التواج يكتب: مؤتمرات رابطة علماء المغرب والقضية الفلسطينية؛ تاريخ حافل ومواقف مشرفة
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سجل التاريخ أن علماء المغرب الحديث كانوا في مقدمة مقاومة الأطماع الاستعمارية، ثم كانوا من المبادرين لتأسيس الحركة الوطنية، وكانوا أيضا موجودين وسط الاهتمام والدفاع عن فلسطين، ومنذ تأسيس رابطة علماء المغرب في بداية الستينيات من القرن الماضي وهم يقومون بمبادرات مهمة، وكان على رأس تلك المبادرات تأسيس الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، حيث كان العلماء هم الذين يقودونها، وكان المرحوم العالم محمد بن عبد الله أمين المال فيها وكان المرحوم أبو بكر القادري المسؤول الأول فيها لعقود.
وكانت رابطة علماء المغرب تعتبر نفسها هيئة مستقلة مبدئيا عن إمارة المؤمنين، ولكن في الواقع كانت تشتغل داخل الحقل الديني محترمة الثوابت الوطنية تاركة مسافة بينها وبين النظام السياسي القائم.
أما مبدأ استقلاليتها فينص عليه نظامها الأساسي الذي تمت الموافقة عليه في المؤتمر الثالث المنعقد بفاس بتاريخ 31 مارس 1968. وحسب الظهير الشريف رقم 376/58-1-15، فالمادة الأولى من نظامها الأساسي تقضي بأنه:
“تأسست رابطة دينية عامة تثقيفية تهذيبية غير متأثرة بمذهب سياسي ولا خاضعة لهيئة أخرى كيفما كانت، انبثقت من مؤتمر علماء المغرب المنعقد بالرباط بتاريخ 18-19 شتنبر 1960، وقد سمت نفسها “رابطة علماء المغرب” ([1])ولها فروع ملحقة بها في باقي جهات المملكة، فهذه الجمعية يجب أن لا تخضع لأية هيئة حكومية أو غيرها، طبقا لظهير الحريات العامة”.
وقد عرفت رابطة علماء المغرب أيام عز وسؤدد وحضور قوي في المجتمع حين كان أمينها العام أحد كبار علماء المغرب ألا وهو العلامة عبد الله كنون رحمه الله، وكان من بين أعضائها السادة العلماء: الشيخ المكي الناصري، والحاج أحمد بن شقرون[2]، والتهامي الوزاني، والحاج محمد المدكوري، وعبد السلام الأمراني، والرحالي الفاروق، وعبد الله الجرسيفي وغيرهم من أعلام المغرب.
لكن رأي رابطة علماء المغرب في القضية الفلسطينية وغيرها قد غاب عنا منذ عقود، وتذكيرا بدور الرابطة التاريخي سنستحضر بعض مواقفها وقراراتها بخصوص القضية الفلسطينية.
وأود هنا أن أقف على حضور القضية الفلسطينية في مؤتمرات الرابطة:
أولا– بتاريخ 8/1/1962 أصدرت الرابطة بيانا في شأن الهجرة إلى فلسطين من لدن اليهود المغاربة جاء فيه :
” إن هجرة اليهود المغاربة إلى فلسطين وبكيفية جماعية كما يقع في هذه الأيام ،تعد غزوا صهيونيا لأرض فلسطين، المغتصبة وتمالؤا مع شذاذ الآفاق من الصهاينة الذين يحتلون بذلك الجزء الغالي من بلاد العرب العزيزة، بمساندة الدول الاستعمارية المعروفة. ولعل المغاربة المسلمين كانوا أحق بالتَجَنُّد لمساعدة إخوانهم عرب فلسطين المعتدى عليهم، ولحماية المسجد الأقصى الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين من خطر الاكتساح الصهيوني الذي يهدده كل يوم،ولكن الأمر بالعكس، فصار اليهود الذين يعيشون آمنين مطمئنين متمتعين بحقوقهم الكاملة بالمغرب وفي سائر بلاد الاسلام ،ويتنكرون لوطنهم ويمدون المستعمرين الصهاينة بجميع المساعدات المالية والأدبية بل ويهاجرون جهارا وعلانية إلى فلسطين ليثقلوا ميزان المعتدين ،ويخوضوا معركة الغصب والظلم ضد عرب فلسطين الذين ضحى بهم الاستعمار الانجليزي والأمريكي والفرنسي من أجل خاطر الصهاينة الغلاة .
– ولذلك فإن الرأي العام المغربي قلق جدا من هذه الهجرة التي لا تخفى غايتها على أحد، وهو يشعر بخجل شديد إزاء إخوانه العرب وإزاء الجامعة العربية التي تعد الهجرة اليهودية مجافاة لسياساتها وتحديا لعرب فلسطين في عقر دارهم، فضلا عما يجد من تشويه يسمعه المغرب في الخارجوالحكم عليه باضطهاد اليهود الذي يضطرهم إلى الهجرة.
– ورابطة علماء المغرب التي تعبر عن مشاعر الشعب المغربي العربي المسلم تستنكر هجرة اليهود بكل وجه، وتهيب بالمسؤولين إلى منعها واتخاذ موقف صارم من الأفراد والجماعات والمنظمات السرية التي تعمل على تشجيعها ،وفاء بالالتزامات التي تربط المغرب بأشقائه العرب وعملا بقوله تعالى:{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} آل عمران.
لقد كان هذا النداء من أجل قطع الشر وعدم السماح بالهجرة إلى فلسطين لما في ذلك من الضرر الكبير، ولا شك أن هذه الهجرة في تلك المرحلة كان لها ذيول خاصة لا يزال الكثير من الناس يذكرونها ببالغ السوء.
ثانيا- فيمحرم 1388الموافق لأبريل 1968 أصدر المؤتمر الثالث توصية خاصة بفلسطين جاء فيها:
– يندد المؤتمر كل التنديد بالاعتداء الصهيوني على شعب فلسطين الأبي ، ذلك الاعتداء الذي تولت كِبْرَهُ الدولة التي كانت منتدبة من قبل جمعية الأمم المتحدة على هذا القطر ،وساعدتها فيه جميع الدول الاستعمارية سواء منها الرأسمالية أو الشيوعية ،وأخرج شعب آمن مطمئن من وطنه وقُتل وذُبح منه عشرات الآلاف، وأُهين بمختلف الإهانات. ويوصي بما يلي:
1- بعث روح الجهاد في نفوس المواطنين بواسطة المسجد والمدرسة والنادي والإذاعة والتلفزة على ضوء الكتاب والسنة حتى نضمن بذلك تكوين المؤمن الكامل الذي يبادر إلى حمل السلاح بشجاعة نادرة وبطولة كاملة،والنزول إلى ميدان الجهاد دفاعا عن الإسلام ووطن الإسلام ومقدسات الإسلام، بائعا نفسه لله قصد الظفر بالجنة وذلك هو الفوز العظيم.
2- إعطاء الأسبقيةفي ميزانية الدول الإسلامية وميدان التخطيط للناحيتين العسكرية والتقنية لنقضي بذلك على التخلف في جميع الميادين،ونستطيع اللحاق بركب الحضارة والتقدم، ونتمكن من مواصلة الدفاع عن مقدساتنا الإسلامية.
3- التعجيل بعقد مؤتمر قمة عربي تمهيدا لعقد مؤتمر قمة إسلامي تُوحَّد فيه الصفوف وتدرس أثناءه الوسائل الكفيلة بتحرير فلسطين والمسجد الأقصى والبلاد العربية المحتلة.
4- اعتبار كل مفاوضة مع “إسرائيل” خيانة كبرى للإسلام والمسلمين والعرب والعروبة، بكيفية مباشرة أو بواسطة وسطاء هيئة الأمم المتحدة، لما فيها من تشجيع ليهود العالم على مواصلة الهجرة لفلسطين وجعل مخططهم الصهيوني الماكر في حيز التطبيق.
5- فتح باب التطوع على مصراعيه لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى وباقي الأراضي العربية المحتلة من طرف جميع الدول الإسلامية، وتدريب المتطوعين تدريبا عسكريا، وتزويدهم بالأموال والعتاد وضمان عيش أسرهم من بعدهم.
وأخيرا يرجو المؤتمر أن يستخلص العرب من المحن التي مرت بهم العبرة الكافية لجعلهم يَقْضُون على عهد التنافر والتناقض وسياسة التصريحات والتهريج التي لم تؤد إلى نتيجة عملية قط ..”
ثالثا- في سنة 1395هـ/1975 م، انعقد المؤتمر الخامس بتطوان وكان من أهم قضايا المؤتمر قضية فلسطين والمسجد الأقصى وكان من بين التوصيات:
“– إن المؤتمر الخامس لرابطة علماء المغرب المنعقد بتطوان، يسجل دائما وباستمرار أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، وأن تحرير فلسطين ومدينة القدس بصفة خاصة، والجهاد من أجل ذلك سيبقى فرضا محتما على جميع المسلمين”.
– يُطالب بفتح باب التطوع للجهاد في سبيل الله نصرة للقضية الفلسطينية عموما، وتحرير بيت المقدس من رجس الصهاينة على الخصوص”.
رابعا- في سنة 1397هـ/1977م، انعقد المؤتمر السادس بإقليم سوس في مدينة أكادير وكان من بين توصياته: توصية حول فلسطين:
“إن المؤتمر السادس لرابطة علماء المغرب يؤكد من جديد أن قضية فلسطين ينبغي أن تكون الشغل الشاغل لكافة المسلمين، وبالأخص الملوك والرؤساء، وأن تحرير قبلة المسلمين الأولى لمن آكد الواجبات على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. ويحذر المؤتمر من شعارات السلام التي تنادي بها الدول الموالية لإسرائيل على ألسنة ساستها، والتي يجب ألا نخدع العرب والمسلمين، وأن شعارات الود والأمان ورفع أغصان الزيتون إنما تعبر وتخدم الفكرة الصهيونية في الاستيطان والتوسع”.
خامسا- بتاريخ جمادى الثانية 1394 الموافق لشهر ماي 1979 أصدر المؤتمر السابع التوصية التالية:
” إن المؤتمر السابع لرابطة علماء المغرب المنعقد بمدينة وجدة بعد استعراضه للقضية الفلسطينية والأدوار التي تمر منها حاليا والتي تعمل على تصفية القضية لصالح الصهاينة والمصالح الأجنبية .
– وبعد الاتفاقية الانفرادية التي أبرمت بين العدو الصهيوني وحكومة مصر التي اعترفت للصهاينة بحق الوجود واغتصاب الوطن الفلسطيني العربي،وبما أن هذه الاتفاقية من شأنها أن تشجع العدو الصهيوني على متابعة عدوانه والتشبث بما اغتصبه من حقوق الشعب الفلسطيني .
– وبما أن القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع التنصيص عليها في الاتفاقية من كونها بلدا إسلاميا عاش قرونا عديدة في كنف الإسلام وحماه،
وبما أن الصهاينة على لسان رئيسهم صرحوا بأنهم مستعدون للدخول في الحرب من جديد للإبقاء على يهودية القدس.
– ونظرا لكون هذه الاتفاقية الاستسلامية صعدت من حدة التفرقة في صفوف الدول العربية والإسلامية في وقت كان من الواجب فيه أن تتحد الصفوف وتجتمع الكلمة لمجابهة العدو.
– زيادة على كونها افتاتت على حق منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني.
– فإن المؤتمر يعتبر تلك الاتفاقية باطلة شرعا وقانونا،وأن كل محاولة لتزكيتها باسم الدين هي محاولة يتبرأ منها الإسلام والمسلمون .
– كما أن المؤتمر ينبه العالم الإسلامي إلى قضية فلسطين بأن يعتبرها قضيته الأولى،ويذكره بالنداءات المتتاليةالتي أصدرتها رابطة علماء المغرب بشأنها وغيرها من الهيئات الإسلامية،والتي تضمنت وجوب إعلان الجهاد المقدس من كافة شعوب العالم الإسلامي لتحرير القدس الشريف واسترداد فلسطين السليبة،
سادسا- في سنة 1401هـ/1981م انعقد المؤتمر الثامن بالناظور وكان من بيت توصياته حول فلسطين والقدس الشريف:
–يهيب بالأمة الإسلامية أن تهب إلى التعبئة العامة ماديا وفكريا ونفسيا وعسكريا لتحرير فلسطين والقدس الشريف”.
–يؤيد الجهود الجبارة التي تبذلها لجنة القدس برئاسة جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله من افتكاك أولى القبلتين وثالث الحرمين، ويطالب بالاستمرار في المزيد من المبادرات والخطوات الهادفة إلى استقطاب الدعم، والاعتصام بحبل الوحدة لتحرير المسجد الأقصى”
سابعا- بتاريخ جمادى الثانية 1407 الموافق لشهر فبراير 1987 أصدر المؤتمر العاشر توصية جاء فيها ما يلي :
– ونظرا لما في الجهاد من محافظة على حرمة الإسلام وعزته ومكانته بين الدول والشعوب،ونظرا لكون الاستعداد للحرب مأمورا به في الإسلام:
– يدعو المؤتمر إلى التمسك بفريضة الجهاد والاستعداد بمختلف الوسائل وعلى كل الواجهات حتى لا تبقى بلاد الإسلام معرضة للعدوان والاحتلال.
– وانطلاقا من الواقع المُرِّ في فلسطين وفي جنوب لبنان، وفي الاعتداءات المتكررة هناك وارتكاب المجازر الفظيعة، والاغتيالات وإشعال نار الفتنة بين مختلف الطوائف والديانات والقوميات.
– فإن المؤتمر يؤيد ما وقع الاتفاق عليه في المؤتمرات التي تساند القضية الفلسطينية، ويعتبر منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
– ويطالب بفتح باب الجهاد لنصرة هذه القضية وتحرير القدس الشريف بالنفس والمال.
– واعتبارا لما حققته المنظمة من مكاسب تتمثل في تأييد الرأي العام العالمي لها ورد في الإعلان عن حقوق الشعب الفلسطيني في مختلف المنظمات العالمية.
– فإن المؤتمر يؤيد المنظمة ويشد على يد زعيمها الكبير المجاهد السيد ياسر عرفات،ويرجو لها مزيدا من الانتصارات وهو يندد بكل المناورات والدسائس التي تحاك ضد الشعب الفلسطيني لطرده عن أراضيه ومحاولة تجريده من سلاحه ليسهب القضاء عليه.
ومن المواقف التي سجلها التاريخ لعلماء الرابطة:
– موقف العلامة الرحالي الفاروق في كلمته بمؤتمر القمة العربي والإسلامي سنة 1970م حيث قال: “وإن من أكبر الظلم والسعي في خراب المساجد والمعابد وخاصة المسجد الأقصى المبارك، الذي امتد إليه يد السوء بالتغيير والتحريق، وإن نبي المسلمين صلى الله عليه وسلم كان يقول: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)، ونصر الظالم نهيه عن ظلمه، ونصر المظلوم الوقوف بجانبه” ([3])
– ومن كلمات العلامة عبد الله كنون بهذه المناسبة قوله:
“والخلاصة أن قضية فلسطين بكل احتمالاتها هي قضية إسلامية لا عربية فقط، والصهيونية ماهي إلا ربيبة الاستعمار، والاستعمار ما هو إلا صورة مغلقة من الحروب الصليبية”.
“إن البغي والعدوان الذي تمارسه إسرائيل في فلسطين الشهيدة بحماية الدول الكبرى، لم يبق قاصرا على قتل الأنفس البريئة، والاستيلاء على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين بالغصب والسرقة، بل تعدى ذلك إلى أماكن العبادة والبقاع المقدسة، والاستهانة بشعور سبعمائة مليون مسلم (أما اليوم فهم 1.7 مليار مسلم.).. فالاعتداء عليه اعتداء على دين الإسلام، ومدرجة للاعتداء على مسجدي مكة والمدينة”.
“لكن ليس اللوم على مجلس الأمن، ولا على إسرائيل، وإنما اللوم كل اللوم علينا معشر المسلمين بعامة والعرب بخاصة، فلم تحمل أمة من الذل والهوان في هذا العصر مثل ما حملناه”.
“أما القدس، وأما فلسطين، فستبقى عربية إسلامية ولو بلغت قوة إسرائيل ومن يؤيدونها ما بلغت، فإن الصليبيين قد استولوا على القدس وفلسطين عشرات السنين، ولكنهم في النهاية قد اندحروا اندحارا شنيعا، وسحقهم الشعب العربي الإسلامي بقيادة صلاح الدين سحقا” ([4])
“ولما قام بعض من تَوَلىَّ الصهاينة المعتدين من بني جلدتنا بفاس، وادعى أن الأرض لليهود، انبرى له العلامة عبد الرحمن النتيفي رحمه الله بكتاب “النصر والتمكين في وجوب الدفاع عن فلسطين”، ولا يزال مخطوطا.
وهكذا يتضح أن علماء المغرب كانوا في مواكبة تامة لقضايا الإسلام والمسلمين وليس الأمر هنا يتعلق فقط بما كان يصدر عن مؤتمرات الرابطة العشر من توصيات، والتي أرخ لها الحاج أحمد بن شقرون، ولكن كانت مواقف الرابطة تتسع يوما بعد يوم ولحظة بعد لحظة، وكان لسانها جريدة “الميثاق”حافلة بالمواقف من الأحداث اليومية في الوطن العربي والإسلامي، وكانت هذه المواقف تتسم بالاتزان والاعتدال والنصيحة من غير تشهير، والصلابة من غير عنف، ولكنها انتهت مع رحيل العلامة عبد الله كنون وحمه الله، وقد أشار الدكتور محمد الطوزي إلى أن الأستاذ المرحوم “عبد الله كنون” أحد مؤسسي الرابطة تكمن قوته “في مقدرته على رعاية نوع من التوتر اللطيف في علاقته مع السلطة عبر طرق مختلفة، غيابات طويلة من دون مبررات، وخلوات تعبدية اختيارية، وللتعبير عن نوع العلاقة التي تربطه بالنظام، يستعمل كنون عبارة “المنزلة بين المنزلتين” وهي عبارة تدل في نظره على الوضع الصعب للعالم الذي يختار التذبذب بين الخضوع والتمرد.”([5])
ولم يبق من تلك المواقف إلا الذكرى والتذكير لعل من يحمل رسالة العلم والعلماء يوفيها حقها ولو من باب القول قياما بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
والحمد لله رب العالمين
____________________________________________________________________________________
[1]– تم حلها وأصبح اسمها “الرابطة المحمدية للعلماء”؛ وذلك بناء على الظهير الشريف رقم 210. 1. 05 الصادر في 15 من محرم 1427 هجرية الموافق لتاريخ 14 فبراير 2006 بتخويل جمعية رابطة علماء المغرب صفة مؤسسة ذات نفع عام تحت اسم “الرابطة المحمدية للعلماء”.
[2]– مواقف وآراء رابطة علماء المغرب. من التأسيس إلى المؤتمرالعاشر 1987. تأليف: الحاج أحمد بنشقرون..
[3]-دعوة الحق ع 3 ص 11 سنة 1970 بواسطة مقالات ومحاضرات الشيخ الرحالي الفاروق للأستاذ أحمد متفكر3/174.
[4]– كتاب معارك، لعبد الله كنون.
[5]– في الملكية والإسلام السياسي في المغرب.
الأستاذ خالد التواج