دراسة ترصد أسباب تنامي الإسلاموفوبيا في العالم ومستقبلها
تناولت دراسة حديثة صدرت عن مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” خطاب الإسلاموفوبيا من حيث تناميه ونشأته وأسباب وأماكن تواجده، والمكونات المغذية للظاهرة، والآليات التي تستهدف ترسيخ هذه الظاهرة في نفوس الكثير من الغربيين، ومستقبل الظاهرة، واقتراح مجموعة من الإجراءات الوقائية لمكافحة الإسلاموفوبيا.
واعتبرت الدراسة أن مجابهة خطاب الإسلاموفوبيا تتم من الغربيين أنفسهم، لأن “خِطاب الكراهية” يُؤزم المجتمعات الغربية التي بها عدد كبير من الجاليات المسلمة، مثل فرنسا وبلجيكا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ونبهت الدراسة إلى رؤية العالم العربي والإسلامي للغرب والعلمانية ما زالت محكومة بتصورات موروثة تلقي الصراعات في الشرق الأوسط بظلالها على الفهم واستخلاص النتائج، فالعلمانية مثلا في فرنسا وعلاقتها بالدين عموما تختلف عن علمانية وبلجيكا وألمانيا.
وتفسر الدراسة تنامى خطاب الإسلاموفوبيا بصعود الشعبويات الحزبية والتنظيمية في الانتخابات الغربية في الـ (10) أعوام الأخيرة، وهي شعبوية تغترف من الهوية والذاكرة والتاريخ، وتختلف عن حالة الرهاب الآسيوي الذي يجد في الأديان ملاذه لمجابهة الإسلام والمسلمين كأقليات. وفي الإعلام قد تحضر الذاكرة والدين والقومية في خطابات الخوف والتخويف من تزايد المسلمين المهاجرين، كما يركز الإعلام على ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين.
ورصدت الدراسة استمرار وتجدد مكونين أساسيين في الإسلاموفوبيا، امتدا لـ 6 قرون (منذ سقوط غرناطة إلى اليوم) هما: المكوّن الأول: هو تأويل التاريخ والذاكرة الذي يغذي ويقوي هذه الفوبيا، ويكون ذلك في مجال البحث العلمي وبعض تيارات الاستشراق، وفي الدعاية والإعلام، ونجده حتى في الفنون مثل السينما والآداب وألعاب الأطفال.الخصوصية
أما المكون الثاني الذي برز بالخصوص بعد أحداث 11 شتنبر، فيهم انتشار بعض الـتأويلات للمسيحية، ومنها ما تقوم به الإنجيلية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعيد نشر بعض الخيال عن القيامة ونهاية العالم بما يخدم أجندات سياسية.
كما أن الخلافات التاريخية بين الغرب والمسلمين كانت بمثابة الأساس الذي نتجت عنه ظاهرة الإسلاموفوبيا. وقد تم وضع مجموعة من الآليات التي تستهدف ترسيخ هذه الظاهرة في نفوس الكثير من الغربيين، ومن بين هذه الآليات: آلية الإغراق، آلية الحصار، آلية الاختزال، آلية الشحن الانفعالي، آلية الإبهار، بالاضافة إلى آلية التعميم.
وبخصوص مستقبل ظاهرة الإسلاموفوبيا، فقد اعتبرت الدراسة أن التطرف الغربي في مواقفه تجاه الإسلام والمسلمين والمهاجرين، هو تطرف سياسي واجتماعي وثقافي، يجسده اليمين المتطرف والإسلاموفوبيا، وإصرار الإعلام الغربي على ربط الإرهاب والتطرف بالإسلام والمسلمين.
وأظهرت الدراسة غياب الردع القانوني في بعض البلدان الغربية ضد الكراهية للإسلام والتمييز، بل إن بعض القوانين التي تصدرها بعض الدول، ومنها فرنسا من أجل مجابهة واجتثاث التطرف الديني، تنعكس سلبا على التجمعات المسلمة المهاجرة وحرياتها وخصوصيتها، مما يزيد من الاحتقان والتطرف.
ويبدو أن خطاب الإسلاموفوبيا سيستمر بالوتيرة نفسها، بل إن المتوقع زيادة جرعاته وقوته في الإعلام، خاصة أن آليات مكافحته القانونية والسياسية والثقافية غير كافية حتى الآن.
واقترحت الدراسة مجموعة من الآليات الوقائية لمكافحة الإسلاموفوبيا وهي: تعزيز خطاب ديني معتدل متسامح يحل الإشكال بين مفهوم “الولاء للدين” و”الولاء للوطن”، واعتبار “المواطنة” مقصدا دينيا من أجل تحقيق السلم والتعايش والطمأنينة، والتأكيد على أهمية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مكافحة الإرهاب، واستخدام معاهدات الأمم المتحدة الحالية بشأن الحريات الدينية وحرية التعبير، وحظر التمييز العنصري، وتقديم مشاريع قوانين لمكافحة الإسلاموفوبيا على غرار مشروع “مكافحة الإسلاموفوبيا الدولية”، وتأسيس مراصِد للإسلاموفوبيا على مستوى وزارات الخارجية، بالإضافة إلى مراجعة المناهج الدراسية التي تدعو إلى العنصرية والكراهية والتمييز.
مواقع إعلامية