التدين الغبي ـ رشيد بريمة

وأنا أحضر لجلسة رمضانية نظمتها الجمعية الإسلامية في مانيتوبا، استوقفني مفهوم لم أسمع به من قبل حتى من أكثر الناس مخالفة للدين وهومفهوم ” التدين الغبي”. هذه العبارة لم أقرأها في مقالة أو أسمع بها في حوار تلفزي أو في نقاش مع أحد “أعداء الدين ” كما نصفهم.

هي عبارة خرجت من داخل المسجد الكبير في وينيبيغ التابع لمقاطعة مانيتوبا الكندية. صاحب العبارة هو المرشد الأسري ياسر فزاكة وجاءت في سياق محاضرة قدمها عن تربية الأبناء في الغرب. يصف الشيخ ياسر التدين الغبي بأنه كل تدين لا يخضع لمنطق، وأنه كل تدين يركز على القشور دون الانتباه للجوهر وأنه كل تدين يجعل الناس تنفر من الدين ولا تقبل عليه وتجعل المتدين منعزلا عن الناس غير مندمج في المجتمع. على قدر أن كلمة “التدين الغبي” مستفزة على قدر أنها عميقة وتصف واقع حالنا كمسلمين في تعاطينا مع الدين والتدين. هنا في الغرب يعيش المسلمون جدلية ” سلفية الفكر وانحراف الممارسة ” وأنا لا اقصد هنا بالسلفية الرجوع إلى السلف الصالح، بل اقصد بها ذلك التشبت السطحي بالماضي دون الاهتمام بالجوهر، ولعل ما راكمناه من قراءات تراثية للدين جعلتنا نلتفت إلى القشور دون ان نذوق حلاوة الجوهر. هي سلفية تجعل الشباب هنا في الغرب يحس بتلك ” العزلة الشعورية ” التي تدفعه في المستوى الأول إلى الخجل من دينه ليصل في حالات معينة إلى ترك الدين ،فقط لأن الذي لقنه الدين وعلمه التدين ركز له على العبادات كطقوس ولم يركز له على أن حياته كلها عبادة ” قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين”. ركز له على ان هذا الغرب كافر ومعاد للدين ولم يغرس فيه روح الآية الكريمة “جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” ركز له على أن يعيش بوجهين في مجتمعه وجه يخالط به الناس ووجه يعيش به داخل البيت، ركز له على أن خروج الريح الذي قد يكون لا إراديا من نواقض الوضوء ولم يركز له على ان الغيبة والنميمة التي تكون مع سبق الإصرار والترصد من نواقض الدين، ركز له على أن الدين مثله مثل تلك العقوبة السالبة للحرية ولم يركز له كيف يجمع بين الحرية والتدين. المحصلة ان جزءا كبيرا من شبابنا يعيش هذه السكيزوفرينيا الفكرية والسلوكية حتى إذا ما سارت الأمور في الاتجاه السلبي بدأنا وكعادتنا نلوم الوسط والمجتمع دون أن نوجه سهام النقد إلى أنفسنا ” قل هو من عند أنفسكم “.

علينا ان نفتح أبواب الاجتهاد قبل أن يكسرها الآخرون

التدين الغبي عابر للقارات والمجتمعات والثقافات غير أنه في المجتمعات الغربية يكون بشكل أكبر وتظهر نتائجه و” كوارثه ” بشكل أسرع. الشيخ سلمان العودة فك الله أسره له عبارة بليغة قالها في إحدى برامجه الناجحة #وسم: علينا ان نفتح أبواب الاجتهاد قبل أن يكسرها الآخرون “. ونحن علينا أن نفتح قلوب الشباب وأن نزرع فيهم حب الدين والقيم والمبادىء، وأن نربيهم على التمسك بالجوهر دون الالتفات للقشور. وكل #تدين_سوي وأنتم بخير …

ذ. رشيد بريمة.

 

مقالات الرأي المنشورة  لا تعبر بالضرورة عن  موقف موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى