التحرش في محيط المدارس.. سلوكات متنامية وتدابير زجرية
تنتشر ظاهرة التحرش في محيط المؤسسات التعليمية بشكل ظاهر للعيان. وتنعكس تبعات هذه الظاهرة السلبية على التحصيل الدراسي والسلامة النفسية والجسدية، وتنشأ عنها جملة من الظواهر الإجرامية.
وقد دفعت كل هذه المخاطر مجموعة من الهيئات والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني إلى المطالبة بتوفير السلامة والأمن في محيط المؤسسات التعليمية، ونقل برلمانيون الموضوع إلى قطاعات حكومية مختلفة.
وبشأن هذا الموضوع، تقدمت البرلمانية عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب نعيمة الفتحاوي بسؤالين كتابيين إلى كل من وزيري الداخلية والتربية الوطنية لمسائلتهما حول “ظاهرة التحرش في محيط المؤسسات التعليمية”، قائلة “تنتشر أمام كثير من المؤسسات الثانوية والإعدادية -خصوصا في أوقات الخروج- ظاهرة ملفتة تتعلق بالمتحرشين بالتلميذات”.
وأوضحت الفتحاوي أن تجمع هؤلاء المتحرشين أمام المؤسسات التعليمية المذكورة على متن سيارات ودراجات نارية يعد مظهرا ملفتا ومهينا للتلميذات اللائي يشتكين وعائلاتُهن من الظاهرة المشينة، مطالبة الوزيرين بضرورة بيان التدابير التي سيتخذونها لحماية التلميذات من ظاهرة التحرش في محيط المؤسسات التعليمية، ومحاصرة هذه الظاهرة المتنامية.
ظاهرة منتشرة
وسجل تقرير للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في صفوف تلاميذ المدارس، مشيرا إلى تصرح 10% من تلاميذ الابتدائي و20% مـن تلاميذ الإعدادي بأنهـم كانوا ضحيـة ظاهرة التحرش في محيط المدرسة، كما صرت نسب مماثلة بتعرضها للتحرش الجنسي عبـر الأنترنت. كما رصد التقرير التحرش الممارس من طرف الزملاء والمدرسين والأطر التربوية.
وأجاب وزير الداخلية عبد الوفي لفتيت عن سؤال البرلمانية بكون وزارة الداخلية تولي عناية خاصة للمؤسسات التعليمية بمختلف أنواعها، بما فيها المؤسسات الجامعية والمعاهد بغية تطهير محيطها من كل الظواهر الإجرامية، موضحا أن المصالح الأمنية تعمل بتنسيق مع السلطات المحلية على اتخاذ مجموعة من التدابير.
وذكر المسؤول الحكومي من هذه الإجراءات “القيام بحملات تطهيرية بمحيط المؤسسات التعليمية تهدف إلى محاربة جميع الظواهر الإجرامية، وإحداث دوريات راجلة وراكبة من فرق الدراجين مكلفة بمحاربة كل الشوائب المشينة بجوار هذه المؤسسات، إضافة إلى تبني مقاربة تواصلية مع مدراء المؤسسات التعليمية والمعاهد وعمداء الكليات وكذا مع جمعيات آباء وأوليات التلاميذ للوقوف على انشغالاتهم الأمنية.
إحالات قضائية
وأضاف الوزير في معرض جوابه عن السؤال الكتابي، أن من التدابير المتخذة تنظيم حملات تحسيسية بالوسط المدرسي يستفيد منها تلميذات وتلاميذ مختلف المؤسسات التعليمية، موضحا أنه تم خلال الموسم الدراسي 2023/2022، تنظيم 1.469 زيارة تحسيسية لمختلف المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى استفادة ما مجموعه 118.403 تلميذة وتلميذا من تلك الحملات.
وكشف المتحدث عن إسفار الجهود المبذولة في هذا المجال خلال الموسم الدراسي 2022/2021 عن تسجيل مجموعة من القضايا تتعلق بالتحرش الجنسي أمام المؤسسات التعليمية تم على إثرها توقيف وإحالة 28 شخصا على العدالة، مضيفا أنه تم خلال الموسم الدراسي 2023/2022، توقيف 14 شخصا وتقديمهم إلى العدالة.
بدوره، قال وزير التربية الوطنية التعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى إن “الوزارة واعية تمام الوعي بالوظائف التربوية للمؤسسات التعليمية وبالدور المحوري الذي تقوم به هذه الفضاءات في مجال التنشئة الاجتماعية السليمة للتلميذات والتلاميذ والتربية على القيم الإيجابية، وذلك بهدف تمنيعهم ضد كل الظواهر السيئة المنتشرة بمحيط المؤسسات التعليمية“.
وأفاد المسؤول الحكومي أن الوزارة تبذل الكثير من الجهود لمحاربة هذه الآفات سواء على مستوى القطاع، أو بتنسيق وتعاون وشراكة مع الجهات المعنية وذلك عبر مجموعة من الإجراءات والتدابير التربوية والوقائية والأمنية، من خلال الحرص على إدماج مجموعة من المضامين والموضوعات بالمقررات الدراسية، التي تهدف إلى تنبيه التلميذات والتلاميذ إلى خطورة هذه الآفات وسبل الوقاية منها”.
يقظة مجتمعية
وأوضح الوزير أن من التدابير المتخذة القيام بحملات للتواصل والتوعية داخل المؤسسات التعليمية، سواء مع التلميذات أو التلاميذ أو مع أولياء أسرهم، لتنبيههم إلى خطورة ضرورة التحلي باليقظة تجاه جميع الظواهرالسلببية، مع تعزيز الارتقاء بأنشطة الحياة المدرسية بهدف ترسيخ تمنيع الوسط المدرسي ضد كل الأخطار التي تهدده.
وأكد بنموسى أن وزارته تشجيع التلميذات والتلاميذ على إحداث الأندية التربوية الموضوعاتية وعلى المشاركة فيها باعتبارها فضاء لتنمية القدرات والمهارات وترسيخ الوعي بالحقوق والواجبات والتعبير عن
الآراء والاحتياجات، وتعزيز الإحساس بالانتماء للمؤسسة التعليمية، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين الوزارة والمديرية العامة للأمن الوطني، حيث تخصص هذه الأخيرة دوريات أمنية.
ورغم المجهودات المبذولة لأجل حماية المؤسسات التعلمية والمحيط المدرسي من تنامي ظاهرة التحرش ، تبقى الحاجة ماسة إلى تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ومؤسسات التنشئة الاجتماعية من أسرة ومسجد ومدرسة وإعلام.
موقع الإصلاح