عيد الأضحى.. طاعة وفداء

الأعياد في الإسلام تبدأ بالتكبير، وتعلن للفرحة النفير؛ ليعيشها الرجل والمرأة، ويحياها الكبير والصغير، أعيادنا تهليل وتكبير.

إذا أذنا كبَرنا الله، وإذا أقَمنا كبَّرنا الله، وإذا دخلنا في الصلاة كبَّرنا الله، وإذا ذبحنا كبَّرنا الله، وإذا وُلِد المولود كبَّرنا الله، وإذا خُضنا المعارِك كبَّرنا الله، وإذا جاء العيد بالتكبير استَقبَلناه وقلنا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاَّ الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إنَّه تنفيذٌ لتَوجِيهات الله؛ ” وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ” [البقرة: 185].

العيد: هو كلُّ يومٍ فيه جمعٌ، وأصل الكلمة من عاد يَعود؛ قال ابن الأعرابي: سُمِّيَ العيد عيدًا؛ لأنَّه يَعُود كلَّ سنة بفرحٍ مُجدَّد؛ “لسان العرب”، العيد في الإسلام كلمةٌ رقيقة عَذبة تملأ النفس أنسًا وبهجةً، وتملأ القلبَ صفاءً ونَشوَة، وتملأ الوَجه نَضارة وفَرحَة، كلمةٌ تُذكِّر الوحيدَ بأسرته، والمريضَ بصحَّته، والفقيرَ بحاجته، والضعيفَ بقوَّته، والبعيدَ ببلده وعَشِيرته، واليتيمَ بأبيه، والمِسكِين بأقدس ضَرُورات الحياة، وتُذكِّر كلَّ هؤلاء بالله، فهو – سبحانه – أقوى من كلِّ قوي؛ ” كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ” [المجادلة: 21]، وأغنى من كلِّ غني؛ ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد” [فاطر: 15].، وأعزُّ من كلِّ عزيز؛ ” قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” [آل عمران: 26].

الأعياد في الإسلام ليست انطِلاقًا وراءَ الشَّهوات، وليسَتْ سِباقًا إلى النَّزوات، وليست انتِهاكًا للمُحرَّمات، أو سَطْوًا على الحدود أو الحرمات.

الأعيادُ في الإسلام طاعةٌ تأتي بعد الطاعة:

عيد الفطر ارتَبَط بشَهرِ رمضان الذي أُنزِلَ فيه القُرآن، وفيه الصوم الذي يذكِّر بهَدْي القرآن، موسم يُختَم بالشُّكر والتَّكبير؛ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

وعيد الأضحى ارتَبَط بفريضة الحج، موسم يُختَم بالذِّكر والتَّكبير؛ ” وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ” [البقرة: 203] ذكريات تتجدَّد عبرَ الزَّمان والمكان، وتَحياها الأجيالُ جيلاً بعد جيل، فتتعمَّق إيمانًا، وتتألَّق يقينًا، وتَزداد صَفاءً ولمعانًا، عشرة أيَّام، كل يوم بليلته يهبُّ على قلبك المكدود يضخُّ فيه الدِّماء، ويُنبِت فيه الحَياء، ويُجدِّد فيه الرُّوح، ويزيد فيه الإيمان، كل يوم بليلته يُنادِيك، يا باغِيَ الشر أَقصِر، ويا باغي الخير أقبِل، يا نُفُوس الصالحين افرَحِي، ويا قُلوبَ المتَّقِين امرَحِي، يا عُشَّاق الجنَّة تأهَّبوا، ويا عباد الرحمن ارغَبُوا، ارغَبُوا في طاعة الله، وفي حب الله، وفي جنَّة الله.

فطُوبَى للذين صاموا وقاموا، طُوبَى للذين ضحَّوا وأعطَوْا، طُوبَى للذين كانوا مُستَغفِرين بالأسحار، مُنفِقين بالليل والنَّهار، ما أعظَمَ هذا الدِّين! وما أجمَلَ هذا الإسلام! يدعو الله – عزَّ وجلَّ – عبادَه لزيارة بيته الحرام، الذي جعَلَه مثابةً للناس وأمنًا؛ ليجمَعُوا أمرَهم، وليُوحِّدوا صفَّهم، ويشحَذُوا هممهم، وليقضوا تفَثَهم، وليطوَّفوا بالبيت العتيق، نفحات الله، ورحمات الله، ونظرات الله، كانت بالأمس القريب في أفضَلِ يوم، عرفات الله، يوم المناجاة، يوم المباهاة، يوم الذِّكر والدعاء، يوم الشكر والثَّناء، يوم النَّقاء والصَّفاء، يوم إذلال الشيطان المريد واندحاره، يوم غَيْظِ إبليس الملعون وانكساره، يوم وحدة المسلمين العُظمَى، يوم مؤتمر المؤمنين الأكبر، مؤتمر سنوي يجتَمِع فيه المسلمون من أجناس الأرض على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، على اختلاف لُغاتهم وأوطانهم، اجتمَعُوا في هذا المكان لهدفٍ واحدٍ ولربٍّ واحد، يَرجُون رحمته، ويَخافُون عذابَه، إنهم يَصنَعون وحدةَ الهدف، ويَبنُون وحدةَ العمل، إنهم جميعًا مُسلِمون، لربِّ واحد يَعبُدون، ولرسولٍ واحد يَتَّبِعون، ولقبلةٍ واحدة يتَّجِهون، ولكتابٍ واحد يقرؤون، ولأعمال واحدة يُؤدُّون، هل هناك وحدة أعظم من هذه الوحدة؟! ليكن ذلك سبيلاً إلى سلامة العبادة وصحَّة العقيدة؛ ” إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ” [الأنبياء: 92].

ليكنْ ذلك طريقًا لبلوغ التَّقوى وزيادة الإيمان؛ ” وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ” [المؤمنون: 52]، الإسلام يُوحِّد الأمَّة، فلماذا تتشتَّت؟! الإسلام يعزُّ الأمَّة، فلماذا تذلُّ؟! الإسلام يُغنِي الأمَّة، فلماذا تفتَقِر؟! الإسلام يَهدِي الأمَّة، فلماذا تضلُّ؟! ” وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ” [آل عمران: 101].

نعم، إنَّه يوم عرفة؛ ” فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ” [البقرة: 198].

إنها مشاعر لا تُوصَف، وأحاسيس لا تُكتَب، إنما يتذوَّقها الذي يُؤدِّيها، ويستَشعِرها الذي يحضرها، ويحسُّها الذي يُلبِّي نداءَها، فينظُر الكعبة، ويُعانِق الحجر، ويُصلِّي عند المَقام، يَسعَى كما سَعَتْ هاجر – عليها السلام – ويُضحِّي كما ضحَّى إبراهيم – عليه السلام – ويُطِيع كما أطاع إسماعيل – عليه السلام – ويَطُوف كما طافَ محمدٌ – عليه الصلاة والسلام – ويُقبِّل الحجرَ كما قبَّل عمر – رضي الله عنه – فقط عن حبٍّ ورغبةٍ وإخلاص، لعلَّ قدمًا تأتي مكانَ قدمٍ، وطَوافًا يأتي مكانَ طواف، وسعيًا يأتي مكان سعيٍ، فيزداد الإيمان، ويَكون الغفران، وينتَشِر الأمن، ويأتي الأمان.

العيد يومُ الفداء:

عيد الأضحى يوم التضحية والفِداء، يوم الفرَح والصَّفاء، يوم المكافأة من ربِّ السماء للنبيَّيْن الكريمَيْن إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعَطاء، أراد الأعداءُ بإبراهيم سوءًا، لكنَّ الله لطَمَهم وأبعَدَهم، وجعَلَهم من الأسفَلِين، كما يجعَلُ كلَّ أعداء الدِّين إلى يوم الدِّين؛ ” فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ” [الصافات: 98].

أمَّا إبراهيم – عليه السلام – فله شأنٌ آخَر، وطريقٌ آخَر، وهدفٌ آخَر؛ ” وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ” [الصافات: 99]، رَجاء مشروع، يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض، وبِناء التوحيد؛ ” رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ” [الصافات: 100]، ودعاء المخلصين مسموعٌ ومُجابٌ في التوِّ واللحظة؛ “فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ” [الصافات: 101].

طريق الأنبياء هكذا، والتابعين من الموحِّدين هكذا، السماء تَتعاوَن مع المُصلِحين، مع الموحِّدين، مع المُخلِصين، العامِلين للدين، تُمهِّد طريقَهم، وتُذلِّل عَقباتهم، تَجبُر كسرَهم، وتُحقِّق رَغباتهم، وتنصر أهدافهم.

إبراهيم – عليه السلام – يُمتَحن؛ ليُمنَح، ويُختَبر؛ ليَعلُو، ويُبتَلى؛ ليَسمُو؛ ” فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ” [الصافات: 102] بدَأ يَمشِي، وهنا أعظَمُ مرحلة الحب من الوالد لولده، لكنَّ الله أرادَ إخلاصَ قلبِه، وتمحيصَ فؤادِه، واصطِفاء نفسه، واجتِباء وجهته؛ ” فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ” [الصافات: 102].

رُؤيَا فيها ذبح الابن؛ طاعةً لله، ويُبلَّغ الابنُ من الوالد ذاتِه: ” يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ” [الصافات: 102]؛ ليَعِي دُعاة اليوم وعُلَماء التربية هذا الأسلوبَ الرائع، من الحب المُتَبادَل، والأدب المُتَبادَل، في أحلَكِ الظُّروف، وأشدِّ المِحَن، وأصعب المَواقِف، فيردُّ الغُلام بالمستوى نَفسِه من الشَّجاعة والإخلاص، من التضحِيَة والفداء، من الأدب الرفيع، والذَّوق العالي، وتقديم المشيئة؛ لأنَّ الموقف موقف فتنة، ولا ينتصر عليها المرء، ولا يخرج منها المبتلَى إلاَّ بإذن الله، وعون الله، وفضل الله؛ ” قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ “[الصافات: 102].

وجاءَتْ لحظة الحسم؛ ” فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ” [الصافات: 103]، فكان الاستِسلام من النبيَّيْن لأمرِ الله، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بالمستوى نفسه، والأداء ذاته؛ ﴿ أَسْلَمَا ﴾ وهُنا تدخَّلت السَّماء، الله شهد الموقف، وصدَّق عليه، فنادَى وجازَى؛ ” وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ” [الصافات: 104 – 105].

امتحانٌ ما أشدَّه! اختِبارٌ ما أصعَبَه! ابتِلاءٌ ما أعظَمَه! ” إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ” [الصافات: 106]، لكنَّ إبراهيم – عليه السلام – اجتازَه بامتِيازٍ مع مراتب الشَّرَف، بتَوفِيق الله له مع مَنازِل الإخلاص، وبعون الله له مع مَقامات اليقين، فكان الفِداء من السَّماء في يوم الفِداء، ” وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]؛ ليَعلُو ذِكرُ آل إبراهيم في العالَمين؛ ” وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ” [الصافات: 108 – 109].

وهذا المَنْح وهذا الاصطِفاء لا يقتَصِران على آل إبراهيم فقط؛ ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ” [آل عمران: 33]، لا يقتَصِران على هؤلاء فقط، وإنَّما لكلِّ المحسنين والمُخلِصين العامِلين لله إلى يوم الدِّين من الناس أجمَعِين؛ ” كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” [الصافات: 110]، “اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ” [الحج: 75].

ثم خاتم الإيمان لإبراهيم في شَهادة تقديرٍ من ربِّ العالَمين؛ ” إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ” [الصافات: 111].

هذا التقديرُ وهذا الاصطِفاء في الدنيا والآخِرة له ولِمَن لا يسفه نفسَه بالرَّغبة في طريقٍ آخَر؛ ” وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ” [البقرة: 130].

ليت الأمَّة تتعلَّم الفداء، فالإسلام تَكاثَرَ عليه الأعداء، تَكالَبتْ عليه الأكَلَة من الأُمَم، حُرِقَ كتابُه واستُهزِئ بنبيِّه، تعطَّلت الحدود، وازداد الصُّدود، سُلِبت المقدَّسات، وانتُهِكت الأعراض، سُفِكت الدماء، واضطُهِد العُلَماء، أصبَحَ الإسلام غريبًا في وطَنِه، وأمسى الدِّين طريدًا بين أهله، مَن له؟ مَن يَفدِيه؟! مَن يُضَحِّي من أجلِه؟!

ألاَ من إبراهيم جديد في الأمَّة يَترُك رَضِيعَه وزَوجَه في الصَّحراء وينطَلِق ” إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ” [الصافات: 99]، مهاجرٌ إلى ربه  إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [العنكبوت: 26].

ليس لإبراهيم فحسب؛ ﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 100].

أسرةٌ ثابتةٌ قدَّمت للإسلام، وعاشَت الإيمان واليَقِين، ألاَ من هاجر جديدة تَفدِي الإسلام، وتُعلِّم المسلمين حقيقةَ التوكُّل، وروعة اليَقِين في الله ربِّ العالَمين، “إذًا لن يُضيِّعنا”، وكذلك جمالُ السَّعي إلى يوم الدِّين، ألاَ من إسماعيلَ جديد يُقدِّم رُوحَه ونفسَه وحياته طاعةً لربِّه، وتَنفِيذًا لأمرِه، وطلَبًا لرِضاه؛ ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

الإسلام أحوَجُ ما يَكُون الآن إلى مُضحِّين وفادِين، من أوقاتهم ومن أموالهم ومن أبنائهم، ومن كلِّ ما أعطاه الله لهم، حتى يَسمُو الفرد وتَعلُو الأمَّة، حتى ينتَصِر الدِّين، وتعلو رايَةُ الحقِّ المبين، مَن يَسمُو؟ ومَن يفرُّ ويَجرِي؟! مَن يمسك؟ ومَن يُعطِي ويَفدِي؟! ومَن يُطِيع؟ ومَن يرغب ويعصي؟ ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130].

العاملون للدِّين يُضاعِف الله أجرَهم، ويُسهِّل الله طريقَهم، ويَرفَع شأنَهم، ويُعلِي الله ذِكرَهم؛ ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 41]، ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54]، فتَذكُرهم الأجيالُ جيلاً بعدَ جيلٍ إلى أنْ يَرِثَ الله الأرضَ ومَن عليها.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى