ظواهر بلاغية من خلال سورة الإخلاص – عبد الحق لمهى

بسم الله الرحمن الرحيم قُلْ هُوَ اَ۬للَّهُ أَحَدٌۖ (1) اِ۬للَّهُ اُ۬لصَّمَدُۖ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْۖ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ كُفُؤاً اَحَدٞۖ (4)
يحاول المقال استخراج بعض الظواهر البلاغية من خلال سورة الإخلاص، وذلك بغية تبينها وبيانها، لعل ذلك يكون مساعدا على تجويد تدريس النص القرآني لدى الفاعلين والمهتمين بدراسة النصوص الشرعية، وبخاصة في سياق المدرسة. من بين تلك الظواهر البلاغية المشار إليها في السورة ما يلي:
- الانشاء : للإنشاء أقسام منها الطلبي وغير الطلبي، أما الطلبي فهو أنواع منها : الأمر، وقد ورد التعبير عنه بقوله تعالى “قل” التي تعبر عن الامر، بصيغة افعل، فالله تعالى يأمر- وهو الاعلى – بتوحيده وعدم الشرك .
- الإسناد: يرتبط الاسناد في الدرس البلاغي بالجملة فعليه كانت أو اسمية، وفي السورة الكريمة التي بين يدي القارئ، مجموعة من الجمل الفعلية والاسمية.
من الجملة الفعلية ما ورد في قوله تعالى : ” قل ” فكلمة “قل” فعل والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره، ثم قوله تعالى ” لم يلد” حيث نجد فيها ” يلد” وهو فعل مضارع مجزوم بلم، والفاعل الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وعليه فالمسند هو فعل المضارع والمسند إليه هو الفاعل الذي تقديره هو.
ومن الجمل الاسمية ما يأتي : قال تعالى “هو الله أحد” وهي جملة اسمية، حيث ورد فيها ” هو” وهو مبتدأ أول ، و” الله” وهو مبتدأ ثان، ثم”أحد” وهو خبر المبتدأ الثاني
والجملة الاسمية ” الله أحد ” خبر المبتدأ الأول، الشاهد من ذلك كله أن الخبر حيث ورد ذكره فهو مسند ، فيما يبقى المبتدأ مسندا إليه. الجملة الاسمية الأخرى وردت في قوله تعالى ” الله الصمد” فهي جملة اسمية تضمنت مبتدأ وخبرا، فالمبتدأ هو الله وهو مسند إليه، والخبر هو الصمد وهو مسند .
- النفي : ورد في الآية نفي دلت عليه أداة” لم ” فنفت السورة عن الله تعالى كونه له ولد و والد وأنه لا كفؤ له سبحانه وتعالى .
- الجناس : ورد في الآية كلمتا يلد ويولد وهي مما يمكن عده جناسا. حيث نجد فيه نوعا من الاشتقاق بين الكلمتين .
- التكرار : وقد ورد تكرار كلمات منها ” الله ” و ” أحد ” . ولا شك أن التكرار يدل على تأكيد المعنى المراد في الآية.
من خلال سبق، حاولت تبين وبيان أهم الظواهر البلاغية التي بدت لي من خلال سورة الإخلاص، عسى أن يكون فيها ما يساعد على فهم كتاب الله تعالى، وكذا على تجويد تدريس مادة القرآن الكريم على مستوى فضاءات ( الجامعة، المدرسة، الكتاب القرآني، دروس الوعظ والإرشاد،…)
على أن ما تقدم بيانه من الظواهر البلاغية يحتاج إلى مزيد بيان وتفصيل خاصة فيما يتعلق باستخلاص دلالات كل ظاهرة، وعلاقتها بتسيير فهم كتاب الله تعالى، فإذا أخذنا على سبيل المثال الامر الوارد في السورة، فإننا نستخلص منه حكما شرعيا وهو وجوب توحيد الله تعالى بناء على قاعدة ” الأمر” في القرآن الكريم يفيد الوجوب الشرعي.