أكاديميون يتدارسون أطروحات كتاب “المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر”
أكد المتدخلون في ندوة فكرية لمدارسة كتاب “المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر” لمؤلفه عبد الله أخواض على أن الكتاب بداية لمشروع فكري كبير، حاول فيه صاحبه تلمس طريق نهضة الأمة، ونقد المشاريع الغربية المستوردة التي خلقت حالة من الاستيلاب لدى الأمة، وبيان أن الأزمة تكمن في المنهج.
وأوضح المتدخلون في الندوة التي نظمها قسم العمل العلمي والفكري لحركة التوحيد والإصلاح مساء يوم الأربعاء 5 أبريل 2023م الموافق 14 رمضان 1444هـ، أن الكتاب حاول التطرق المناهج التي استعملها مجموعة من المفكرين لقراءة التراث الحضاري الإسلامي، مشيرين إلى أن الباحث خصص مساحات لدراسة نماذج من الاشتغال على سؤال النهضة.
النهضة المفقودة
قال الأستاذ الباحث يوسف عطية إن كتاب “المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر” وضعه أصبعه على الداء الذي تعاني منه الأمة المتمثل في المنهج، مستشهدا بقول الأستاذ الشاهد البوشيخي “مشكلة المنهج هي مشكلة أمتنا الأولى”، مضيفا أن الكاتب استطاع أن يقف على سبب إخفاق المدارس المختلفة بالعالم الإسلامي في النهضة المفقودة.
وأكد عطية أن النهضة هي محصلة تراكم، مضيفا ان قدر الأمة اليوم هو إعادة طرح الأسئلة التي طرحت سابقة من قبيل لماذا تقدم الغرب وتأخر المسلمون؟ كيف نقيم نهضة شاملة؟ مشددا على ضرورة تحريك الركود الذي حل بالتراث الإسلامي، وصياغة جهاز مفاهيمي بعيدا عن الاستيلاب، منبها إلى خطورة الإشكال المترتب عن الغلو في التعامل مع التراث.
واعتبر عطية العلمنة بمثابة رد فعل على التطرف في تقديس التراث، على اعتبار أن التطرف لا يصنع إلى تطرفا نقيضا، ممثلا لذلك بمشروع محمد أركون الذي رأى أنه نموذج لردة فعل على تقديس التراث في جانبه النسبي المتعلق بإلحاق أقوال العلماء بالوحي، داعيا إلى تحرير المنهجية وفتح حوار إسلامي علماني.
رؤية الإنسان
أستاذ التعليم العالي عبد الكريم الدخيسي، أكد أن كتاب “المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر” ينفتح على قامات فكرية مثل محد إقبال وعلي شريعتي ومالك بن نبي وطه عبد الرحمان وعبد الوهاب المسيري ومحمد أركون وعبد الله العروي ومحمد عابد الجابري وغيرهم ممن حاولوا مقاربة سؤال النهضة.
وأوضح الدخيسي أن المفكر المصر عبد الوهاب المسيري اشتغل بالمنهج التفكيكي دون السقوط في العدمية بمناسبة مقاربته لمشكلات العالم الإسلامي، مضيفا أن المسيري يحدد المنهج بكونه آليات تتضمن تحيزات معرفية وكذلك عناصر إيديولوجية، مشيرا إلى أنه يعتبر المنهج رؤية إنسان للعالم
ورأى الدخيسي أن النموذج الأصيل يحرر الإنسان من نماذج الاستيلاب، مضيفا أن أولى خطوات النهضة تكمن في النظر في ما نملك، والاشتغال بطريقة توليدية وإبداعية داخل المعجم العربي، موضحا أن مشروع المسيري يقوم على فكرة تقدمية.
مشروع كبير
وصف مدير المرصد المغربي للدراسات وللأبحاث التربوية عبد الرحيم مفكير “كتاب المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر بأنه بداية مشروع كبير بالنسبة إلي”، مضيفا أنه طرح عدة إشكاليات في مجال ممتد من السبعينات إلى الأمس القريب، ومنها الدعة إلى القطيعة مع التراث.
وأشار مفكير إلى أن عنوان الكتاب يحيل على كونه كتب لخاصة الخاصة ممن لهم حمولة فكرية للتعامل معه، مشيرا في هذا الشأن إلى عدم الاهتمام بتعريف المنهج والمرجعية، مؤكدا أن صورة غلافه تحيل على الحضارة الإسلامي وخطها العربي، موضحا أن الكتاب يدعو إلى تجاوز الاغتراب في العالم الإسلامي.
ولاحظ مفكير أن إشكالية الكتاب المضمرة اتجهت إلى الاهتمام بالمرجعية والمنهج والاهتمام بتقدم الأمة وتلمس وسائل علاجها، مشيرا إلى أن غاية البحث معالجة تلك المنهجية وفق نماذج متعددة، مشددا على ضرورة تحقيق المصطلحات لما لها من وقع.
مسار عالمين
وفي تعقيب مؤلف الكتاب الدكتور عبد الله أخواض على المداخلات، اعتبر لحظة صدور هذا الكتاب بمثابة لحظة تحول في مسار أي باحث، ساردا لقصة الكتاب التي تبدأ من بحث الإجازة حتى صدوره فاتحا آفاق جديدة.
وشدد أخواض على أهمية المنهج، منتقدا محاولة استنبات مناهج ومرجعيا دخيلة على أوطاننا، معبرا اتفاقه مه المفكر عابد الجابري في ما يخص الأسئلة الحرجة التي طرحها، مشيرا إلى أن أعاد صياغة أسئلة طرحها شكيب أرسلان في قالب جديد.
وانتقد أخواص المحاولات المتكررة لجعل العالم الإسلامي يعيش نفس ما عاشه الغرب في مساره نحو النهضة، رغم اختلاف الأطر المرجعية والمقدمات بين العالمين، مشيرا إلى نسف محمد عابد الجابري لكل ما طرحه عبد الله العروي فيما يتعلق بالتراث والسلفية المغربية.
ويذكر أن مدارسة كتاب “المرجعية والمنهج في الفكر العربي المعاصر” لمؤلفه عبد الله أخواض تعد الندوة الثانية ضمن ندوات رمضان، وكانت من تسيير الأستاذ عبد الإله بوديب.
موقع الإصلاح
