دريدري: المغاربة يعظمون عيد الأضحى والدعوة لإلغائه لا تقوم على أي أساس

يحتفل العالم الإسلامي قريبا بعيد الأضحى المبارك بما يحمله من معاني السمو والفضيلة والتضحية. وتعمل الأسر المغربية على إحياء هذه المناسبة باعتبارها مناسبة دينية تخطو من خلالها على خطوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى نهج أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام.

وتعد مناسبة عيد الأضحى فرصة للتواصل بين الأقارب، ففيها تجتمع الأصول بالفروع مهما شتتهم أسباب العيش من وظائف ودراسة، وفي العيد الكبير كما يصطلح عليه المغاربة، يترك التجار محلاتهم ويترك الطلاب أقسامهم، كما يترك الموظفون مقرات عملهم ليجتمع الشمل.

وتقترح الدكتورة في العلاقات الأسرية نعيمة دريدري في حوار مع “الإصلاح” عدة خطوات من أجل توفير أجواء عيد أضحى تسود فيه الطمأنينة عند الجميع، محذرة من جعل هذه المناسبة فرصة للتفاخر واستعراض القدرات الشرائية، وبالتالي تحويل هذا الالتزام الديني إلى التزام اجتماعي تفرضه الثقافة المجتمعية.

وتشدد الأستاذة الجامعية سابقا في جامعة محمد الخامس وجامعة الحسن الثاني على ضرورة توعية الفرد لتحمل مسئوليته، وكذا غرس خلق نظافة المكان والحي والمدينة، موضحة أن ذلك يتم عبر الوالدين في الأسرة والأستاذ في المؤسسات التعليمية والمرشد في المسجد.

وتنتقد الأخصائية النفسية الدعوات المطالبة بإلغاء عيد الأضحى، موضحة أن هذه الدعوات لا تستند على أي أساس ديني ولا اقتصادي، مطالبة بجعل هذه المناسبة فرصة للتضامن ولإحياء الروابط الاجتماعية بين الفراد والأسر.

وفي ما يلي نص الحوار:

موقع الإصلاح: لماذا يهتم المغاربة بعيد الأضحى ويعطونه قيمة؟ هل يرجع ذلك للجانب الديني فقط أم هناك أسباب أخرى؟

 الدكتورة دريدري: يعتبر عيد الأضحى إلى جانب عيد الفطر أحد أهم الاحتفالات الدينية لدى المغاربة، كباقي المسلمين، ويعطونه أيضا قيمة كبيرة لأسباب ثقافية واجتماعية، فهو من الأعياد المهمة التي تزخر بمجموعة من العادات والتقاليد يتمسك بها المغاربة، تختلف من منطقة إلى أخرى، غير أن معظمها طاله الغياب في ظل التحولات الكبيرة التي شهدها المجتمع المغربي.

أما من الناحية الاجتماعية، فهو مناسبة يفضل قضاءها بين الأقارب، حيث تجتمع الأسر بمختلف أنواعها، وهناك من يؤجل عطلته السنوية وسفره حتى هذه المناسبة للاجتماع بأفراد العائلة.

س- إصرار بعض المغاربة على شراء أضحية العيد رغم ضيق الحال، هل هو “التزام “ديني أم اجتماعي تحتمه العادات؟

– أن يعظم المغاربة شعيرة عيد الأضحى فهو سلوك جيد، لكن أن تصر الأسر على شراء الأضحية رغم الفقر والحاجة، ونحن نتحدث من الناحية الدينية عن سنة مؤكدة وليست عن واجب، فالأمر تحول إلى التزام اجتماعي تفرضه الثقافة المجتمعية.

س- ما رأيكِ في الدعوات المطالبة بإلغاء عيد الأضحى بحجة الغلاء ومراعاة الظروف الاجتماعية لشريحة من المجتمع؟

– لم تعتمد هذه الدعوات المطالبة بإلغاء عيد الأضحى على أساس ديني ولا اقتصادي، فأما البعد الديني للأضحية فهو سنة مؤكدة لمن توفرت له القدرة الشرائية، قال الله تعالى: “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” (سورة البقرة-286)، أما البعد الاقتصادي فهو فرصة لانتعاش القطاع الفلاحي.

س- ما هي العوامل الأساسية التي توفر أجواء عيد الأضحى تسود فيه الطمأنينة عند الجميع

– حتى تسود الطمأنينة في عيد الأضحى، ينبغي استحضار العوامل التالية:

أولا: عيد الأضحى شعيرة دينية للقادر عليها، نتقرب بها إلى الله عز وجل لنيل مرضاته، وليس فرصة للتفاخر واستعراض القدرات الشرائية.

ثانيا: مناسبة للصفح والتسامح ولإحياء العلاقات الأسرية والاجتماعية وضخ دماء الحياة فيها من جديد.

ثالثا: فرصة لتحقيق التكافل والتضامن بين أغنياء المجتمع وفقرائه.

س ترافق العيد مجموعة من الظواهر السلبية التي تسيئ لهذه المناسبة، كيف السبيل في رأيكم للتفادي ومعالجتها؟

– هناك بعض السلوكيات التي ترافق هذه المناسبة الدينية، مثل ترك النفايات داخل وبالقرب من أسواق بيع الأضاحي، ورمي نفايات يوم عيد الأضحى خارج الحاويات المخصصة لها، وإقبال البعض على شي رؤوس الأغنام وقوائمها في بعض زوايا الشارع العام، كل هذا يخالف قواعد الحفاظ على البيئة والصحة العامة، ويضر بالجهود المضاعفة لعمال النظافة، لهذا فتوعية المواطن بقواعد الصحة والحفاظ على البيئة ومساهمته في جمالية محيطه أمر في غاية الأهمية. فلماذا توعية الفرد؟

لأن المسؤولية تقع على هذا الأخير، فلو جئنا بعدد من عمال النظافة في شارع ما وفرد واحد يرمي الأزبال، لنسف جميع المجهودات المبذولة من طرف العمال. لهذا فغرس خلق نظافة المكان والحي والمدينة في الفرد شيء ضروري، يعمل عليه الوالدين في الأسرة والأستاذ في المؤسسات التعليمية والمرشد في المسجد. فالنظافة من الإيمان كما تعلمنا، فكيف نقوم بشعيرة دينية ونأتي بسلوك يخالف الإيمان؟

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى