اعتراف دول أوروبية بفلسطين.. “طوفان الأقصى” يقلب الموازين

تتوالى منذ شهر أبريل الماضي اعترافات مجموعة من الدول رسميا بفلسطين، توجت مؤخرا باعتراف كل من إسبانيا وإيرلندا والنرويج بها، وهو القرار الذي سيدخل حيز التنفيذ الثلاثاء القادم.

وسبق أن اعترفت كل من دولة جمايكا وترينيداد وتوباغو وجمهورية الباهاما خلال شهر ماي الجاري، إلا أن الاعتراف الأوربي كان الأبرز.

دول تعتزم الاعتراف بفلسطين

في 22 مارس 2024، أصدرت دول مالطا وسلوفينيا بيانا قالت فيه إنها “مستعدة للاعتراف بدولة فلسطين إذا كانت الظروف مناسبة”، وفي 9 ماي بدأت حكومة سلوفينيا عملية الاعتراف الذي سيصوّت البرلمان عليه في 13 يونيو المقبل.

من جهتها قالت باريس يوم الأربعاء الماضي إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “ليس من المحظورات لكن الوقت ليس مناسبا” لهذا الاعتراف، فيما تحدثت أستراليا  شهر أبريل الماضي عن إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين.

بدورها أكدت نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر، ضرورة اعتراف بلادها بالدولة الفلسطينية، على غرار النرويج وأيرلندا وإسبانيا، وأضافت في منشور عبر منصة إكس، أول أمس الأربعاء: “يجب على بلجيكا أن تتبع النرويج وإيرلندا وإسبانيا”.

وتابعت المتحدثة: “حان الوقت للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في دولة مستقلة”، مشيرة أنها ستناضل في الوقت الراهن من أجل هذا الأمر من خلال عملها داخل الحكومة، كما كانت تفعل منذ أشهر.

وشددت الحكومة الألمانية على أن الاعتراف يأتي في نهاية عملية حل الدولتين، في الوقت الذي لا زالت تؤكد فيه استمرار رفضها الاعتراف بدولة فلسطينية، في المرحلة الحالية.

و قالت هيئة الإذاعة الدنماركية الرسمية أمس الخميس، إن البرلمان سيصوّت الثلاثاء المقبل على قرار يدعو إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، فيما أكدت الحكومة الدنماركية أنها لن تؤيد المقترح، ما يعني عدم توفر غالبية لإقراره.

ووفق الإذاعة، قال المتحدث باسم الشؤون الخارجية لـ “تحالف الأحمر والأخضر” المعارض، ترين بيرتو ماخ: “ستتاح للأحزاب الحكومية فرصة للتصويت لصالح هذا (الاعتراف بدولة فلسطين) الأسبوع المقبل”، حاثا الحكومة على تغيير موقفها والسير على خطى النرويج والدول الأوروبية الأخرى.

تاريخ اعتراف الدول بفلسطين

في 15 نوفمبر 1988، أي بعد نحو سنة من انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال “الإسرائيلي”، أعلن زعيم منظمة التحرير ياسر عرفات من الجزائر “قيام دولة فلسطين” وعاصمتها القدس المحتلة، خلال انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في المنفى. وبعد دقائق، اعترفت الجزائر رسميا بالدولة الفلسطينية المستقلة.

وبعد أسبوع، اتخذت 40 دولة من بينها الصين والهند وتركيا ومعظم الدول العربية الخطوة نفسها، وتبعتها جميع دول القارة الأفريقية والكتلة السوفياتية السابقة.

و اعترفت معظم بلدان أميركا الوسطى واللاتينية عامي 2010 و2011 بالدولة الفلسطينية، معبرة بذلك عن ابتعادها عن الولايات المتحدة حليفة “إسرائيل”.

وأطلقت السلطة الفلسطينية -التي أنشئت بموجب اتفاقات أوسلو (1993) برئاسة عرفات- حملة دبلوماسية على مستوى المؤسسات الدولية. لكن عرفات توفي عام 2004 قبل أن يشهد التصويت التاريخي في نوفمبر 2012، الذي حصل الفلسطينيون بموجبه على صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة، يحقّ لها، في غياب العضوية الكاملة وحق التصويت، الانضمام إلى وكالات الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية.

وأصبحت السويد -التي تقيم فيها جالية فلسطينية كبيرة- أول دولة في الاتحاد الأوروبي تعترف بـ”دولة فلسطين” عام 2014، بعد التشيك والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وقبرص قبل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

رد “الإسرائيلي”

وفي أول رد على إعلان دول أوربية اعترافها بفلسطين، أعلن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس يومه الجمعة 24 ماي 2024، عن “قطع الاتصال” بين البعثة الدبلوماسية الإسبانية والفلسطينيين في الضفة الغربية.

وأضاف كاتس أن ذلك بسبب “اعتراف إسبانيا بدولة فلسطينية والدعوة المعادية للسامية التي أطلقها نائب رئيس الحكومة الإسبانية بعدم الاكتفاء بالاعتراف بدولة فلسطينية، وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر”.

وكانت وزارة خارجية الاحتلال أعلنت في وقت سابق أن العلاقات مع النروج وإيرلندا وإسبانيا ستواجه “عواقب وخيمة” بعد أن قررت حكوماتها الاعتراف بدولة فلسطين اعتبارا من الأسبوع المقبل.

وهاجم ل كاتس إيرلندا بعد إعلانها الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرا أن خطوتها هذه “مكافأة على الإرهاب”. وكتب في حسابه على “إكس”: إيرلندا، إذا كان هدفك هو مكافأة الإرهاب من خلال إعلان دعم الدولة الفلسطينية، فقد تم تحقيق ذلك.

وفي سياق رد فعل احتلال”إسرائيلي” على الاعتراف بالدولةا لفلسطينية، أعن أول أمس الأربعاء، إلغاء قانون فك الارتباط بشمال الضفة الغربية -الذي يعود إلى عام 2005- والسماح للإسرائيليين بالعودة إلى 3 مستوطنات سابقة كان يحظر عليهم دخولها، فضلا عن التهديد بوقف تعامل البنوك “الإسرائيلية” مع نظيرتها الفلسطينية.

وكان الحصول على إذن من الجيش الذي يسيطر بشكل كامل على الضفة الغربية مطلوبا لأي عودة للمستوطنات الثلاث السابقة، وهي سانور وغانيم وكاديم، قرب مدينتي جنين ونابلس الفلسطينيتين، وهما من معاقل الفصائل المسلحة في شمال الضفة الغربية، وفق وكالة رويترز.

إلى جانب ذلك، أشار وزير مالية الاحتلال ، بتسلئيل سموتريتش، إلى احتمالية إلغاء الإعفاء الذي ينتهي في الأول من يوليوز، وكان يسمح لبنوك “إسرائيلية” بالتعامل مع مدفوعات بالشيكل لخدمات ورواتب مرتبطة بالسلطة الفلسطينية، وهو ما دعا وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الخميس، للإعراب في بيان عن قلقها من أن تؤدي هذه الخطوة إلى غلق شريان حيوي يغذي الاقتصاد الفلسطيني.

الاعتراف نتيجة لتضحيات الشعب الفلسطيني

ويتضح أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، جاء نتيجة ما قدمه الشعب الفلسطيني وأهل غزة من تضحيات عظيمة بعد “طوفان الأقصى”، وبعد سنوات عاشتها الساحة الفلسطينية عبر “المفاوضات العبثية”، حيث ساهم في انقلاب الموازين التي أعادت القضية الفلسطينية إلى رأس جدول أعمال العالم ومن أولى أولوياته.

ويشهد العالم على خلفية عدوان  الاحتلال “الإسرائيلي” على غزة خروجا عن المألوف في مواجهة سياسات دولة الاحتلال “الإسرائيلية”، ويتمثل بمحاسبتها لأول مرة في محكمة العدل الدولية، وخروج مظاهرات   الجامعات الأميركية والأوربية وغيرها، وتعالي الأصوات الداعمة للحقوق الفلسطينية من جهات كانت في السابق محسوبة على الداعمين لدولة الاحتلال.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى