البشير المراكشي: الإسلام ليس مفهوما مطاطيا يتغير حسب الأهواء والدولة الحديثة ليست مفهوما مثاليا محايدا

أكد الدكتور عصام البشير المراكشي؛ أستاذ النحو وأصول الفقه بأكاديمية الإمام الباجي للعلوم الشرعية الخاصة، والباحث في قضايا الفكر والإسلام، أن لب الإشكال ليس في إمكانية أو استحالة الجمع بين الإسلام والدولة الحديثة ولكن في مفهومي الإسلام والدولة الحديثة نفسهما. فحينما نختلف حول المفهومين فمن الضرورة أن ذلك ينبني عليه اختلاف جذري حول هل يمكن الجمع بينهما. مشيرا إلى أن إشكال المفهوم هو لب القضية.

ونبه عصام البشير المراكشي في مداخلة له في إطار صالون التجديد للفكر والثقافة الذي نظمته لمنظمة التجديد الطلابي إلى أن الإسلام ليس مفهوما مطاطيا يمكن أن يدخل فيه من شاء ما شاء بحسب تغير الوقائع والأهواء والرغبات ونحو ذلك.

وأوضح الباحث في قضايا الفكر والإسلام عن مقصوده بالإسلام هي الأصول والثوابت والقطعيات وهي الدائرة الصلبة المكونة للمفهوم، وبعد ذلك دائرة الاجتهاديات قديما وحديثا هذه لا كلام فيها أصلا في مثل هذا السياق، لأن الاجتهاديات طبعا كما يدل على ذلك تعريفها قابلة للبحث والأخذ والرد.

وأشار المراكشي إلى أن الدائرة الصلبة هي التي نحتاج إلى تقريرها وإلى الاتفاق حولها لأنها أيضا صارت في كلام بعض الباحثين في الموضوع قابلة لإعادة التشكيل بحسب ما تفرضه متطلبات العصر وهذا إشكال كبير.

وفسّر أستاذ النحو وأصول الفقه بأكاديمية الإمام الباجي للعلوم الشرعية الخاصة إلى أنه في المقابل عند الحديث الدولة الحديثة هي ليست مفهوما مثاليا محايدا:

  • ليست مفهوما مثاليا بمعنى أن الدولة الحديثة لا يمكن أن نأخذ تأصيلها فقط من التنظيرات والتأصيلات التي وضعها الفلاسفة منذ بضعة قرون حين وضعوا أصول الدولة الحديثة وتكلموا فيها من فلاسفة وعلماء السياسة. ولكن هي أيضا نتاج تجربة واقعية لا يمكن الانفصال عنها ولا يمكننا أن نكتفي بالتنظير التجريدي للدولة الحديثة،
  • ثم ليست مفهوما محايدا كما قد يظن، أي ليست الدولة الحديثة مجرد آليات لا تستند إلى خلفية فلسفية أو ميتافيزيقية فهذا غير صحيح. بل الدولة الحديثة لا شك أن لها استنادا مهما بل فيها مفاهيم فلسفية كامنة فيها، لا يمكن تصور الدولة الحديثة إلا بها.

وشبّه المراكشي حديثه عن أن الإسلام ليس مفهوما مطاطيا والدولة الحديثة ليست مفهوما مثاليا محايدا، بأن الدولة الحديثة ليست مجرد قالب وليس الإسلام كالعجين الذي يمكن أن يوضع في هذا القالب فيتشكل به كما يشاء، فليس الأمر كذلك. بل هنالك دائرة صلبة وهنالك مجموعة من المفاهيم الصلبة فيهما معا تمنع عملية التشكل هذه، أو على الأقل تعسرها جدا.

واستعرض المراكشي خللين يحولان دون هذا التشكل:

  • الخلل الأول في هذه القضية يأتي إما من نظرة وردية مثالية للدولة الحديثة أو مجرد آليات ومجرد قوالب يمكن التعامل معها كما نشاء ويمكن أن تكون الدولة الحديثة إسلامية أو غير إسلامية لا إشكال في ذلك.
  • الخلل الثاني هو من النظرة التجزيئية التطويعية: التجزيئية أي أن نأخذ من الإسلام ما يلائم الدولة الحديثة ومخرجاتها الفكرية – والتطويعية أن نطوع أصول الإسلام الصلبة (الثوابث) لمخرجات الدولة الحديثة.

وجاءت مداخلة الدكتور عصام البشير المراكشي في إطار صالون التجديد للفكر والثقافة الذي نظمته لمنظمة التجديد الطلابي، موضوع :”الإسلام والدولة الحديثة: جدل الإمكان والاستحالة”، يوم السبت 19 مارس 2022، بمركز التكوين بالرباط. وشارك إلى جانبه أيضا الباحث في الفكر السياسي الدكتور امحمد جبرون؛ أستاذ التاريخ بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة.

وناقش الدكتور عصام البشير المراكشي في مداخلته جدل مفهومي الإسلام والدولة والحديثة والإسلام بمعنى التصور السياسي الإسلامي ومعنى الدولة الحديثة وإمكانات الجمع بينهما.

الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى