ارتفاع نسب الطلاق يهدد الأسرة المغربية وحنان بنشقرون تشرح الأسباب

تشير الإحصائيات إلى أن أحكام الطلاق والتطليق في تصاعد مخيف يهدد كيان الأسرة المغربية، إذ تصدر المحاكم المغربية آلاف الأحكام في هذا الباب، فبعدما لم تكن تتجاوز تقريبا 10 آلاف حالة في السنة قبل أكثرمن عقد من الزمن، ارتفع إلى 30 ألف حالة طلاق سنة 2010 ثم ارتفع الرقم إلى 50 ألف حالة سنة 2017 ثم إلى أكثر من 135 ألف حالة سمة 2021 وتقول عدد من المصادر أن الرقم تضاعف سنة 2022.

ويشكل الطلاق الاتفاقي النسبة الأكبر من حالات الطلاق مع توالي السنوات. وأوضح تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط في 2021، ارتفاع مؤشرات الطلاق في صفوف النساء البالغات ما بين 45 و49 سنة في المغرب، مقارنة مع الرجال سواء في العالم القروي أو الحضري.

وجاءت مدونة الأسرة بمقتضيات جديدة بخصوص مسطرة الطلاق والتطليق، حماية لحقوق المرأة وحفاظا على المصلحة الفضلى للطفل، وأحاطت ذلك بالعديد من الضمانات للنهوض بمؤسسة الأسرة بكل مكوناتها لتمكينها من الاستمرار في أداء وظائفها باعتبارها الخلية الأولى للمجتمع.

وشكلت مدونة الأسرة حين صدورها عام 2004، قفزة نوعية فيما يتعلق بحقوق بالمرأة، لكن السنوات الموالية كشفت الكثير من الإشكاليات التي تحتاج لمعالجة، ومنها ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق.

وترى الدكتورة حنان بنشقرون رئيسة مركز إشعاع للدراسات الأسرية، أن للظاهرة المشار إليها أسباب عديدة، منها المباشرة وغير المباشرة.

وبخصوص الأسباب المباشرة، تؤكد بنشقرون في حديث لموقع “الإصلاح” أن السبب الأول هو “ضعف الوازع الديني الذي يضبط أفعالنا وتصرفاتنا ويرفع مستوى أخلاقنا، والذي يعاني منه أغلب الناس في المجتمع خاصة الشباب منهم، حيث أصبح الإنسان لا يتورع أن يُخل بواجباته تجاه الآخر، ولم تعد خشية الله حاضرة، وأصبح إهمال حقوق الغير أمرا عاديا”.

والسبب الثاني” عدم استحضار البعد التعبدي في العلاقة الزوجية، التي تعد ميثاق رباني أحاطه الله تعالى بهالة من التكريم والتبجيل، بأن تكون بعيدة عن المحاسبة والمُشاحة، مبنية على المودة والرحمة والمقاربة والفضل، يتق فيها الشخص وجه الله ويبتغ رضاه فيما يفعله من واجبات حتى في الأمور البسيطة كالإنفاق مثلا، يقول صلى الله عليه وسلم :”حتى اللقمة ترفعها إلى في زوجتك صدقة”، فيكون المقابل وجه الله والأجر والتواب”.

وتضيف الدكتورة بنشقرون أن السبب الثالث، يتعلق بـ” انتشار المفاهيم المغلوطة حول الحقوق الزوجية، فهناك مفاهيم صنعها الناس في أذهانهم كثيرا ما يساء فهمها ويساء تمثلها مثل قضية القوامة والطاعة والإنفاق، وهي أمور ينبغي أن تكون واضحة كمفاهيم وممارسة بالشكل الذي أرادته الشريعة الإسلامية، بدل أن نأخذ مفهوما مشوها ومغلوطا ونتبناه ونُحكِّمه في حياتنا اليومية”.

والسبب الرابع، تؤكد بنشقرون يتمثل في ضعف ثقافة التواصل بين الزوجين وهي مسألة مهمة جدا، لأن “غياب هذه الثقافة تؤدي إلى تشنجات وتوترات بين الزوجين، فنكون إزاء علاقة إما يسودها خصام وعراك وسب وشتم أو يسودها صمت وخرس، وهو ما يسمى بالطلاق العاطفي داخل البيوت، فغياب هذه الثقافة إذن عامل مهم من عوامل توتر العلاقة بين الزوجية توصلها لما لا يحمد عقباه”.

وتوضح المتحدثة، أنه بالإضافة إلى الأسباب الأربعة المباشرة، هناك أسباب أخرى غير مباشرة، تظهر بالتأمل لحالات الطلاق ومستبطنة في الأسباب المذكورة، ويتعلق الأمر أولا بغياب التكوين لدى المقبلين على الزواج، لأن البعض يعتبر الزواج محطة للفرح والبهرجة والصُحبة، ولا يستحضر ما تحتاجه من مهارات وخبرات ومعلومات، ومن تجارب وعلم وفهم وإرادة، ومن صبر وتضحية.

وفي غياب النضج، تؤكد بنشقرون أن عددا من الأزواج قد لا يستوعبون هذه العلاقة جيدا ولا يقدرونها ولا يمنحونها ما تستحقه من قداسة ومن تعظيم، وبالتالي لا بد من إخضاع المقبلين للزواج لتكوين ومنحهم شهادة تعد من الوثائق المطلوبة لإبرام عقد الزواج.

وينضاف لغياب التكوين، غياب التأطير المواكب للحياة الزوجية، فحتى بعد التكوين للمقبلين على الزواج، نجد أن الأزواج يتعرضون إلى مشاكل وإلى ظروف وتوترات، هذه المشاكل لا بد أن يخضعوا فيها إلى تأطير يساعدهم على تجاوزها، من خلال تنظيم دورات تكوينية لإكسابهم مهارات تساعدهم على حل مشاكلهم، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قد تكون هي السبب الرئيسي في المشاكل التي تؤدي للطلاق.

وتشدد الدكتورة بن شقرون على سبب آخر، يتمثل في غياب أو ضعف الوساطة الأسرة الحقيقية التي تسبق اللجوء إلى القضاء، وترى أنه لا معنى لأن تظل هذه المؤسسة مُغيبة أو تمارس هذه الوساطة بشكل سطحي صوري، لا ينفد إلى عمق المشكل ولا يساعد على حله، مقترحة تفعيل المجالس العلمية من أجل تحقيق أفضل للوساطة الأسرية، واستعمالها من أجل استنفاذ كل الطرق للإصلاح قبل اللجوء للمحاكم لطلب الطلاق.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى