأخضر” إلى الواجهة، علما أن المغرب يصنف ضمن الدول الفلاحية، وألقى الموضوع بثقه على المؤسسة البرلمانية من أجل إعادة تنشيط “اللجنة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر” بمجلس النواب بعد فترة سبات بسبب فقدان رئيسها نور الدين مضيان للصفة النيابية إثر قرار صادر عن المحكمة الدستورية.

وتسابق سواء الأغلبية أو المعارضة الزمان من أجل ملء هذا الفراغ وامتلاك زمام المبادرة، إذ دعت هيئة رؤساء الأغلبية بمجلس النواب إلى إعادة تشكيل اللجنة من أجل “استكمال دراسة ومناقشة هذا المخطط في آجال معقولة بما يساهم في تطوير القطاع الفلاحي”، وطالب حزبان من المعارضة في البرلمان من رئيس مجلس النواب، تفعيل اللجنة بغرض تقييم مخطط المغرب الأخضر.

وقالت هيئة رؤساء الأغلبية بمجلس النواب في بلاغها عقب اجتماع يوم الاثنين 22 ماي 2023 “تدعو رئيس مجلس النواب إلى إعادة تشكيل هذه المجموعة طبقا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس، حتى تمكن من استكمال دراسة ومناقشة وتقييم مخطط المغرب الأخضر في آجال معقولة ما يساهم في تطوير القطاع الفلاحي”.

118.4 مليار درهم للمخطط

ومن المعارضة، جددت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب طلبها بتفعيل مجموعة العمل الموضوعاتية، التي كان مجلس النواب قد أقرها منذ مارس 2022، في إطار تقييم السياسات العمومية، وباشرت عملها قبل أن تتوقف. وذكّرت في مراسلة وجهها رئيسها، عبد الله بووانو، لرئيس مجلس النواب، أنها سبق أن طالبت بتفعيلها، منذ فبراير 2023، لكنها لم تستأنف عملها.

وأشارت مراسلة المجموعة، إلى أن مكونات مجلس النواب، طالبت بمناسبة مناقشة موضوع السيادة الغذائية، في الجلسة الشهرية لرئيس الحكومة، المنعقدة يوم 8 ماي 2023، بضرورة تفعيل عمل المجموعة الموضوعاتية حول تقييم مخطط المغرب الأخضر، بالنظر لأهمية الاسثتمارات التي رُصدت له، والتي بلغت حيث بلغت حوالي 118.4 مليار درهم، ما بين 2008 إلى غاية 2019.

كما دعا فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمجلس النواب، رئيس مجلس النواب إلى إعادة تشكيل مجموعة العمل، قال رئيس الفريق الاشتراكي عبد الرحيم شهيد، في تصريح للصحافة إن الهدف من إعادة تشكيل مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم مخطط المغرب الأخضر، هو التعرف على مكتسباته والوقوف على النواقص والتحديات والصعوبات التي يتجاوزها.

دون مسـتوى التطلعات

يتزامن النقاش حول تقييم المخطط الأخضر مع صدور تقرير المركز المغربي للمواطنة حول “نتائج استطلاع رأي المغاربة حول مخطط المغرب الأخضر” خلص إلى أن 89.3 في المائة من المغاربة غير راضين بشكل عام عن مخطط المغرب الأخضر، مشيرا إلى أن 91.2 في المائة منهم يعتقدون أن التنزيل الميداني لمخطط المغرب الأخضر لم يكن في مستوى تطلعاتهم وانتظاراتهم.

وتشير معطيات التقرير إلى أن 93.9 في المائة يرون أن المستفيد الرئيسي من مخطط المغرب الأخضر هم الفلاحون الكبار، مضيفا أن 83.7 في المائة من المشاركين يعتبرون أن المخطط لم ينجح في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، وأن 85.2 في المائة يرون أن المخطط لم يساهم في زيادة كمية المنتوجات الفلاحية المتوفرة في السوق الوطني.

وتسجل المعطيات أن 94.2 في المائة من المشاركين يرون أن المخطط لم يتمكن من خفض أثمنة المنتوجات الفلاحية، بينما رأى 86.8 في المائة من المشاركين يعتبرون أن المخطط لم ينجح في تحسين ظروف عيش ساكنة العالم القروي، فيما أشار 75.1 في المائة من المشاركين إلى أن المخطط لم ينجح في تعبئة مصادر مائية إضافية. 

غياب معطيات رسمية

لاحظ التقرير الانتشار الواسع لزراعة البطيخ الأحمر، الذي يتطلب مياه كثيرة، في منطقة ذات مناخ صحراوي تعاني أصلا إشكاليات في توفير المياه المخصصة للشرب، معتبرا تبرير ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال سنة 2022 بالجفاف “يفتقد للموضوعية”، متسائلا كيف يفسر تحقيق أرقام قياسية من العملة الصعبة من خلال تصدير المنتجات الفلاحية خلال نفس السنة.

وصرح التقرير بتحقيق مخطط المغرب الأخضر لمجموعة من الانجازات لكنه قال “يوجد شبه إجماع على أن المخطط لم يول الاهتمام اللازمة للفلاح الصغير بالمقارنة مع الفلاح الكبير”، موضحا أنه في غياب معطيات رسمية حول الأرباح التي يحققها المصدرين، يجعل تبرير ضرورة مواصلة دعمهم لاستمرارهم في الاستثمار في القطاع غير مبني على معطيات موضوعية. 

وأوصى التقرير بضرورة تقييم المخطط وإطلاق حوار وطني حول أولويات السيادة الغذائية الوطنية، وتوجيه الدعم للفلاح الصغير باعتباره المزود الأساسي للسوق الداخلية، وجعل الدعم العمومي الموجه للفلاحة رافعة لتشغيل الشباب بالعالم القروي، وتوجيه الدعم العمومي لتعبئة موارد مائية إضافية من أجل إعادة إحياء المدارات السقوية المتضررة وإحداث أخرى جديدة.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى