الحفظاوي يكتب: شخصيات عرفتها(ح7)

كتب الدكتور محمد الحفظاوي أستاد الفقه وأصوله بالكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي اسماعيل، تدوينات على صفحته بالفايسبوك، خصصها لشخصيات علمية عرفها في مساره الدراسي والعلمي والمهني، وقد اقتصر الدكتور الحفظاوي على ذكر أبرز ما استرعى انتباهه في هذه الشخصيات، والأثر الذي تركوه في شخصيته، وتعميما للفائدة، يتفضل موقع الإصلاح ، بعذ أخذ الإذن من صاحبها مشكورا. بتعميمها على شكل حلقات.

وفيما يلي الحلقة السابعة، وفي أسفله توجد روابط الحلقات السابقة

الدكتور أحمد سميح

الصداقة صدق وتصديق وصدقة،  ونبل ووفاء ووُد،  ولقد قدَّر المولى جيلا من الأقران،  نهلوا من مرحلة جامعية فريدة في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي قيما حضارية.. تجمعت بالتقاء شباب من الجنوب الشرقي تربوا في بيئة شبه صحراوية تماثل بيئة شبه الجزيرة العربية،  في المدينة الجامعية،  وسكنوا وتساكنوا وكانت المودة والرحمة والتربية الفطرية،  والولاء للقيم والأفكار،  اقتداء بالوحدة القياسية النبوية،  هم الفتية قد آمنوا،  فلا يشقى بهم جليسهم ومن عاشرهم ومن آخاهم،  ومنهم الأخ الصديق والصدوق والوفي أحمد سميح،  قال له الدكتور محمد الدرعاوى يوما بالكلية ونحن في المدرج ندرس عنده مادة العقيدة والتوحيد:”قم ياسميح… ليراك الطلبة” ١٩٩١ نشأ الدكتور أحمد يتيم الأم،  بأولاد عيسى وهي قرية بأوفوس من مدن إقليم الرشيدية،  تلقى دراسته الإعدادية والثانوية بأرفود. حصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس عام1994م. حصل على الدكتوراة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة في موضوع. :فروض الكفاية: أصولها النظرية وتطبيقاتها العملية عند علماء الغرب الإسلامي بإشراف الدكتور أحمد الريسوني. اشتغل أستاذا للتعليم الثانوي،  كتب عدة مقالات و شارك في ندوات علمية وطنية ودولية، وانخرط في العمل الجمعوي،  مترجمنا،  رجل صبور وذو همة عالية،  منفتح على الفكر العالمي. يقرأ القديم والجديد، وينبذ انغلاقية كثير من شباب العمل الإسلامي، وقساوة وجفاء نمط من أبناء الجهة الجنوبية الشرقية، له توق للفكر الحر،  وتطلع لمعرفة أساليب الحياة المتعددة للإفادة منها،  ينظر  للمآلات بنظر بعيد،  من أسرة متواضعة اقتصاديا، غنية أخلاقيا، شاركني الأفراح والأتراح. لا أنس يوم مجيئه ليعزيني في موت الوالد رحمه الله.،  وبات معي ليلة بأرفود معزيا ومواسيا، لا يفتر عن الدعاء لأخلائه وخاصته،  حفظه الله وعافاه وأعانه في عام أمره وخاصه..

الأستاذ الحبيب الشوباني

من مواليد الستينات بأبي الجعد، تعرفت عليه منذ كان أستاذا بالثانوي بالرشيدية لمادة الفيزياء،  وكان فاعلا جمعويا، نشيطا في نشر الفكر التربوي والحضاري،  مما أذكره أنني حضرت لمحاضرة من محاضراته المنهجية تناول فيها مضامين كتاب (التربية والتجديد وتنمية الفاعلية عند العربي المعاصر) للدكتور ماجد عرسان الكيلاني؛ بالعرض والتحليل، ومنذ ذلك الحين تعرفت على فكر منهجي – وليس فقط شخص-؛ يتحرك بتفكير وتخطيط، واستمع لخطاباته تلحظ المنهج واللغة والدقة والعلم،  عكس ما هو مألوف من خطابات سياسية ديماغوجية بل وأميةَ. وهذه نبذة تاريخية عن مترجمنا؛

ويعد الأستاذ الحبيب من النخبة المثقفة التي ولجت الحقل السياسي وحاولت تحكيم معادلات النهوض الحضاري جهويا ووطنيا،  ومن أهم معالم هذا النهج إعطاء الأولوية للبحث العلمي والدراسات المتخصصة قبل الشروع في أي مشروع،  والكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية شاهدة على دعمه للبحث العلمي وحضوره في تظاهراته، لكن شراسة الواقع السياسي لها مالها من حدة وقساوة،  خاصة في الجنوب الشرقي الذي لم ينعم باستقرار الأطر الكفْءة في مختلف المجالات منذ زمان؛ إذ سرعان ما تهاجر أو تُهجّر.. لاندري أخير أريد بهذه الربوع، أم شر..؟ كلمتي الأخيرة؛ إن اقتحام المفكرين والمثقفين والفقهاء والعلماء للشأن العام،  أمر ذو بال؛ لما يراكمونه من تجربة سياسية يتفاعل فيها العلم مع العمل؛ ولما يقدمونه من رصيد نافع للأجيال القادمة،  على أساس استحضار الوعي بمكونات الواقع، والتبصر بالأولويات، وترك بصمة للتاريخ،  والحذر من الشراك والألغام،  فإن من عظم قدره؛ عظُم خطره،  بورك في الأستاذ الشوباني ونتمنى له التوفيق والسداد في شأنه كله.

القارئ هشام العظيمي

قام مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء،  بالرباط يوم الخميس 4 جمادى الأولى 1430هـ الموافق 30 أبريل 2009م بعقد ندوة علمية في موضوع “أبو عمران الفاسي (تـ430هـ) حافظ المذهب المالكي بمناسبة مرور ألف سنة على وفاته”،  وشاءت الأقدار أن أكون بالرباط العاصمة العلمية للمغرب التي يحج إليها كل المغرب،  لما فيها من مصالح إدارية مركزية،  ولأنسها الخاص،  وطقسها الرطب العذب،  فوليت وجهي شطر مقر الرابطة وحضرت أشغال الندوة المذكورة أعلاه،  ولكن المفاجأة كانت في الافتتاح،  فقد وُجه الميكروفون لشاب وسيم بلباس مغربي أصيل وبشرة سمراء،  ليفتتح أشغال الندوة العلمية بحضرة الأمين العام للرابطة الأستاذ أحمد عبادي. فقرأ وما أدراك ماقرأ.. وكيف قرأ.. فسالت دموعي منهمرة،  وخفق فؤادي لوقع وهول وروعة ماسمعت،  وحلقت روحي في ملإ غير هذا الملأ.. وقطعت يومها عهدا على نفسي أن أُسمع آيات الله بهذا الصوت الندي العذب،  لجمهور الرشيدية.وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية هرولت إلى القارئ،  لأسلم عليه وأتعارف معه وآخذ رقم هاتفه،  فسلمني بطاقته،  ووعدته بدعوة للرشيدية، مرت الأيام والشهور،  وقررت في نادي الفنون والعلوم الإسلامية الذي أشرف عليه بالكلية،  أن أنظم أمسية قرآنية استدعيت لها أبرز قراء الرشيدية وكان ضيف الشرف هو  هشام العظيمي. فكانت أمسية جميلة زينها حضور قارئنا الكريم. كما استدعيته مرة أخرى في حفل لذكرى المولد النبوي بمركب أولاد الحاج في إطار جمعية تجارب للثقافة والتنمية التي أترأسها، وكانت أمسية فنية وقرآنية نشطتها فرقة الأصالة للمديح والسماع بأرفود،  وكانت أمسية ناجحة بامتياز حضيت بتزكية وتنويه عائلات وأطر علمية وفنية.

وهذه نبذة خفيفة عن حياة مترجمنا: من مواليد مدينة الرباط،  خريج دار القرآن عبد الحميد احساين بالرباط،  مثل المملكة المغربية في العديد من المحافل الوطنية والدولية والإفريقية مبعوثا من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،  فائز بجائزة محمد السادس الدولية،  قارئ مشارك بالرابطة المحمدية للعلماء المغاربة. وأصدقكم القول أحسبه أجود قارئ للقرآن بالمغرب على مستوى رتبة التحقيق،  وأحسن مبتهل.. ارجعوا إن شئتم لتسجيلاته باليوتيوب،  واستمتعوا بالحنجرة البديعة لأخينا هشام العظيمي حفظه الله،  وبارك في علمه وعمله،  وَأهله وماله وولده..

د. محمد الحفظاوي

 

مواضيع ذات الصلة:

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى