النفيسي وتجربة الإسلاميين في الحكم.. ملاحظات سريعة – محمد عليلو

تابعت الحلقة الأولى من برنامج “موازين” على شاشة قناة الجزيرة، الذي فتح نقاشا مع الدكتور عبد الله النفيسي حول تجربة الإسلاميين في الحكم. وركزت الحلقة أساسا على جماعة “الإخوان المسلمين” وتجربتها، ومرت بشكل عابر على تجارب أخرى. وقد بدت لي من خلال المتابعة بعض الملاحظات أبسطها مقتضبة في رؤوس أقلام:

أولها، حاجة الصحفي المحاور في مثل هذه القضايا لسعة الاطلاع والإلمام بتجارب مشاركة الإسلاميين ومساهمتهم في الحكم بالمشرق والمغرب، وهي تجارب متعددة ومتنوعة بتعدد البلدان وسياقاتها السياسية والثقافية والاجتماعية.

ثانيها، تتعلق بتأكيد الدكتور عبد الله النفيسي على افتقاد الحركة الإسلامية للقدرة على تقدير المواقف، وهي ملاحظة معقولة لكن وجبت الإشارة إلى أن بناء المواقف بشكل متوازن وسليم يتطلب بدون شك وجود مراكز أبحاث متخصصة قادرة على أن تقدم لقيادة الحركات الإسلامية المعطيات والدراسات والإحاطات التي تجعلها قادرة على اتخاذ المواقف المناسبة.

والحال أن النفيسي نفسه أشار إلى أحد الأعطاب في الحركة الإسلامية التي تحول دون تحقيق ذلك، والمتمثل في ندرة الأطر الفكرية المؤهلة.

ثالثها، حماسة عبد الله النفيسي لشعار “الإسلام هو الحل” رغم الانتقادات الكبيرة التي وجهت لهذا الشعار من طرف كثير من الإسلاميين قبل غيرهم. وقد انتبهت حركة التوحيد والإصلاح لذلك، ونصت في ميثاقها على أن “الإسلام هو الهدى”، لأن كلمة الحل تعني تقديم برامج مفصلة وملموسة تحل مشاكل الناس المختلفة، والحال أن في ذلك خلط بين المبدأ العام والرؤية الكلية العابرة للزمان والمكان، وبين المتغيرات المتعددة الزمانية والمكانية، والإكراهات المختلفة على المستوى النظري الفكري والمستوى العملي التطبيقي، وهو ما كتب فيه كثيرون وفصلوا فيه تفصيلا.

رابعها، والتي أثارتني بشكل كبير، موقف النفيسي من الانقلاب بالسودان وتكوين حكومة الإنقاذ، وكيف نفى وجود الشرعية وتحدث عن الممكن، وهو موقف غريب من مفكر مثله، لأنه يتناقض مع ما طرحه في البرنامج من حاجة الحركة الإسلامية إلى كسر الحواجز ومد الجسور مع الأنظمة، خاصة وأننا بحاجة إلى توسيع دائرة الإصلاح ومزيد من النضال الديمقراطي لترسيخ الخيار الديمقراطي في الواقع.

خامسها، ما أشار إليه النفيسي من أن الصدام مع الأنظمة لم يكن قدر كل الحركات الاسلامية، ووجود تجارب كانت علاقتها جيدة مع الأنظمة جيدة من قبيل التجربة الأردنية، وتجربة التجمع اليمني للإصلاح، والتجربة المغربية.

 وأود هنا أن ألفت النظر إلى مسألة دقيقة ظهرت لي، وهي أهمية دور القيادات ذات المكانة الاجتماعية المتجذرة في تجاوز الصدام مع الدولة، وأحيل هنا على تجربة الشيخ عبد الله الأحمر – الذي تزعم التجمع اليمني للإصلاح وكان رئيسا للبرلمان اليمني- وهو شيخ قبيلة نافذة في اليمن، وأدواره في علاقته مع الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وزعماء دول الخليج خصوصا المملكة العربية السعودية، وكيف تحالف التجمع اليمني للإصلاح مع الحزب الحاكم وأصبح جزءا من بنية الدولة منذ حرب الوحدة، وما زال التجمع يدعم إلى اليوم الشرعية ويؤدي ثمن مواقفه باستهداف قياداته ومناضليه قتلا واعتقالا..

لا شك أن حلقات عبد الله النفيسي في برنامج “موازين” على شاشة قناة الجزيرة، ستثير شهية النقاش، وستسيل مدادا كثيرا حول تجربة الإسلاميين في الحكم وتفاعلات العوامل الداخلية والخارجية فيها.

محمد عليلو -منسق مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى