المدارس العتيقة بالمغرب ودورها في البناء الحضاري للأمة (3) – عبد الرحيم مفكير

الإصلاحات المطردة ( المتتالية):

كما هو معلوم فإن المقاومة العسكرية لا تكفي لإجلاء المحتل، بل لابد أن تواكبه إصلاحات تربوية تحصن الفرد بداية من الأفكار الواردة من العالم الغربي التي تهدد هويته، وتهيئه كذلك لبناء حضارة تضاهي تلك الوافدة علينا كَرها وتستعيد أمجاد ماضي أمتنا العريق.

فأصبح الحال يلح على ضرورة إنشاء نظام جديد للتعليم يحافظ على المرجعية العقدية والشرعية ويتلاءم مع الواقع المغربي وينفتح على العلوم الجديدة، فتوالت المبادرات الإصلاحية للتعليم العتيق بدءا من إصلاح 1931 م من خلال إصدار ظهير ملكي لإصلاح جامع القرويين ينص على تعيين مجلس أعلى يشرف على الجامع ويسن ضوابط دقيقة لانتداب العلماء المدرسين به، والمواد المدرسة وتدبير الزمن الدراسي…

وفي سنة 1942 م وإيمانا منه بضرورة إصلاح جامع القرويين وجعله وسيلة للارتقاء بالتعليم العتيق في كل البلاد قام المغفور له محمد الخامس بتعيين مدير للجامع أُسندت له مهمة الإشراف على تطوير المؤسسة.

وفي سنة 1957 م تم إحداث لجنة ملكية لإصلاح التعليم العتيق بشقيه التربوي والإداري، من بينها تحويل السلك العالي لجامع القرويين ومدرسة ابن يوسف بمراكش إلى كليات الآداب وكلية الشريعة، وإحداث نظام التعليم الأصيل وإلحاقه بوزارة التعليم العالي.

وخلال الستينيات من القرن الماضي أطلق الراحل الحسن الثاني رحمه الله عدة مبادرات لبعث التعليم العتيق، بدءا من ظهير 1963 م القاضي بجعل جامعة القرويين تحت وصاية وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وضمها لكل من كلية الشريعة بفاس وكلية أصول الدين بتطوان وكلية اللغة العربية بمراكش.

كما أصدر سنة 1964 م أمرا بإحداث دار الحديث الحسنية وجعلها تابعة للبلاط الملكي.

وفي سنة 1969 م تم إحداث نظام الكتاتيب القرآنية لإمداد مدارس التعليم الأصيل بحفاظ كتاب الله.

وتوالت بعد ذلك الإصلاحات تباعا، ففي سنة 1975 م أصدر الراحل الحسن الثاني ظهيرا في شأن تنظيم الجامعات، أصبحت بموجبه جامعة القرويين تخضع في تسييرها التربوي والإداري أسوة بالجامعات المغربية الأخرى إلى هذا الظهير.

وفي سنة 1988م تم تبني خطة لإحياء جامع القرويين وفق نظام الكراسي العلمية.

وفي سنة 2003 أمر الملك محمد السادس بموجب الظهير الشريف رقم 1.02.09 بتنفيذ القانون رقم 13.01 في شأن تطوير وتأهيل التعليم العتيق، يقضي باعتبار جامع القرويين إحدى مؤسسات التعليم العتيق إلى جانب جامع الحسن الثاني بالدار البيضاء ومعهد الإمام مالك بتطوان، بالإضافة إلى صدور الظهير الشريف رقم 1.03.193 في شأن الهيكلة الجديدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تم بموجبها إحداث مديرية التعليم العتيق.

وتواصل العمل في هذا الاتجاه بإصدار المرسوم 1273•05•2 في دجنبر 2005م، ثم صدور مجموعة من القرارات التنظيمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ماي 2006 م لتنطلق عملية التأهيل والإدماج تدريجيا.

وفي سنة 2015 م أصدر الملك ظهيرا يقضي بإعادة جامعة القرويين لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتضم تحتها كل معاهد ومؤسسات التعليم العتيق، على أن تبقى كليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

كل هذه الإصلاحات كان الهدف منها هو العمل على تطوير هذا النوع من التعليم من الناحية التربوية والدينية لمواكبة المستجدات والتحولات الاجتماعية قصد تزويد المجتمع بنخبة من العلماء المؤهلين للإسهام في البناء الفكري لأفراد المجتمع والذود عن ثوابت الأمة.

قوة المدارس الإسلامية العتيقة وضرورة الإصلاح والتطوير:

أشرنا في ما قبل إلى أن التعليم العتيق ميراث حضاري للحضارة العربية الإسلامية، انتشر في مختلف مناطق المغرب ولقي دعما من المجتمع بدافع ديني عقدي، وشهد تطورا حتى القرون المتأخرة، وفي عهد الحماية ظهرت الدعوات لإصلاحه ليكون أساس النهضة، ووسيلة الإصلاح، وقد اختلفت دعوات الإصلاح بين القائلين بالحفاظ عليه كما هو، وبين الداعين إلى تطويره ليتجاوز ما يعاني منه من قصور في مواكبة العصر ومجاراة حاجاته، وقد قابل بعض القائمين على هذا التعليم دعوات الإصلاح والتجديد بكثير من المقاومة والصد، ومن أبرز الجهود في هذا الشأن تلك الذي بذلتها جمعية علماء سوس في محاولتها إصلاح المدارس العلمية العتيقة،وقد خلصت في الأخير إلى تأسيس معهد بمدينة تارودانت مع فروع له كثيرة في مختلف جهات الجنوب، يلجه طلبة هذه المدارس ليكون طريقهم إلى الدراسات الجامعية العصرية وإلى استدراك ما فاتهم من علوم ومعارف حديثة .

ولا بد لهذه المدارس من تطوير وجودة في التكوين، فإن الأساليب التربوية المتبعة في المدارس العلمية العتيقة لدعم النشاط التربوي وتقوية العملية التعليمية، طورت بالتعليم العتيق عبر قرون من التجارب التربوية المسترسلة، مما يجعلها أساليب ناجعة لأنها نبتت في تربة هذا التعليم وفي تربة المجتمع الذي أطره وسانده، ومكنت هذه الأساليب من تخريج علماء ذوي كفاءات غاية في العلو والمتانة في العلوم الشرعية واللغة العربية والمعارف العقلية والنقلية، أي أن هذه الأساليب التربوية في الدعم قد مكنت في ما مضى وفي المدارس التي طبقت فيها، من الحفاظ على جودة التكوين، وتحقيق الفعالية الفكرية والعلمية للخريجين الذين تبوءوا مراتب اجتماعية وعلمية مرموقة في مجتمعاتهم، ويظهر لنا أن الإشكالات التي تعاني منها هذه المؤسسات التعليمية تتعلق بمناهجها الدراسية وطرقها التربوية التي تحتاج إلى إصلاح، ولكنها تتعلق أيضا بدورها في المجتمع وكونها الآن مهمشة محاصرة، لا يعترف بخريجيها ولا يسمح لهم الالتحاق بمؤسسات التعليم الرسمية المتميزة بتوثيق المعرفة بشهادات رسمية معترف بها، لذلك تعاني مؤسسات التعليم العتيق من انقطاع الطلبة وتسربهم الدراسي وعدم الكفاءة في التكوين والتخريج إلا في القليل النادر  ومع ذلك فإن إعادة الاعتبار إلى هذا التعليم لا يتم إلا بتقوية مناهجه انطلاقا من مصادرها التراثية الأصلية مع تطعيمها بالمناهج التربوية الحديثة، للوصول إلى الجمع بين القديم النافع والجديد الصالح.

وإن من أهم الإجراءات في مجال الدعم:

وتبعا لذلك نرى أن ترقية التعليم العتيق والحفاظ على جودة التكوين فيه بالعناية بمناهج الدعم التربـوي ستتحقق انطلاقا من المقترحات الإجرائية التالية:

– العناية بالقرآن الكريم والنص على ضرورة اعتبار حصص التلاوة اليومية بعد صلاتي الفجر والمغرب إجبارية، يتلى فيها الجزء اليومي مع إعراب الربع الأول من الحزب، دعما لحصص الحفظ والتفسير المقررة في مستويات الدراسة.

– تحديد أوقات أسبوعية لتلاوة سلك قرآنية، والأفضل أن تكون في بداية الدراسة يوم السبت مثلا، ترسيخا للحفظ وتقوية لملكة الاستظهار.

– العناية بمراجعة حفظ القرآن خلال شهر رمضان تلاوة وصلاة.

– التركيز على ضرورة توطئة الأستاذ للأنصبة (الدروس) الجديدة بمراجعة السابقة وامتحان فهم الطلبة واستيعابهم لها.

– إيلاء المراجعة ما تستحق من عناية سواء كانت فردية أو جماعية، والأفضل تكوين مجموعات من الطلبة لمراجعة الدروس يوميا أو أسبوعيا، وتعيين حصص أسبوعية للمراجعة العامة تكون على شكل مباراة اختبارية للطلبة، على أن يقتصر دور المشرف عليها على التنشيط والمتابعة، وسيكون من المفيد جدا تحديد حصص أخرى نهاية كل موسمية للمراجعة الفصلية على النحو ذاته.

– تحديد حصص أسبوعية للسرد تكون مناسبة لسرد كتب الأدب المختلفة خاصة المغربية منها كالمحاضرات للحسن بن مسعود اليوسي ونفح الطيب للمقري والرحلات السفارية والحجازية وغيرها.. فيتلو الطالب فقرة فقرة ويستوقف عند اللحن للتصحيح أو غيره لشرح كلمة أو ضبط اسم علم أو شرح مثل.. ومن الأفضل جعل السرد مناوبة بين الطلبة كل مجموعة في حصة، ومن الضروري إشراك الطلبة في المناقشة والشرح .. كما تكون حصص السرد مناسبة لاستعراض مطالعات الطلبة في الكتب والمجلات والدوريات العلمية والأدبية، لتشجيعهم على المطالعة والقراءة خارج أوقات الدراسة.

– جعل المباحثة صنو المراجعة، إذ إن الطابع الحواري المرتكز على السؤال والجواب يشحذ قدرة الطالب المعرفية ويجعله سريع البديهة مستعدا للإجابة، قادرا على تحليل النصوص والمتون المدروسة واستخراج حلول المسائل مع ما يتطلبه ذلك من استحضار وفهم واستيعاب.

– تنظيم أندية أدبية وعلمية في المؤسسات التعليمية العتيقة بمبادرة من الطلبة وإشراف الأساتذة تخصص لإنشاد الإبداعات الشعرية وتلاوة النثرية من خطب ومقالات.. كما تتخللها المناقشات والمذاكرات ويفسح المجال للنقد البناء، ويمكن أن تضاف أنشطة أخرى أدبية وعلمية تكون لها فائدة معرفية وتربوية في دعم تكوين الطلبة، ويفضل أن تعقد هذه الأندية أيام العطل الأسبوعية و يكون الحضور اختيارياّ.

– تنظيم مباريات سنوية بين طلبة المدارس والحفاظ على سمتها الموسمية فتقرر على المدارس العتيقة بالمغرب، وتكون جهوية ثم وطنية، حيث يجتمع الطلبة من كل المدارس لتلاوة القرآن، ويمكن أن تسعى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – وهي الوزارة الوصية على مجال التعليم العتيق- إلى تنظيم مباراة سنوية جهوية بالموسم يتبارى فيها طلبة المدارس العتيقة النظامية في مجال العلوم الشرعية أولا وعلى رأسها حفظ القرآن الكريم وتفسيره، ثم الحديث النبوي الشريف وشرحه، ثم اللغة العربية نحوا وصرفا ومعجما ثم الأدب حفظا وإبداعا، ومجالات التفتح من علوم وتاريخ ولغات.. وغيرها، ويجاز المتفوقون المؤهلون للمشاركة في المباراة الوطنية.

إن هذه الأساليب التربوية العلمية الهادفة إلى دعم التكوين العلمي والمعرفي للطالب في التعليم العتيق قد أثبتت نجاعتها خلال قرون من التجارب ذلك أنها نشأت في تربة التراث الخصبة وشذبتها أيدي المربين الخبراء والعلماء النجباء عبر قرون متلاحقة من الممارسة، كما أنها أصل جميع أنواع الدعم الذي نعرفه في عصرنا الحاضر، ولعل أبرز خصائصها أنها جعلت الدعم التربوي مندمجا في العمل التعليمي التربوي غير منفصل عنه يشارك فيه الطالب المتفوق كما المتأخر، فيساند هذا ذاك ويستفيد كل واحد من الآخر، ويصبح الدعم وسيلة لتقوية الضعيف وترقية المتفوق، بسبب انبنائه على الرغبة الذاتية والدافع الشخصي واعتماده المنافسة، فيكون دعما دراسيا مغايرا لأساليب التحصيل ولأجوائه المألوفة، وبذلك تجاوز نقائص الدعم التربوي المركز على إعادة الحصص كما هي بالأساليب نفسها، فيكون الملل والعجز عن استقطاب اهتمام الطالب سببا في فشلها في تحقيق الهدف منها.

لاشك أن العناية بالتعليم العتيق وتنظيمه وتطويره ليواكب العصر وليسهم في تكوين المواطن المسلم الصالح، دليل على استشعار أهمية هذا النظام التعليمي ودوره في الحفاظ على هوية الأمة وترسيخ ثوابتها، غير أن هذا التنظيم والتطوير ينبغي أن لا يعمد إلى طمس مميزاته وسماته الخاصة، إذ من الضروري مراعاتها والتمسك بها خاصة حفظ القرآن الكريم وإتقان اللغة العربية والعلوم الشرعية، ولن يتم ذلك وينجح إلا بـ:

إعادة الاعتبار لمناهج الدعم التربوي في التعليم العتيق.

– تطبيق أساليب الدعم التربوي في التعليم العتيق وجعلها إجبارية من توطئة ومراجعة فردية وجماعية ومباحثة وسرد ومجلس أدبي.

– تقوية الدافع الذاتي في التكوين التربوي بالمدارس العلمية العتيقة عامة وأساليب الدعم التربوي خاصة، كما كان في التراث التربوي الإسلامي بناء على كون الإقبال على التعلم ناتجا عن رغبة ذاتية.

– الاجتهاد في ابتكار أساليب الدعم والتقويم والتسيير مستنبتة في تربة التعليم الإسلامي الأصيل باعتباره تعليما مرتبطا بالمجتمع خادما له، وعدم إسقاط واقع التعليم العصري عليه.

– استلهام التقنيات التربوية الوافدة كلما دعت الحاجة، مع الانتباه إلى خلفياتها المعرفية، لأن لكل معرفة خلفيات لا تنفصل عنها.

– التركيز في تكوين المدرسين في المدارس العلمية العتيقة على المناهج التربوية الأصيلة الدقيقة وعدم الاعتماد على النظريات الغربية المجتزأة من سياقها المعرفي والحضاري والمبنية في خلفيتها الفكرية على الفكر الكنسي أو الفكر العلماني.

دور المدارس الإسلامية العتيقة بالمغرب في ترسيخ القيم الإسلامية وتحصين الأمن الروحي:

تعتبر القيم خاصة من خصائص المجتمع الإنساني، تشتق أهميتها ووظائفها من طبيعة وجود الإنسان في المجتمع كما أن دراسة هذه القيم تكتسب أهمية خاصة لأنها تعبر عن ضمير المجتمع ووجدانه وتسهم في تشكيل ضمائر أفراد المجتمع، ولأنها تشكل إطاراً مرجعياً عاماً يحكم تصرفات الفرد والجماعة، احتلت القيم مساحة واسعة في ميدان الدراسات الاجتماعية.

إن المشروع الذي يرى المحللون في مجال الفكر أنه أمانة لابد من حملها وأدائها، هو المساهمة بإعداد وتقديم الأسس الفكرية والمنهاجية اللازمة لحركة الأمة….. أي لابد من الاجتهاد وتشخيص الواقع، ومواصلة العمل من أجل بلورة بناء المنظومة الفكرية الإسلامية المعاصرة، والتي نستطيع من خلالها تشكيل العقل المسلم، وإعادة بنائه وفقا للتصور الإسلامي السليم للكون والحياة والإنسان ، ذلك التصور التوحيدي القويم المستمد من كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام، والمتدبر لسنن الكون وقوانين الوجود التي تمكن من التسخير، وتوفير شروط التمكين والاستخلاف، ذلك التصور المدرك لغايات الخلق، الواعي على الأبعاد كلها: البعد الإنساني بكل أنواعه، والبعد الزماني والمكاني، ووحدة الحق والحقيقة، ووحدة الخلق. فقيام مؤسسات متخصصة، تتخذ من معالجة الأزمة الفكرية للأمة محورا لنشاطها، ومنطلقا لأهدافها حيث لايمكن أن تتجاوز هذه المهمة مهمة تزويد حركة الأمة بما تحتاجه من توعية فكرية، والعمل على تشكيل القيادات الفكرية في الساحة الإسلامية.

لقد اعتنى الإسلام بالإنسان ووضع منهجا تربويا يهدف إلى تزكية النفس وتطهيرها . وغاية هذه التربية استخلاص قيم الإسلام في مجال السلوك الإنساني.   فالتربية سلوك اجتماعي يجسد قيما سامية ويتعاون المجتمع ويتكافل في سبيل ترسيخ هذا السلوك وتغذيته عن طريق البيت والشارع والمدرسة والأب والمدرس و……

القيم: المفهوم والماهية

    في اللغة: قيمة الشيء: قدره و قيمة المتاع: ثمنه و يقال لفلان قيمة: ماله ثبات ودوام على الأمر والجمع قيم. ويجب أن ننبه إلى ما تنبه إليه الأستاذ سامي خشبة عند استعراضه لتعريف “القيمة””Value” والمدارس التي تتنازعها. في الأخير قال:(وينبغي أن نشير إلى أن مصطلح ((القيمة))هنا لا علاقة له بمصطلح (( القيم )) Morals- ودلالته الأخلاقية والاجتماعية أساسا الذي يستحسن أن نجعله ((منظومة القيم)) حتى نتغلب على إحدى المشاكل الدلالية التي تثيرها أحيانا المفردات المحدودة للغة. وتجدر الإشارة إلى أن القيم أوسع من الأخلاق، بحيث أننا نتحدث عن قيمة الزمن ولا نتحدث عن أخلاق الزمن..إلخ، هذا من ناحية المقاربة اللغوية للمصطلح. أما إذا حاولنا مقاربة المصطلح من الناحية المفاهمية الاصطلاحية فسنجد كثرة التعريفات المتنوعة التي تدل على اتسام المفهوم بطابع انسيابي من مجال إلى مجال، ومن تخصص إلى تخصص.

فالقيم ما هي إلا انعكاس للأسلوب الذي يفكر الأشخاص به في ثقافة معينة، وفي فترة زمنية معينة. كما أنها هي التي توجه سلوك الأفراد وأحكامهم واتجاهاتهم فيما يتصل بما هو مرغوب فيه أو مرغوب عنه من أشكال السلوك في ضوء ما يضعه المجتمع من قواعد ومعايير. وقد تتجاوز الأهداف المباشرة للسلوك إلى تحديد الغايات المثلى في الحياة ، فهي على حد تعبير ” روكيش” , إحدى المؤشراتالهامة لنوعية الحياة ، ومستوى الرقي ، أو التحضر في مجتمع من المجتمعات. أو بتعبير بسيط عند الأستاذ أمحمد الطلابي:” إطار نسقي أو منظومة عقدية و دينية أو فلسفية مفضلة عند حضارة أو شعب ما ، تتجدر كثقافة تصنع أسلوب الحياة . وتتحدد وفقها تصورات الكون و الطبيعة و التاريخ وحتى الوجود”. بل يرى الأستاذ المهدي المنجرة أن “المفهوم القيمي ، ينبع من صلب بناء المجتمع، وفيه إنتاج وابتكار وتجديد، ما دمنا لم نمس الأركان …؛ فالإسلام لم يأت عقيدة فقط؛ بل فلسفة حياة وتركيب عقلانيا، ومعاملات وأخلاق

القيم: الأقسام والأنواع

وتنقسم القيم بين البشر، وهي قيم التواصل و التكامل و المساواة، إلى قيم أخلاقية واجتماعية وآداب إنسانية(مدونة القيم من القرآن والسنة محمد بلبشير).

ويرى الأستاذ طه جابر العلواني بأن الفلاسفة قسموا القيم إلى ثلاثة أنواع : قيم الحق، قيم الخير، قيم الجمال.  ويرجع الاختلاف في أنواع القيم – وان لم يكن المشكل يمس الجوهر- إلى الاختلاف في تقدير القيم في حد ذاتها وقد استعرض الأستاذ “سامي خشبة” رؤى كل من الرومانتيكين والمثاليين لمسألة القيم إلى حد وصل ببعضهم إلى طرح سؤال : هل يمكن تحديد قيمة للحب و الجمال أو الوطنية .

القيم: المصدر والمنبع

يرى الأستاذ العلواني بأن مصدر القيم عند الغربيين من، العقل فقط . أما عند المسلمين فمن الوحي و الوجود معا ( الأزمة الفكرية مرجع سابق). بينما يرى الأستاذ بلبشير بأنها ” تنحصر في مصدرين اثنين : مصدر علوي وردت قيمه على الإنسان عن طريق الشرائع السماوية ومنها الإسلام، ومصدر بشري يبدع قيمه رواد من المفكرين والفاعلين في حقول السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية، و تزكيها الشعوب تارة وترفضها تارة أخرى. وتلتقي قيم المصدرين في أغلب القيم المعروفة، ولكن المصدرين يختلفان في المعيارية و المصداقية.

القيم : الخصائص و المميزات

تتميز القيم بخصائص مهمة يمكن إجمالها حسب مستخلصات التعريفات في ما يلي :

1- القيم تكون مفضلة عند الحضارات.

2- القيم تنظم المجتمع وتحفظ استقراره.

3- منظومة القيم هي النواة الصلبة التي تستعصي على الذوبان.

4- القيم تصوغ رؤى وتصورات المجتمعات.

5- القيم تكون مستساغة و مقبولة عند العقول السوية.

6- القيم تتميز بالاستقرار النسبي.

7- القيم تعطينا صورة عن طريقة تفكير المجتمعات.

8- القيم لها رمزية معنوية و سلطة ثاوية في توجيه سلوكيات المجتمع بوعي أو بدون وعي.

9- المجتمع بدون قيم مؤذن بخراب عمرانه.

مفهوم الحضارة:

تعود  جذور كلمة ” culture ” إلى اللفظ اللاتيني ” culture ” الذي يعني حرث الرض وزراعتها . وقد ظلت اللفظة مقترنة بهذا المعنى طوال العصرين اليوناني والروماني، حيث استخدمها شيشرون مجازا بالدلالات نفسها. فقد أطلق على الفلاسفة” Mentis culture” أي زرافة العقل  مؤكدا على أن دور الفلسفة هو تنشئة الناس على تكريم الآلهة ، وقد ظلت الكلمة هكذا حتى القرون الوسطى حيث أطلقت في فرنسا على الطقوس الدينية . وفي عصر النهضة اقتصر المفهوم على مدلوله الفني والأدبي ، فتمثل في دراسات تتناول التربية والإبداع. وبعدها عمد فلاسفة القرن السابع عشر إلى تطبيق المناهج العلمية في دراسة المسائل الإنسانية وأفردوا مضمارا خاصا للعمليات المتعلقة بالمفهوم.

إنه وبتتبع هذا المصطلح قد لا يبدو أن ثمة مصطلحًا أخذ حظًّا من الشيوع والتداول في حياتنا المعاصرة، مثل مصطلح “الحضارة”، حتى صارت النسبة إليه كافيةً للدلالة على أهمية المنسوب وجلالة قدره؛ فيقال: الأخلاق الحضارية.. التخطيط الحضاري.. الذوق الحضاري.. التدين الحضاري.

وهذه عشر حقائق تلقي ضوءًا مكثفًا على مصطلح “الحضارة”؛ في معانيه اللغوية، وعند أبرز مفكري الحضارة:

1- يسلك “المصطلحُ” رحلة كبيرة، بَدءًا من ولادته لغويًّا ثم ما يحمله عبر الأجيال والأحداث، حتى يستقر معناه إلى درجة ما؛ ومع ذلك يكون قابلاً لحمولات إضافية لاحقة.

2- مصطلح “الحضارة” في معناه اللغوي عَرَفه تراثنا الإسلامي؛ وهو ذو دلالات متعددة ترتبط بالمكان، ومنها الحضر – مقابل البدو – وترتبط بالمكانة، ومنها الحضور والشهود والقرب.

3- مصطلح “الحضارة” في معناه الاصطلاحي مصطلح غربي وافد على ثقافتنا، وإنْ كان مضمونه مستقرًّا في الإسلام الذي رسخ نموذجًا راقيًا معنويًّا وماديًّا في مجالات الحياة كافة.. فمن الملاحظ علميًّا أن المضامين تسبق المصطلحات، وأن عدم ظهور المصطلح لا ينفي وجود مضمونه.

و”الحضارة” ترجمةٌ للفظة الإنجليزية “Civilization”، والتي يعود أصلها إلى عدة جذور في اللغة اللاتينية؛ “Civilties” بمعنى مدينة، و”Civis” أي ساكن المدينة، و”Cities” وهو ما يُعرف به المواطن الروماني المتعالي على البربري، ولم يشتق منها “Civilization” حتى القرن الثامن عشر، حين عرفه دي ميرابو في كتابه “مقال في الحضارة” باعتباره رقة طباع شعب ما وعمرانه ومعارفه المنتشرة بحيث يراعي الفائدة العلمية العامة.

4- ارتبط مصطلح “الحضارة” في الغرب بنشأة “المدِينة” التي اعتُبرت مصدرًا ومنبعًا للقيم التي لم تكن معروفة إلا مع التطور الأخير للمدينة بعد الثورة الصناعية.. بينما “المدينة” في الخبرة الإسلامية هي نتيجة لوجود هذه القيم والأنماط والسلوكيات وليست سببًا لها .. وهذا الفارق يرتبط بأن المنهج الإسلامي مصدره الوحي، وليس الواقعَ الماديَّ كما هو الحال في المناهج الغربية.

5- أسهم ابن خلدون ومالك بن نبي وويل ديورانت -على اختلاف مرجعياتهم وإسهاماتهم- في إثراء مصطلح “الحضارة” وتوضيح مضمونه، بما يبين أهمية التعرف على أفكارهم فيما يتصل بالحضارة وإشكالياتها.

6- يرى ابن خلدون أن “الحضارة” إحدى مراحل عمر الدولة، ومرحلة وسطى بين مرحلة البداوة والخشونة، ومرحلة الترف والفساد المؤْذِنة بانهيار العمران؛ ولذلك اعتبر أن “الحضارة زائدةٌ على الضروري من العمران، وأن الترف زائد على الحضارة” ..

بينما يذهب ابن نبي إلى أنها: مجموع الشروط الأخلاقية والمادية التي تتيح لمجتمع معين أن يقدم لكل فرد من أفراده – في كل طور من أطوار وجوده – المساعدة الضرورية له؛ وأن معادلتها تتكون من: الإنسان، التراب، الوقت؛ ويمثل الدين “المركِّب الحضاري” الذي يمزج بين هذه العناصر الثلاثة .. فيما يعرِّف ديورانت “الحضارة” بأنها: “نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي”؛ وتبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق.

7- يذهب معظم الباحثين إلى أن “الحضارة” مجموعُ “الثقافة” و”المدَنيّة”؛ وأن “الثقافة” تُعنى بالجوانب الفكرية والأخلاقية والفنية، بينما “المدنية” تعنى بالجوانب المادية.

8- إذا كانت “الثقافة” تختص بالجانب المعنوي من الإنجاز الحضاري، فإن د. حسين مؤنس يشير إلى ملمح آخر يميز مفهوم “الثقافة”، وهو كونها تعبر عن البيئة المحلية لجماعة من الجماعات؛ فـ”كلما كانت الظاهرة الحضارية أكثر التصاقًا بطبيعة البلد الذي قامت فيه، فهي ثقافة” .. لكن هذا لا يمنع من أن أي ثقافة لها جانب ذاتي تتميز بها، ويمثل شخصيتها الحضارية المستقلة؛ ولها جانب مشترك تستفيده من الثقافات الأخرى؛ فاتصال الثقافات وتلاقحها أمر ثابت، ليس بوسع منصفٍ أن ينكره.

9- مع التسليم بأن “المدنية” تعني الجانب المادي من الحضارة، فيجب التنبيه إلى أن مصطلح “المدنية” به بعض الالتباس ينبغي إيضاحه والحذر منه؛ ذلك أنه قد تم تعريف “المدنية” في التجربة الغربية في مرحلة من المراحل، بمقابل “الدين” بالمعنى الكنسي وظلاله السوداء القاتمة في هذه التجربة، التي شهدت التمرد على سلطة الكنيسة، لكنها تجاوزت ذلك إلى التمرد على الدين ذاته!! وهو أمر لم تعرفه التجربة الإسلامية.

ولذا، ظهرت في التجربة الغربية “مفاهيم مثل: (المجتمع المدني) كمقابل للمجتمع اللاهوتي أو الكنسي أو الديني؛ و(الثقافة المدنية) كمقابل للثقافة الدينية؛ و(التعليم المدني) كمقابل للتعليم الديني.. إلخ؛ بحيث أصبحت (المدنية) صفة تعاكس تمامًا صفة (الدينية)؛ سواء في القانون، أو الاجتماع، أو السياسية”.

10- لا تكاد “تخلو أمة من تسجيل بعض الصفحات في تاريخ الحضارة؛ غير أن ما تمتاز به حضارة عن حضارة؛ إنما هو قوة الأسس التي تقوم عليها، والتأثير الكبير الذي يكون لها، والخير العميم الذي يصيب الإنسانية من قيامها”.

ولعل هذا سر تميز الحضارة الإسلامية التي امتدت ظلالها لترفرف حتى على المخالفين الذين عاشوا في كنفها، فضلاً عن أنه قد أفاد منها مَن دخلوا معها في جولات من الصراع والتدافع؛ مثل أوروبا في حملاتها الصليبية التي امتدت نحو قرنين؛ حتى كان احتكاكهم بالشرق الإسلامي أحد عوامل نهضتهم الحديثة.

يطرح علينا الآن السؤال المركزي ما هو دور المدارس الإسلامية العتيقة ف البناء الحضاري وترسيخها للقيم؟

تعتبر المدارس العتيقة إحدى الدعامات الأساسية في بناء هوية الفرد والمجتمع، والمحافظة على الهوية من خلال تعزيز منظومة القيم ، كما تعمل على حماية الأمن الروحي للمجتمع.

وإن من أهم القيم التي تحاول وحاولت، وحافظت عليها، ورسختها المدارس العتيقة:

القيم العقائدية، القيم الفكرية والثقافية، القيم الاجتماعية والأسرية، القيم التواصلية، القيم الاقتصادية والمالية، القيم الوقائية والصحية، القيم الحقوقية، القيم الفنية والجمالية، القيم البيئية.

إن المدارس العتيقة، والتعليم العتيق اعتبر نظاما تعليما أصيلا نشأ في حضن الحضارة العربية الإسلامية وازدهر في عصورها الماضية، وقد تطور هذا النظام التعليمي في ظل هذه الحضارة ونما ليفي بحاجات مجتمعاتها، وكان أساسه المتين ما أوثر عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يعلم الصحابة رضوان الله عليهم أمور العقيدة وشؤون الدين، ثم تطور هذا المنهج بتطور مجتمع المسلمين وتطور حاجاتهم وازدهار المعارف والعلوم في عهدهم، وإن كان دائما محافظا على المواءمة بين التربية والتكوين وقرن العلم بالعمل، وربط المعرفة بالتطبيق.

ومن المعلوم أن هذا النمط من التعليم الأصيل قد شهد تغيرا بتغير مسار الحضارة الإسلامية، من البدايات الأولى إلى الازدهار والتطور وانتهاء بالانكماش والركود، وهكذا مثلا انتقل هذا التعليم من دراسة الأصول العلمية إلى الاقتصار على المختصرات وشروحها، ومن المعرفة المنفتحة المتطورة المبنية على الاجتهاد إلى المعلومات الثابتة في المنظومات العلمية، غير أن ذلك لم يحل دون إسهام هذا التعليم في كل المراحل التاريخية في تنشئة الفرد وخدمة المجتمع والحفاظ على كيان الأمة وتثبيت قيمها ومثلها.

إن من نقاط قوة التعليم العتيق والمدارس الإسلامية العتيقة، هو الإجماع حول المنطلقات والمرجعية: عكس التعليم العام (وهذا دافع للعناية به لأنه أكبر داعم للهوية)، وبالتالي عندما نسعى إلى إدماجه بالتعليم العمومي الذي لازال يتخبط في مسألة المرجعية تهديد له ومنه وبطريق التعدية تهديد للهوية الإسلامية، مما يدفعنا للقول بضرورة حفاظه على خصوصيته. فكيف للتعليم العتيق أن يندمج مع نظام تعليمي يجعل من قيم حقوق الإنسان في بعدها الكونية من مرتكزاته الثابتة كاختيار وتوجه؟ والكل يعلم ما لهذه العبارة من دلالات قيمية تحيل لا محالة إلى بعد إيديولوجي يتعارض مع المرجعية الإسلامية، أو على الأقل لا يتناسب معها. هذا من الناحية الدينية والهوياتية.

وبالرجوع إلى الأدوار العلمية لجامع القرويين، بعد أن أبرزنا الأدوار الاقتصادية والسياسية،  يتبين أهمية هذه المدارس في تحصين الأمة .

فإن الإشعاع العلمي للقرويين  امتد منذ العصر الإدريسي إلى وقت الناس هذا، حيث لم يقتصر التدريس على العلوم الشرعية، بل اتسع ليشمل باقي علوم الحياة والعلوم العقلية والطبية. واشتهرت فاس وجامعها بالعمق العلمي، حتى شاعت بين علماء فاس مقولة أن: “العلم ولد بالمدينة، وربي بمكة، وطحن بمصر، وغربل بفاس”. وانتشرت في أرجاء القرويين كراسي العلم وخصصت لها أوقاف، واعتبر كرسي العلم في جامعة القرويين ولاية حكومية عليا كالوزارة والقضاء والفتوى، يقول صاحب كتاب “فاس عاصمة الأدارسة”: “ذكر مترجمو محمد بن إدريس العراقي ـ إمام النحاة في عصره ـ عنه أنه ولي تدريس كرسي سيبويه بالقرويين.. وقالوا عن عبد الواحد الونشريسي أنه جمع بين خطط الولايات الثلاثة: الفتيا بفاس والقضاء بها والتدريس بالقرويين.. وعن فاس أخذت الدنيا بعد ذلك نظام كراسي العلم والأستاذ الجامعي الكبير”.

وقد سميت القرويين بالجامعة، لأنها مكان تلقى فيها دروس للجميع من طلاب وحرفيين، ومحاضرات يحضرها الرجال والنساء والأطفال، والولاة والقضاة والموسيقيين. وتخرج منها فقهاء المذاهب الفقهية السنية، مع التركيز على المذهب المالكي، لأنه المذهب الاجتماعي السائد في البلاد، وقد تبلور فيما كتبه أعلامه الذين احتفظوا بالأعراف والعوائد المكونة لشخصية المجتمع في كتب النوازل والأحكام الفقهية.

كما كانت هيئة التدريس تعين بظهائر سلطانية وتحصل على مرتباتها الرسمية من إدارة الحبوس، وكثيرا ما تدخل السلطان لتحديد البرامج الدراسية واستبعاد المواد التي لا تلائم التوجه الديني السلطاني. ولم ينحصر الإشعاع العلمي لفاس عامة وللقرويين خاصة على الذكور، بل نبغت عالمات وأديبات وسياسيات وفقيهات وقارئات ومحدثات.

أما من الناحية التربوية، فإن إلزام طلبة التعليم العتيق بنسبة الثلثين من الحصص المخصصة للتدريس لمواد التعليم العمومي بغرض “التجسير” معناه أن هذه الحصص تُستغرق منها دراسة اللغات الأجنبية بما فيها الأمازيغية و المواد الاجتماعية والعلمية و”التربية البدنية” نسبة الثلثين، ويبقى الثلث للعلوم الشرعية! فهل ذلك كفيل “بتخريج العلماء بالشريعة الذين بهم يقوم الشأن الديني كله في الأمة، وتحيا بهم حركة الاجتهاد الراشد والتربية الربانية” كما جاء في الوثيقة التربوية الإطار للتعليم العتيق؟

إن أهمية التعليم العتيق تنبع من مكانته في الساحة التربوية للبلاد، فبالإضافة إلى دوره التربوي-التعليمي والقيمي، فإنه صمام الأمان والأمن لهذه الأمة، والمدافع عن ثوابتها الدينية، والمحافظ على هويتها الإسلامية وتراثها العلمي والحضاري.

وإن من أهم  أدوار هذه المدارس في عدة وظائف نيرة كالوظيفة التربوية التعليمية، والوظيفة الأخلاقية الروحانية، والوظيفة التأطيرية التنموية، والوظيفة الوطنية، والوظيفة القومية، والوظيفة السياسية.

 ومن نقاط ضعفها أن هذه المدارس العتيقة تعتمد مناهجها على الحفظ والتلقين والاستظهار وشحذ الذاكرة واعتماد المتون والملخصات والهوامش والحواشي واستيعاب المؤلفات وحفظ الكتب، مما سبب هذا الوضع التعليمي في الجمود والركود والاجترار والانغلاق وقتل المبادرات الفردية وكبت المواهب الشخصية والاهتمام بالعلوم النقلية التقليدية على حساب العلوم العقلية الحديثة.

ولهذه الأسباب وغيرها، يستوجب الظرف الحالي لهذه المدارس العتيقة تنفيذ مجموعة من العمليات الإصلاحية التي ينبغي أن تمس الجانب الإداري والتنظيمي، ومختلف برامج التدريس ومناهجه الديداكتيكية مع تمثل الفلسفات التربوية المعاصرة الفعالة، والانفتاح على مستجدات العصر الرقمي والتقني، وتحفيز الأطر العاملة والمتعلمة على حد سواء من أجل البذل والعطاء والاجتهاد والابتكار والإبداع.

ولا ننسى أبدا التفكير جديا في مسالك التأهيل والتكوين، والبحث عن طرائق بديلة في التأطير والتعليم، وإيجاد منافذ التخرج الناجعة، ورسم آفاق التشغيل والتخطيط لها بطرائق أكثر عمقا وواقعية على ضوء مقاربات توقعية آنية ومستقبلية وإستراتيجية.

ويؤكد الدكتور خالد الصمدي الخبير الدولي في مناهج التربية والتعليم وإدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في المنظومة التربوية في حوار مع موقع رابطة علماء المغرب  أن «العلوم الشرعية هي حصيلة تعامل العلماء مع مصادر الوحي, وبالتالي فهي تقدم لمتعلميها الحصانة الشرعية والمفاهيم الإسلامية الصحيحة، التي تمكنه من أن يعايش الناس بالحسنى «، مسوغاً أن «ضعف اهتمام الناس بهذه العلوم وضعف التكوين الشرعي هو الذي يؤدي إلى ظهور مفاهيم متطرفة مخالفة للمقاصد الشرعية».

ويحدد خالد الصمدي بضعة اقتراحات من شأنها أن “ترقى بالتعليم الديني إلى المستوى المرغوب من الجودة حتى يسد الثغرات الحاصلة في حاجة المجتمع إلى متخصصين في العلوم الشرعية، قادرين على إنتاج خطاب إسلامي معاصر وواقعي، ومنها: اختيار الملتحقين بالتعليم العتيق بناء على معايير علمية وأخلاقية صارمة، وتطوير مناهج التعليم العتيق لتجمع بين العلوم الشرعية والإنسانية واللغات ومهارات التواصل الفنية واللغوية، وتأهيل المدرسين وفق أحداث النظريات التربوية الحديثة وتحفيزهم معنويا وماديا، ثم تشجيع الالتحاق بالتعليم العتيق من خلال الدعم المادي والمعنوي للملتحقين به وفتح آفاق اندماجهم في الحياة العامة”.

خلاصة:

إن الغرض من هذه المدارس أولا وأخيرا هو حماية الدين الإسلامي من تأويل الغالين وانتحال المبطلين وضلالة المضللين ، وصون الوطن من دسائس التغريب والتنصير والتشكيك الذي أرخى بفتنه خلال السنوات الماضية على مجتمعنا المغربي ولا زال، ثم تحصين المجتمع المغربي من الفتن والتمزق والحقد العنصري، وتوعية الشعب المغربي وتحصينه من الجهل والشعوذة والخرافة، والدفاع عن اللغة العربية لغة القرآن الكريم.. الأمر الذي يستدعي حقا دعمها والإشادة بها إعلاميا وتربويا والعمل على فتح مجالات متعددة للشغل أمام خريجيها، والابتعاد عن تلك المقاربة الأمنية التي تحاول احتوائها وتقليص تأثيرها على المجتمع المغربي.

لقد رسخت هذه المدارس القيم وحصنت الأمة واستخدمت آليات في مناهج التعليم الديني، وذلك من خلال : المؤسسات الدينية من مساجد ودور قرآن ومجالس علمية ، والمؤسسات التعليمية ، ومراكز البحوث والدراسات العلمية، والمؤسسات الإعلامية.

إن لمناهج التعليم الديني دور مركزي في ترسيخ منظومة القيم الإسلامية، وتحصين الأمن الروحي من خلال استدماج القيم الإسلامية في البرامج والمناهج الدراسية. ومن خلال تبنيها مقاربة متكاملة تتأسس على بناء ” مشروع تربوي دعوي” متكامل وطويل الأمد. يروم إكساب المجتمع المغربي المناعة الداخلية القائمة على التشبع بالمرجعية الدينية ضد أي اختراق في العقيدة والفقه والسلوك، يهدف إلى خلق انقسامات عقائدية وخلافات مذهبية، وهذه المناعة تتجسد في تحقيق الطمأنينة الدينية بالحيلولة دون التشويش على العقيدة والمذهب.

لا بد من التنويه بالدور الريادي للمدارس الإسلامية في التشبث بالثوابت الدينية والوطنية كما هو منصوص عليها في الوثيقة الدستورية وفي ميثاق التربية والتكوين كإطار لأي إصلاح للمنظومة التربوية للمناهج التربوية ولمناهج ومقررات التربية الإسلامية والعلوم الشرعية بوصفها إطارا مرجعيا لأي إصلاح مرتقب لمناهج ومقررات ومحتويات التربية الإسلامية والعلوم الشرعية في مختلف مسارات التعليم العمومي والخاص والتعليم العتيق؛ كما نؤكد بدورها الحضاري ومازالت – مؤسسات التعليم الديني بالمغرب بمختلف روافده في ترسيخ القيم وتغذية الفكر الوسطي المعتدل وترشيد السلوك، دل على ذلك تاريخها ورصيدها الحضاري وإنتاجها العلمي وحجم ونوعية خريجيها، من العلماء والدعاة والمصلحين، وندعو مختلف الفاعلين إلى تضافر الجهود لتثمين مكتسباته والتعاون على إصلاحه وتأهيله للنهوض بمسؤولياته والقيام بأدواره؛

ونؤكد المسار الإيجابي والجهود  المبذولة لإصلاح مناهج ومقررات ومضامين وطرق تدريس التعليم في اتجاه “تعزيز التربية على القيم الإسلامية السمحة، – وفي صلبها المذهب المالكي – الداعية إلى الوسطية والاعتدال وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات”.. على أن “ترتكز هذه البرامج والمناهج على القيم الأصيلة للشعب المغربي وعلى عاداته وتقاليده العريقة القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الايجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر”. وذلك وفقا لما جاء في التوجيهات الملكية الواردة في بلاغ الديوان الملكي الصادر عقب المجلس الوزاري المنعقد بالعيون يوم 26 ربيع الثاني 1437 الموافق 6 فبراير 2016 .

ولا بد من التأكيد على أن المغرب بمقوماته الحضارية وخصوصياته التاريخية وبعناصر إشعاع نموذجه الديني والوطني في محيطه في غنى عن أي مقاربة لاصطناع الصدام والتوتر بين مقومات الهوية ومستلزمات التنمية من جهة، وبين مسارات التعليم الديني ومسالك التعليم المدني وبين مقررات التعليم العتيق والتعليم العصري أو الحديث، وهو أكثر استغناء عن إضاعة وتبديد الجهود والطاقات في محاولات إحلال “التربية الدينية” محل التربية الإسلامية، لأن ذلك يتنافى مع جهود توحيد منظومة التربية والتعليم، ويفضي إلى التراجع عن مكتسبات وتراكمات الجهود الإصلاحية لمنظومتنا التربوية والتعليمية وآخرها ما رسخه ميثاق التربية والتعليم والرؤية الإستراتيجية التي صادق عليها المجلس الأعلى للتربية والتعليم والبحث العلمي؛ ولكون المغرب يعتبر دولة إسلامية ذات ثوابت دينية ووطنية جامعة تستند عليها الأمة في حياتها العامة ويتبوأ فيها الدين الإسلامي مكانة الصدارة، ولكون المغرب يتميز بوحدته الدينية والمذهبية ويضمن فيه للجميع حرية ممارسة شعائره الدينية ويتميز بالانفتاح والتسامح والتعايش والاختلاف البناء في نطاق الثوابت الدينية والوطنية المنصوص عليها في الثوابت الدستورية ومقومات الهوية الحضارية للمملكة؛ ولا يسعنا إلا تثمين الجهود الرسمية والإسهامات المدنية الهادفة إلى تعزيز المنظومة التربوية والتعليمية خريطة ومناهجا ومقررات للعلوم الشرعية والتربية الإسلامية وإعادة هيكلة مؤسساتها العليا على وجه الخصوص لجعلها حاضنة للمعاهد العليا والمؤسسات الجامعية ضمن تصور موحد من أجل تخريج العلماء الراسخين والخبراء المؤهلين القادرين على إغناء النموذج الديني المغربي وتعزيز إشعاعه وترسيخ وسطيته وترشيد خطابه، جنبا إلى جنب مع إصلاح مناهج ومقررات ومحتويات التربية الإسلامية في التعليم العمومي والخاص في اتجاه تعزيز التربية على القيم الإسلامية السمحة وننوه بحكمة المسؤولين الذين تجاوبوا مع نبض المهتمين والممارسين في اعتماد التربية الإسلامية عوض التربية الدينية في المناهج والمقررات التي لا تتوفر دواعي تغيير مسمياتها بالمغرب؛ ونؤكد على إيلاء عناية أكبر في إصلاح المناهج والبرامج لترسيخ القيم الإسلامية والوطنية الأصيلة، وتعزيز قدرات التحليل وملكة الاستيعاب والفهم وقدرات التواصل والحجاج والبرهان وبيداغوجيات وطرق تدريس التربية الإسلامية والعلوم الشرعية، وذلك لتعزيز التكاملية بين المعارف والقيم والمهارات في مناهج ومقررات التدريس، وتقوية التوازن في مواصفات الخريج القادر على رفع التحديات والمؤهل لمخاطبة العالم بخطاب إسلامي أصيل وسطي منفتح وقادر على مواكبة التحولات القيمية والثقافية والحقوقية الجارية، والتأكيد على أهمية من خلال اعتماد عدة معرفية ومهارات تواصلية وقدرات إقناعية كفيلة بدحض المزاعم المؤسسة للغلو والتطرف وقادرة على محاججة الشبهات للاختراق العقدي والمذهبي أو الفكري أو القيمي، وختاما لا بد من التأكيد على أهمية التعاطي المتأني والهادئ والتشاركي في إصلاح مناهج ومقررات وبنيات التربية الإسلامية والعلوم الشرعية ضمن إطار يتكامل مع باقي روافد التربية والتكوين وذلك ضمن مبدأ وحدة المعرفة وخيار تكامل العلوم ووفي ظل الحاجة إلى التخصص القادر على استئناف مسيرة الاجتهاد الشرعي والتجديد الفكري والتحديث التقني والمؤسساتي في إطار الثوابت والمقومات الجامعة وفي انفتاح على روافد الحكمة الإنسانية والقيم الكونية النبيلة.

ملحق:

مهام مديرية التعليم العتيق ومحو الأمية بالمساجد:

تختص مديرية التعليم العتيق ومحو الأمية بالمساجد وفقا للظهير الشريف رقم 1.16.38 لـ 17 جمادى الأولى 1437(26 فبراير 2016) في شأن اختصاصات وتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالمهام التالية:

  • تحديد الاستراتيجية التربوية المتعلقة بالتعليم العتيق
  • إعداد وتنفيذ البرامج والمشاريع المتعلقة ببناء وتجهيز وتهيئة مؤسسات التعليم العتيق
  • وضع نظم الدراسات والامتحانات
  • منح رخص فتح مؤسسات التعليم العتيق الخاصة والسهر على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بها، ولاسيما مراقبة مدى احترامها لالتزاماتها التربوية والإدارية
  • دراسة طلبات واقتراحات ضم مؤسسات التعليم العتيق الخاصة
  • اقتراح الإجراءات الكفيلة بدعم مؤسسات التعليم العتيق ومساعدتها على أداء البرامج والمناهج وتقويمها
  • السير على التكوين الأساسي والتكوين المستمر لأطر التعليم العتيق
  • التنسيق مع الجهات المهتمة بقضايا التربية والتكوين
  • إعداد البرامج والمناهج الخاصة ببرنامج محو الأمية بالمساجد
  • وضع نظم التقويم والامتحانات المتعلق ببرنامج محو الأمية بالمساجد
  • إعداد برامج التكوين والاستشارة التربوية والتعاون ببرنامج محو الأمية بالمساجد والسهر على تطبيقها
  • الإشراف على تدبير البرنامج واقتراح جميع الإجراءات الكفيلة بتطويره

النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة للتعليم العتيق

قانون التعليم العتيق

  • ظهير شريف رقم 1.02.09 صادر في 15 من ذي القعدة 1422 (29 يناير 2002)بتنفيذ القانون رقم 13.01في شأن التعليم العتيق
  • مرسوم رقم 2.05.1273 صادر في 29 من شوال 1426 (2ديسمبر 2005) بتكليف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بتحديد كيفيات تطبيق أحكام القانون رقم 13.01 في شأن التعليم العتيق

نظام الدراسات والامتحانات

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 2022.10 صادر في 5 ذي القعدة1431(14 أكتوبر2010) في شأن نظام الدراسات والامتحانات بمؤسسات التعليم العتيق
  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم2727.12 صادر في12 من رمضان1433 (فاتح أغسطس2012) بتغيير وتتميم القرار رقم2022.10 الصادر في5 ذي القعدة1431(14 أكتوبر2010) في شأن نظام الدراسات والامتحانات بمؤسسات التعليم العتيق
  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 3826.14 صادر في10محرم1436(4نوفمبر2014) بتغييرالقرار رقم 2022.10 الصادر في 5 ذي القعدة1431(14أكتوبر2010) في شأن نظام الدراسات والامتحانات بمؤسسات التعليم العتيق
  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم3317.16صادرفي 10 صفر 1438(10نوفمبر 2016)بتغيير وتتميم القرار رقم2022.10الصادر في 5ذي القعدة 1431(14أكتوبر 2010) في شأن نظام الدراسات والامتحانات بمؤسسات التعليم العتيق

الترخيصات

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 874.06صادر في 5 ربيع الآخر 1427 (3 ماي 2006) بتحديد كيفيـات منح الترخيص بفتح مؤسسة للتعليم العتيق أو توسيعها أو إدخال تغييرات عليها

معايير التأطير والتجهيز

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 876.06 صادر في 5 ربيع الآخر 1427 (3 ماي 2006)بتحديد معايير التأطير والتجهيز التي تخضع لها مؤسسات التعليم العتيق
  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 1067.11صادر في 23 من جمادى الأولى 1432 (27 أبريل 2011)بتغيير وتتميم قرار وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 876.06 الصادر في 5 ربيع الآخر 1427 (3 ماي 2006) بتحديد معايير التأطير والتجهيز التي تخضع لها مؤسسات التعليم العتيق

المؤهلات التربوية

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 1068.11 صادر في 23 من جمادى الأولى 1432 (27 أبريل 2011) بتحديد المؤهلات التربوية الواجب توافرها في مديري مؤسسات التعليم العتيق والمدرسين بها

 الهيئة العلمية التابعة للجنة الجهوية للتعليم العتيق

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 878.06 صادر في 5 ربيع الآخر 1427 (3ماي 2006) بتحديد تأليف الهيئة العلمية التابعة للجنة الجهوية للتعليم العتيق

دعم الدولة للتعليم العتيق

  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 875.06 صادر في 5 ربيع الآخر1427(3ماي2006) بتحديد شروط الاستفادة من دعم الدولة للتعليم العتيق
  • قرار لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 3410.10 صادر في 21 من محرم 1432)27 ديسمبر 2010(بتغيير القرار رقم 875.06 الصادر في 5 ربيع الآخر 1427) 3 ماي 2006( بتحديد شروط الاستفادة من دعم الدولة للتعليم العتيق
  • مرسوم رقم 155.07.2 صادر في 5 رجب 1429 (9 يوليو 2008) بصرف مكافأة للعاملين بمؤسسات التعليم العتيق ومنحة دراسية للتلاميذ والطلبة بها
  • مرسوم رقم 2.11.554صادر في 22 من ذي القعدة 1432 (20أكتوبر2011) بتغيير المرسوم رقم2.07.155 الصادر في 5 رجب 1429(9 يوليو 2008) بصرف مكافأة للعاملين بمؤسسات التعليم العتيق ومنحة دراسية للتلاميذ والطلبة بها
  • مرسوم رقم 2.12.588 صادر في13من 1434 (27 ديسمبر 2012) بتتميم المرسوم رقم 155.07.2 صادر في 5 رجب 1429 (9 يوليو 2008) صرف مكافأة للعاملين بمؤسسات التعليم العتيق ومنحة دراسية للتلاميذ والطلبة بها

 جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية

  • ظهير شريف رقم 1.02.204 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بإحداث جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية
  • ظهير شريف رقم 1.12.19 صادر في 27 من شعبان 1433 (17 يوليو 2012) بتغيير الظهير الشريف رقم 1.02.204 الصادر في 12 من جمادى الأولى 1423(23 يوليو 2002) بإحداث جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية
  • قرار مشترك لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ووزير الإقتصاد والمالية رقم 193.08 صادر في 13 من جمادى الأولى 1429(19 ماي 2008) بمنح تعويضات لأعضاء لجنة جائزة محمد السادس للكتاتيب القرآنية

أقرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قانونا ينظم نظام التعليم العتيق بهدف تكوين المواطن الصالح الشغوف بتحصيل العلوم الشرعية إلى جانب العلوم العصرية الحديثة…

بالنظر للقانون المنظم للتعليم العتيق، 01 ـ13 الصادر في 15 من ذي القعدة 1422 هـ /الموافق ل: 29 يناير2002 م

يمكن استخلاص التالي:

أن التعليم العتيق بموجب هذا القانون له أبعاد عامة يروم تحقيقها:

ـ تكوين المواطن الصالح المتصف بالاستقامة، والصلاح، المتسم بالاعتدال والتسامح

ـ تخريج مواطن شغوف بالعلم، وبطلب المعرفة في أرحب آفاقهما

ـ تخريج مواطن يتميز بروح المبادرة، والإنتاج النافع

ولتحقيق هده الأهداف العامة ينص القانون على:

– البدء بإتقان حفظ القرآن الكريم

– الإلمام بالعلوم المساعدة على فهم معانيه [ العلوم الشرعية ]

– الإلمام بمبادئ العلوم الحديثة

– الاطلاع على الثقافات الأخرى

– أسلاك التعليم

كما ينص القانون على أن التعليم العتيق يلقن بالكتاتيب القرآنية كمرحلة ابتدائية. وبالمدارس العتيقة كمرحلة تعليم ابتدائي، وإعدادي، وثانوي. وبجامع القرويين وبمؤسسات التعليم النهائي كمرحلة التعليم النهائي العتيق، وتستغرق الدراسة في كل طور نفس المدة الدراسية بكل طور من أطوار الدراسة المماثلة لها بالتعليم العمومي.

وتشتمل البرامج الدراسية على قسم العلوم الإسلامية ذات الصلة المباشرة بالقرآن الكريم ،وقسم آخر يتضمن حصصا إلزامية من المواد المقررة بمؤسسات التعليم العمومي، في حدود الثلثين من الحصص المخصصة لهذه المواد بما في ذلك مادتا اللغات والرياضيات.

– إقرار نظام المعادلات في الشواهد الممنوحة

حتى تكون الموازاة بين التعليم العتيق والتعليم العمومي ذات فائدة علمية واجتماعية، قرر القانون التنظيمي المشار إليه العمل بنظام المعادلات في الشواهد، فجعل لكل طور من أطوار الدراسة بالتعليم العتيق شهادة تؤهل الطالب للانتقال للمرحلة الموالية إلى أن تتوج بشهادة التخرج النهائي، وهي شهادة العالمية.

وفي هذا الإطار يقبل طلبة التعليم العتيق لاستكمال التحصيل بمؤسسات التعليم العمومي، بعد إجراء اختبار من لدن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المختصة، وتطبق نفس الأحكام على تلاميذ وخريجي التعليم العمومي الراغبين في الالتحاق بالتعليم العتيق

– أنواع التعليم العتيق

يشتمل التعليم العتيق على تعليم عتيق عمومي وتعليم عتيق خاص. والفرق بينهما يكمن في الجهة المشرفة على كل منهما، فالتعليم الخاص يخضع لتسيير الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، خارج الإدارة. أما التعليم العتيق العمومي فيخضع لتنظيم وتسيير وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وكلا النوعين يخضع لوزارة الأوقاف من حيث المراقبة والتفتيش، وإلزامية العمل بالبرامج والمناهج المقررة في التعليم العتيق عموما.

المراحل الدراسية بالمؤسسة:

مراحل النظام الدراسي في المؤسسة

يتألف النظام الدراسي العام في المؤسسة من مراحل أربع تتكامل فيما بينها.:

  1. التعليم الابتدائي:

تدوم الدراسة بهذا المستوى ست سنوات تتوج بشهادة التعليم الابتدائي معترف بها من الدولة، وللحصول على هذه الشهادة يتوجب على التلميذ حفظ القرآن الكريم حفظا تاما بالإضافة إلى بعض المتون و المواد المقررة من قبل الوزارة مع اجتياز الامتحان الموحد. ويشترط للالتحاق بهذا الطور ألا يتجاوز عمر التلميذ 12 سنة، وألا يقل عن 6 سنوات. مع الإلمام مسبقا بالقراءة والكتابة.

ويمكن قبول تلاميذ سبق لهم أن درسوا في المدارس العمومية، بعد اجتياز مباراة تنظمها المؤسسة لتحديد المستوى المناسب لهم.

  1. التعليم الإعدادي والثانوي:

تدوم الدراسة بهذا المستوى ست سنوات، ثلاث سنوات بالمرحلة الإعدادية تتوج بالشهادة الإعدادية، وثلاث سنوات بالمرحلة الثانوية تتوج هي الأخرى بشهادة التعليم الثانوي (الباكالوريا) التي تخول للتلميذ ولوج السلك الجامعي، ولا يحصل التلميذ على كلتا الشهادتين إلا بعد اجتياز امتحان موحد في آخر كل مرحلة، تشرف عليه مديرية التعليم العتيق.

لوازم الالتحاق

أن يكون الطالب حافظاً لكتاب الله تعالى حفظاً تاماً.

أن يكون حافظاً لبعض المتون، كالأربعين النووية في الحديث، ومتن ابن عاشر في الضروري من علوم الدين، ومتن الأجرومية في قواعد اللغة العربية، وبعض الأبواب من ألفية ابن مالك في قواعد اللغة أيضاً.

أن يكون حاصلا على شهادة التعليم الابتدائي.

كما يجب على التلميذ أن يدلي بالوثائق التالية:

الشهادة الابتدائية.

نسخة من عقد الازدياد.

4 صور فوتوغرافية.

  1. التعليم النهائي للتعليم العتيق (المرحلة الجامعية):

مدة الدراسة بهذا الطور ثلاث سنوات، وبعد اجتياز الامتحان النهائي يمنح المتخرج شهادة العالمية مصادقا عليها من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتتمتع بجميع الامتيازات الممنوحة لباقي الشواهد الجامعية في المملكة المغربية.

لوازم الالتحاق بالتعليم النهائي العتيق

وللالتحاق بهذه المرحلة التعليمية يجب أن يدلي الطالب بالوثائق التالية:

بكالوريا أصلية عتيقة مع نسختين مصادق عليهما.

كشف النقط مع نسختين مصادق عليهما.

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى