ندوة علمية بفاس تحتفي بمرور 12 قرنا على تأسيس جامع القرويين وتستعرض عطاءه وآفاقه
نظمت مراكز بحثية ندوة علمية بفاس يوم الأربعاء 6مارس 2024 بعنوان “بمناسبة مرور اثني عشر قرنا على تأسيس القرويين.” وجاءت الندوة التي شارك فيها كل من مركز المقاصد للدراسات والبحوث، و مركز القرويين للدراسات والبحوث و لجنة التراث بكلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بفاس في إطار الاحتفال بالمؤسسة العلمية العريقة تحت شعار ” اثنا عشر قرنا على تأسيس القرويين، عطاء مستمر وآفاق واعدة”.
وافتتحت الندوة بمحاضرة “دور مؤسسة الوقف في الإشعاع العلمي للقرويين، وأثره في نهضة الأمة” ألقاها فضيلة الدكتور مصطفى بن حمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى ورئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق. بينما في الجلسة الأولى للندوة عروض مختلفة كانت على الشكل التالي:
– “نحو استئناف متجدد للرسالة الحضارية المغربية في ضوء تحولات التعليم العالي والبحث العلمي” للدكتور خالد الصمدي، رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية.
– “علماء القرويين من زمن الأشراف الأدارسة إلى زمن الأشراف العلويين بناء وإبداع: القضاة أنموذجا” للدكتورة آمنة هدار، أستاذة التعليم العالي بوجدة.
– “حركة إصلاح التعليم بجامع القرويين منذ تأسيسه إلى منتصف القرن التاسع عشر” للأستاذ حمزة الشرعي، باحث في سلك الدكتوراه.
– ” كراسي علم التفسير بجامع القرويين بفاس، الدولة السعدية أنموذجا” للدكتور عبد الحليم البلغيتي، باحث في علوم القرآن والتفسير.
– “أثر جامع القرويين في النبوغ العلمي للمرأة” للدكتورة سمية المحمدي، أستاذة بمكناس، وباحثة في قضايا الأسرة والمجتمع.
-” سلاطين الدولة العلوية وإصلاح التدريس بجامع القرويين للدكتور العياشي الحموشي، باحث في الدراسات التربوية.
وقدمت في الجلسة الثانية العروض التالية:
– ” تاريخ دراسة الطب بالقرويين والمخطوطات المرتبطة به” للدكتور زين العابدين الحسيني، متخصص في التاريخ المغربي.
– ” اللغة العربية وتدريس الطب والعلوم بين الأمس واليوم” للدكتور أحمد عزيز بوصفيحة، رئيس الجمعية المغربية للتواصل الصحي.
-” إضاءات على الكتابات المنقوشة بجامع القرويين خلال العهد المرابطي” للدكتور الحاج موسى عوني، أستاذ التاريخ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
– ” النقوش الكتابية بجامع القرويين من الأبعاد الجمالية والتاريخية إلى المتحف المفتوح” للدكتور أحمد بوزيدي، أستاذ التاريخ بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، والدكتور محمد الطاهري، باحث في الجماليات.
ويجدر التذكير بأن جامعة القرويين واحدة من أبرز الجامعات الإسلامية العتيدة في العالم العربي والإسلامي، يستلهم منها الدارس تجربة التاريخ في البناء الحضاري؛ لأنها صرح من صروح الثقافة والفكر، وحصن حافظ على القيم الروحية والمثل العليا التي دعا إليها الإسلام؛ فكانت طيلة قرون عديدة منارة الفكر الحر في العالم العربي الإسلامي.
وقد تأسس جامع القرويين على يد السيدة الفاضلة فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني المتوفاة سنة 245 ه، وحظي بعناية ملوك المغرب وجعلوا منه جامعا للصلاة، و جامعة لتلقين العلوم الدينية والأدبية والعقلية التي كانت سائدة في تلك العصور. واعتنت العلوم الدينية بدراسة كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلم القراءات، وعلم الكلام والأصول والتصوف على طريقة الإمام الجنيد، والعلوم الأدبية كالنحو والصرف والعروض والبلاغة والتاريخ.
أما العلوم العقلية التي كانت تلقن للطلبة علم الرياضيات والهندسة والفلك والطب وغيرها؛ وبذلك أصبح الجامع الذي أسس على هدى وتقوى من الله جامعة علمية يؤمها الطلبة من مدن المغرب والمشرق والأندلس، وحلبة يجتمع فيها العلماء والفقهاء للتدريس والتأليف، وأصبحت مؤسسة عليا تعتمد عليها الدولة في تكوين العلماء والقضاة، الذين كان لهم دور كبير في الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية في المغرب والأندلس.
لقد كانت القرويين بحق أقدم جامعة؛ تخرج منها كبار العلماء والأدباء/ أمثال: سيلفيستر الثاني الذي شغل منصب البابا، وموسى بن ميمون الطبيب والفيلسوف اليهودي، وأبي عمران الفاسي الفقيه والأصولي المالكي، وابن البنا المراكشي العالم المغربي في الرياضيات والفلك والطب، وابن العربي الذي توسع في علوم الفقه والأصول والتفسير والأدب والتاريخ، وغيرها من الأسماء التي اشتهرت في بقاع المعمور.
وظلت جامعة القرويين صامدة على مر العصور ولازالت شامخة وشاهدة على عراقة المغرب وأصالته، وإشعاعه العلمي والأدبي، وتشبثه بهويته الدينية واللغوية والحضارية.