عجيب أمرك يا ابن آدم – بنداود رضواني

عجيب أمرك يا ابن آدم، وعظيم شأنك، ففي مقام التكريم لا ند لك، وفي منزلة التشريف لا نظير لك، سيدك الخالق على الكون ابتداء، وخصك بكلامه دون غيرك استثناء، ووعدك – إن استقمت – بالجنة عاقبة وجزاء، ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ” فصلت/30، لكن كيف يطيب تذللك لسواه وقد كرمك، و كيف تطيع غيره وقد شرفك وأعلى مقامك. فهل الجزاء الإحسان إلا الإحسان؟.

عجيب أمرك يا ابن آدم، لقد خلقت بيد الرحمن، وبين جنبيك نفخة من روحه سبحانه الخالق المنان، “فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين” الحجر/29، فما الذي دهاك حتى آثرت الكفر على الإيمان، والانحراف على الاستقامة، والضلالة على الهدى، والسخط على الرضا…

يا ابن آدم، هذه حقائق الوحي ومسلمات العقل جميعها ناطقة بأن سعادتك كامنة في لباس الإيمان ودثار التقوى، فلم استبدلته بثوب نسج بالرزايا، وحيك بالمعاصي والآثام؟؟، ” ولباس التقوى ذلك خير”، الأعراف/26.

عجيب أمرك يا إبن آدم، تقرأ في البيان الإلهي في السورة تلو السورة، وفي الآية تلو الأخرى، بأن الله هو الذي يعلم وأنك لا تعلم ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) البقرة/216، لكنك استنكفت واستكبرت، فألقيت بالأوامر والنواهي وراءك ظهريا، وآثرت على ما يحب الله ويرضى رعونات الشهوات، وأوهام الشبهات، “وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا” النساء/173.

عجيب أمرك أيها الإنسان، تعلقت بالفاني، وزهدت في الباقي، لهوت وراء الخسيس، وتكاسلت في طلب النفيس، فإياك يا ابن آدم و ” السير في طلب الدنيا، فهو سير في أرض مسبعة – مليئة بالسباع-، والسباحة فيها سباحة في غدير التمساح، المفروح به منها هو عين المحزون عليه، آلامها متواجدة من لذاتها، وأحزانها من أفراحها ” الفوائد/70، لابن قيم الجوزية. ويقول الله تعالى “ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب”، آل عمران/14.

عجيب أمرك، تتيه عن رب أنت راجع إليه، وعن بيت أنت ساكنه؟!!، مقتضى الحكمة يا ابن آدم أن تطيع الذي أنت إليه راجع، وتعمر البيت الذي أنت إليه راحل، “واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله”، البقرة/281.

عجيب أمرك يا ابن آدم، كيف لا تألم من وجع الذنوب ومن جراحات المعاصي. ألا تعلم كم من جرح أصاب صاحبه في مقتل وهو لا يدري؟!!

عجيب أمرك يا ابن آدم، تعرف ربك بأسمائه الحسنى وبصفاته العلى، ثم لاتحبه !!!؟ و” تعيش ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنس بطاعته!!!،… وتذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ولا تهرب منه إلى نعيم الإقبال عليه والإنابة اليه!!! “. الفوائد/71.

عجيب أمرك أيها الإنسان، تعلم أن نور الوحي أضوء من الشمس، فلم تعش عن الضوء كالخفافيش، ولم تركن إلى الظلمات والعتمات ؟؟ والله تعالى يقول ” قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم “، المائدة/15-16.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى