تقييم رسمي لمنظومة “التعليم عن بعد” بالمغرب
أجرى المجلس الأعلى للحسابات تقييما -يعد الأول من نوعه- لمنظومة التعليم عن بعد على مستوى المؤسسات التعليمية وكذا مؤسسات التعليم العالي. وسلط الضوء على النواقص التي تعتري هذه المنظومة، وقدم توصيات من أجل تجاوز وجه النقص، في اتجاه بناء وتطوير التعليم المدرسي والعالي عن بعد في المغرب.
نظرة على المدارس
وسجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات احتلال التلفزة المرتبة الثانية بنسبة 43% بعد الهاتف الذكي (88%) ضمن الوسائل المعتمدة في تأمين خدمة التعليم عن بعد، قائلا “إلا أن هذه الوسيلة لا تتيح إمكانية التفاعل بين الأستاذ والتلميذ، لا سيما وأن العملية التعليمية مبنية أساسا على هذا التفاعل”.
وأوضح تقرير المجلس أن 39 في المائة من الأسر التي شكلت العينة المعتمدة في تقرير المفتشية العامة للشؤون التربوية حول تقييم التعليم عن بعد، صرحت بأنها غير راضية عن مستوى التفاعل بين الأساتذة والتلاميذ.
وسجل التقرير التأخر في اعتماد التعليم عن بعد، بحيث لم تتم الإشارة إلى إمكانية إعطاء دروس عن بعد إلا في سنة 2014 مع صدور القرارات بمثابة دفاتر الضوابط البيداغوجية الوطنية، موضحا أن هذه الوسيلة ظلت جزئية لأنها لم تكن تتيح إمكانية تدريس أي شعبة بشكل تام عن بعد.
الواقع بالتعليم العالي
وأكد التقرير أن أزيد من 48% من الأطر التدريسية بقطاع التعليم العالي، الذين أجابوا على الاستبيان المرتبط بمهمة المراقبة، لا يتوفرون على خبرة في كيفية استعمال أدوات ومنصات التعلم الإلكتروني الرقمية، مما صعب عملية إنتاج محتويات بيداغوجية رقمية.
وقال “باستثناء جامعات محمد الخامس بالرباط، وسيدي محمد بن عبد الله بفاس وشعيب الدكالي بالجديدة، حيث بلغت نسبة الموارد التفاعلية التي تم إنتاجها على التوالي، 59% و45% و31%من مجموع الموارد الرقمية المنتجة، فقد سجلت الجامعات الأخرى نسبا منخفضة من الموارد التفاعلية مقابل ارتفاع نسبة الموارد التقليدية غير التفاعلية”.
ولاحظ التقرير أن غياب الربط بشبكة الإنترنت وسوء جودة الربط يعتبران من أهم العقبات التي حالت دون تتبع الطلبة للدروس عن بعد. فمن بين الطلبة الذين أجابوا عن الاستبيان، أشار 52% منهم إلى عدم توفرهم على ربط ثابت بشبكة الأنترنت، بينما صرح 14% منهم بعدم توفرهم على أي ربط بالإنترنت، و38% أكدوا أنهم توفروا على ربط متقطع.
وأضاف “وتزداد صعوبات الربط بالإنترنت حدة بالنسبة للطلبة الذين تابعوا دروسهم من المناطق القروية والذين يمثلون 24 % من مجموع الطلبة الذين أجابوا عن الاستبيان”.
توصيات ومقترحات
وقدم المجلس عدة توصيات لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة منها العمل على إدماج أكبر لنمط التعليم عن بعد في المنظومة التعليمية الوطنية، وكذا بالحرص على التحديد الدقيق لشروط ودواعي اللجوء لنمط التعليم عن بعد في الأوقات العادية وخاصة في العالم القروي، مطالبا بضرورة تتبع وتقييم نتائج كل المبادرات التي قام بها القطاع الوصي من أجل التوفر على مخطط للاستمرارية البيداغوجية يكون جاهزا لمواجهة الأزمات المحتملة.
ودعا المجلس وزارة التعليم العالي باعتماد إطار قانوني مناسب يمكن من وضع تعريف دقيق للتعليم العالي عن بعد وأهدافه ويحدد إطاره التنظيمي والتدبيري وحكامته، وكذا آليات المراقبة والتتبع، موصيا الوزارة بتأهيل التجهيزات الجامعية المخصصة للتعليم العالي عن بعد، وتطوير ووضع برامج ملائمة تهدف إلى تعميم التجهيزات اللازمة والرفع من نسبة وجودة ربط الطلبة بشبكة الأنترنيت.
وطالب المجلس بوضع استراتيجية وطنية للتعليم العالي عن بعد تحدد بدقة الأهداف والنتائج المتوخاة منه والمواردالمخصصة (البشرية والمادية والمالية)، وآليات التنسيق ورصد خطط العمل، فضال عن النتائج ومؤشرات الأداء، والعمل على ضمان تحديث المعدات الجامعية المخصصة للتعليم العالي عن بعد.
موقع الإصلاح