تقرير أممي يسجل تفاقم انعدام الأمن الغذائي بالمغرب

أفاد تقرير جديد صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، أن المنطقة العربية من بينها المغرب هي الأقل مساواة في العالم، وتتجه نحو مزيد من عدم المساواة.

وضربت المنطقة أزمات متتالية، من جائحة كوفيد-19 إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتنامي ضغوط الدين، وتزايد كلفة المعيشة، والحرب في أوكرانيا التي دفعت أسعار الغذاء والطاقة إلى الارتفاع، فساهمت كل أزمة في اتساع فجوة عدم المساواة داخل البلدان وفي ما بينها.

وأشار التقرير الصادر بعنوان “عدم المساواة في المنطقة العربية.. غياب الأمن الغذائي يشعل الفوارق” إلى أن أوجه عدم المساواة في الدخل والثروة تتبين من عدم المساواة في الحصول على الغذاء. ونبه إلى أن انعدام الأمن الغذائي يحدق بحوالي 181 مليون شخص في المنطقة، أي حوالي 35 في المائة من سكانها وبزيادة تقارب 12 مليون شخص عن السنة الماضية، ومعظم الذين يهددهم انعدام الأمن الغذائي هم أشخاص يعيشون تحت ظل الفقر.

وحلل تقرير “الإسكوا “من منظور المساواة، الركائز الأربع للأمن الغذائي: التوفر، وإمكانية الوصول، والاستخدام، والاستقرار. وطرح  في هذا الإطار توصيات في السياسات العامة للتصدي لعدم المساواة في الأمن الغذائية من خلال تدعيم الأنظمة الزراعية، وتحسين الإنتاج، وتعزيز التجارة، مع السعي إلى التخفيف من آثار تغير المناخ، والتكيف معها، وتحسين إدارة مخاطر الكوارث.

وسجلت “الإسكوا” في تقريرها على أن العبء الكبير لارتفاع خدمة الدين الخارجي بالمغرب على غرار بلدان المنطقة، يحد من الحيز المتاح للاستثمار العام، بما في ذلك في القطاعات الاجتماعية. حيث أدى عدم التمويل الكافي للخدمات الاجتماعية الأساسية إلى صعوبة حصول الفقراء والفئات الأكثر ضعفا على الخدمات العامة، ما يزيد من حدة عدم المساواة داخل البلد، فالإنفاق العام على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية يظل أقل من المعايير الدولية المعتمدة.

وحذر التقرير من أن تزايد الديون يثقل أجيال المستقبل ويفاقم عدم المساواة في الخدمات العامة والفرص الاقتصادية مع مرور الزمن. وأشار إلى أن انخفاض قيمة الدرهم بالمقارنة مع الدولار في ظل الارتفاع العالمي في الأسعار، من المخاطر الاقتصادية التي يعرفها المغرب كبلد مستورد للأغذية،  مما يقلص القوة الشرائية للأفراد ويثقل الميزانيات، ويهدد بالتأخر في سداد الديون.

وأكد التقرير وجود عدم مساواة في الدخل وفي الثروة بالبلدان العربية، فالذين في أعلى سلم توزيع الثروة هم أكثر من استفاد من الاتجاه المالي العالمي التصاعدي، أما الذين في أدنى سلم توزيع الثروة فقد تحملوا أشد أعباء الاضطراب وغلاء المعيشة، واضطروا في كثير من الحالات إلى استهلاك مدخراتهم.

ونبه ذات المصدر إلى تزايد انعدام الأمن الغذائي بالمغرب، ارتباطا بعدم المساواة في الدخل والتضخم وارتفاع البطالة والفقر، مبينا أنه حتى عند توفر ما يكفي من الغذاء على الصعيد الوطني، قد لا تتمكن بعض الشرائح ماديا من الحصول عليه، كما أن هذه الأسباب تحد من قدرة الأسر على استيعاب أنواع مختلفة من الصدمات السلبية دون تعديل أنماط استهلاكها الغذائي.

كما حذر التقريرمن أن المخاطر المناخية تحيط بالمغرب، وتزيد من معاناة الأسر الفقيرة، حيث يبلغ عدد الأسر المعيشية الفقيرة بالبلد التي تعاني من فقدان الدخل بسبب المخاطر المناخية ضعف الأسر الغنية، كما أن عدد المغاربة المتضررين من الكوارث الطبيعية ما بين 2020 و2022 يقدر بحوالي مليون ونصف مليون شخص.

وإلى جانب ذلك، يعرف توزيع الأراضي الزراعية عدم مساواة كبيرة، وبعض الفئات التي تعيش في ظل الهشاشة، ولا سيما الأسر التي تعيلها نساء، أقل احتمالا لتملك الأراضي الزراعية، وتقل نسبة النساء اللواتي يمتلكن أراضي بالمغرب إلى 4.4 في المئة.

وأبرزت “الإسكوا” أن الصدمات المناخية تشكل خطرا داهما على البلدان التي تعتمد على الزراعة البعلية ومن بينها المغرب، بسبب ارتفاع الحرارة وقلة التساقطات وشح المياه. وتظل الأسر ذات الدخل المنخفض أكثر عرضة لهذه المخاطر، حيث تتعرض لخسائر في الدخل بسبب المخاطر المناخية، ولديها وسائل أقل للتعافي، وقد تلجأ لتدابير يائسة مثل بيع الأصول أو الأراضي أو إخراج الأطفال من المدارس أو خفض كميات الطعام التي تستهلكها، ومن المتوقع أن تزداد فترات الجفاف بالمغرب بنتائجها السلبية.

ودعا التقرير إلى تقديم مساعدة إنسانية فورية، ومن دون اعتبارات سياسية، عند وقوع الصدمات، كما دعا إلى تضامن إقليمي من خلال إعادة توزيع الموارد، من الذين يمتلكون فائضا منها إلى الذين لا يمتلكون إلا القليل، وإلى زيادة الاستثمارات في الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى