الصمدي لموقع “الإصلاح”: مجال المناهج والبرامج عمل دقيق يحتاج لخبرة عميقة وليس عملا تدبيريا
قال الأكاديمي والخبير التربوي الدكتور خالد الصمدي إن مجال المناهج والبرامج يحتاج إلى خبرة عميقة في مجال تطوير المنظومات التربوية بصفة عامة، وبناء المناهج والبرامج والتكوينات وإصلاح المنظومات التربوية والتعليمية بصفة خاص لتحقيق الجودة المطلوبة.
وأكد الوزير السابق في قطاع التعليم العالي في حوار مع موقع “الإصلاح، أن مجال المناهج والبرامج عمل دقيق وليس عملا تدبيريا وتسييريا، مشيرا في ثنايا الحوار إلى عدد من الملاحظات على ضوء بعض المستجدات في مجال المناهج والبرامج خاصة إرساء اللجنة الدائمة لتجديد، وملاءمة المناهج والبرامج وتكوينات مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي والدور الذي يمكن أن تضطلع به.
وعبَّر الصمدي في الحوار عن رأيه في النموذج التربوي والاقتصادي الجديد للكتاب المدرسي الذي تعمل وزارة التربية الوطنية على الاشتغال عليه تنفيذا لتوصيات مجلس المنافسة، وتفاعل أيضا مع بعض المخاوف التي ترد بين الحين والآخر حول تقليص حضور الهوية الوطنية والدينية في المناهج والبرامج التعليمية، في ظل التجاوزات خاصة في مدارس البعثات الأجنبية والخاصة.
وفيما يلي نص الحوار:
– في خطوة طال انتظارها تم يوم أمس تنصيب اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج وتكوينات مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، بعد ماتم قبل أيام تعيين محمد الصغير جنجار رئيسا لها. ما تعليقكم على هذه الخطوة؟
في تقديري إن إخراج هذه اللجنة إلى حيز الوجود في هذا الوقت خطوة متأخرة جدا بعد ما مر ما يقرب من ثلاث سنوات على صدور المرسوم المحدث لها في الجريدة الرسمية بعد أن تم إعداده من طرف الحكومة السابقة مما تسبب في تأخر تنزيل مجموعة من الأوراش ذات الصلة بمجال اختصاصها، إلا أن هذا الإرساء الذي طال انتظاره يبقى في حد ذاته خطوة جيدة في سياق عودة قطار الإصلاح إلى سكته الصحيحة، وذلك بالنظر للأدوار الهامة التي أوكلها في القانون الإطار 17-51 إلى هذه اللجنة.
والأهم بعد هذا الإرساء هو تفعيل عمل هذه اللجنة حتى تقوم بمهامها طبقا لصلاحيتها القانونية، في التزام بتراتبية القوانين من خلال اعتماد مخرجات عملها، وإلا ستكون هذه اللجنة كما سميتها في إحدى مقالاتي “قوقعة فارغة” “coquille vide” خرجت إلى حيز الوجود في وقت متأخر من العمل الحكومي وفي وقت حساس من زمن إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وذلك بعد أن أطلقت العديد من المشاريع في مجال تدبير المنظومة التربوية في ظل الغياب غير المبرر لهذه اللجنة مما جعل هذه المشاريع غير مؤطرة بالقانون، ومن المقرر أن يعاد فيها النظر بناء على مخرجات عمل اللجنة الدائمة بعد نهاية أشغالها، علما بأن القانون الإطار قد منح اللجنة مدة ثلاث سنوات لإنهاء مهامها ما يعني أنها لن تتمكن من إنجاز المطلوب بالجودة اللازمة إلى بعد نهاية الولاية الحكومية الحالية بحيث ربما يمكن أن نكون أمام وزير جديد ورؤية جديدة، وهذا ما سيؤدي إلى هدر زمن الإصلاح، ولو تم تنصيبها في بداية الولاية الحكومية لكانت اللآن قد أنهت مهامها وشرعت القطاعات الحكومية في التنزيل والتفعيل.
أما عن رئاسة اللجنة فإن الأستاذ محمد الصغير جنجار الذي استقبله وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة وعينه رئيسا للجنة، فهو رجل ذو خبرة في مجال اختصاصه منذ حصل على دكتوراه السلك الثالث من جامعة السربون في حقل الأنتربولوجيا الاجتماعية والثقافية، وذو تجربة في تدبير بعض المؤسسات إدارة وعضوية، ونشر دراسات في مجال التربية والتربية على القيم والتحولات المجتمعية على وجه الخصوص وأدار مجلة المدرسة المغربية وهذه ولا شك خبرات هامة مفيدة.
لكن مجال المناهج والبرامج يحتاج إلى خبرة عميقة في مجال تطوير المنظومات التربوية بصفة عامة وبناء المناهج والبرامج والتكوينات وإصلاح المنظومات التربوية والتعليمية بصفة خاصة، لأن هذا عمل دقيق وليس عملا تدبيريا وتسييريا، بل عمل له أبعاد علمية بيداغوجية تكنولوجية تواصلية بالإضافة إلى الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية والتاريخية، وله ارتباط كبير جدا أيضا بقضايا الهوية والانتماء المحددة في الدستور وفي المبادئ والمرجعيات المنصوص عليها في القانون الإطار 51.17.
وأعتقد أن المنتظر من أي شخصية تكلف بهذه المهمة الجسيمة إلا أن تعمل على استثمار كل هذه الأبعاد انسجاما مع التوجيهات الواردة في المادة 28 وما بعدها من القانون الإطار 51.17، والذي يحدد الإطار العام الناظم لمراجعة المناهج والبرامج وأيضا لتطويرها وتقييمها وهو ما سيضمنه ولا شك الذكاء الجماعي داخل اللجنة والتشاور الموسع مع الفاعلين والفرقاء والمختصين.
من ناحية أخرى أعتقد أن عضوية الدكتور جنجار في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بصفته خبيرا، ستضعه في حالة ازدواجية المهام على رأس اللجنة الدائمة، لأن هذه اللجنة هي التي ستعد الإطار المرجعي لمراجعة وتجديد البرامج والمناهج والدلائل المرجعية ثم سترسلها بتوقيعه بصفته رئيسا للجنة إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين لإبداء الرأي بشأنها حيث يوجد هناك محمد الصديق جنجار العضو في المجلس، الذي سيستقبل هذه الوثائق بيد أخرى، ويسهم من موقعه كعضو في المجلس في بلورة رأي المجلس بشأنها، وهو أمر غير طبيعي وغير مناسب مسطريا على الأقل.
لذلك كان من الأنسب تعيين شخصية لرئاسة اللجنة من خارج المجلس الأعلى تنويعا للخبرات وتفاديا لهذه الازدواجية الوظيفية، مع تقديرنا لخبرة الرجل وتنوع وتعدد مهامه. أما أعضاء اللجنة الذين تم تعيينهم وتنصيبهم أمس، فسيكون العمل المنجز هو معيار تقييم عملهم وفعاليتهم داخل اللجنة، وإن كان الفاعلون قد انتظروا أن تضم هذه اللجنة خبرات متخصصة إلى جانب فرقاء وفاعلين ذوو صلة بعمل اللجنة، والمغرب ولله الحمد يتوفر على خبرات متميزة في مجال مراجعة البرامج والمناهج ومتطلبات تطويرها.
وفي هذا الإطار، كان لدينا لجنة موسعة في هذا المجال تضم حوالي 80 خبيرا بداية الألفية في عهد الأستاذ عبد الله ساعف وزير التربية الوطنية آنذاك، بالإضافة إلى أن هناك أعضاء سابقين في المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ساهموا في إعداد الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار، وبلوروا تصورات واضحة في مجال تطوير البرامج والمناهج، كما أن هناك خبرات لدى كل من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في المجال البيداغوجي، وهناك خبرات أخرى في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأسرية والإعلامية والفنية إلى آخره..، يمكن أن يشكلوا عصب هاته اللجنة، حتى تقوم بمهامها على أكمل وجه، وإذا كانت الأسماء التي تم تنصيبها أمس تتوفر في مجال اختصاصاها على خبرات معروفة فإن مجموعات العمل المتخصصة التي سيتم إحداثها لدى اللجنة والتي ينص عليها مرسوم الإحداث يمكن أن تتدارك النقض الحاصل في بعض الخبرات وتدخل إلى عمق الموضوع حسب خصوصيات كل مكون من مكونات المنظومة.
ما هو الدور الذي يمكن أن تضطلع به هذه اللجنة خصوصا في جانب الاختلالات التي يعرفها سوق الكتب المدرسية شكلا ومضمونا؟
أشرنا إلى أن اللجنة الدائمة لتجديد ملاءمة المناهج والبرامج وتكوينات مختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي هي بمثابة بيت خبرة وحكامة في مجال اختصاصها، ولها صفة تقريرية وليس وضعا استشاريا كما تحدث عن ذلك بلاغ الوزارة أثناء تنصيب الرئيس وهو ما يبدو أن الوزير قد تداركه أمس حينما تحدث عن الأدوار الحاسمة للجنة في مسار الإضلاح التربوي.
وقد حدد القانون الإطار مهمتها في إعداد الإطار العام للمنهاج، ثم إعداد الدلائل المرجعية لتجديد وتطوير البرامج والمناهج. وهذه الوثائق المرجعية المؤطرة لهذا الورش يتم عرضهما على المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء الرأي، وبعد ذلك يصادق عليها في اللجنة الوزارية لتتبع إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي التي يرأسها رئيس الحكومة، ويتم نشر كل ذلك في الجريدة الرسمية قبل أن تعتمدها الوزارة في مراجعة البرامج والمناهج. ويحدد القانون القيام بهذه المهام في ظرف ثلاث سنوات من تنصيب هذه اللجنة كما أسلفنا.
وحيث أن التنصيب تأخر لسنتين ونصف فهذا يعني أننا بدأنا للتو في حساب ثلاث سنوات قادمة، مما يعني من الناحية الحسابية أن هذه اللجنة لن تتمكن من إنهاء مهامها قبل نهاية الولاية الحكومية الحالية، وبالتالي سنكون من جديد أمام حكومة جديدة وأمام رؤية جديدة وربما أمام لجنة جديدة كما ذكرت.
ومع كامل الأسف هذا الزمن التشريعي بخصوص منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي يكلف غاليا، ويجعل الكثير من القرارات التي يتم اتخاذها في الإصلاح لا تحترم تراتبية القوانين، وبالتالي تقع الكثير من أوجه الخلل على مستوى التنزيل، فنضطر إلى إعادة النظر في العديد من الملفات. ونسقط من جديد في منطق الإصلاح، وإصلاح الإصلاح الذي حذر منه جلالة الملك.
أعلن وزير التربية الوطنية في بداية الموسم الدراسي الحالي أن وزارته بصدد الاشتغال على نموذج تربوي واقتصادي جديد للكتاب المدرسي، تنفيذا للتوصيات المضمنة في الرأي الصادر عن مجلس المنافسة، ما تقييمكم لتوصيات المجلس ومدى قابلية الوزارة المعنية للالتزام بها؟
الجواب عن هذا السؤال يقتضي منا الرجوع قليلا إلى الوراء؛ ما قبل الميثاق الوطني للتربية والتكوين حيث كان هناك الكتاب الواحد الذي تعده الوزارة في مختلف المواد الدراسية، وكان الأمر موكولا إلى مجموعة من المفتشين وتصادق الوزارة على الكتاب ثم بعد ذلك يطبع ويوزع، هكذا إذا كانت الوضعية السابقة.
وبعد سنة 2000 وبالضبط في عهد الأستاذ عبد الله ساعف عندما كان وزيرا للتعليم الثانوي والتقني، تم إعداد الكتاب الأبيض للبرامج والمناهج من طرف فريق من الخبراء وقد كنت عضوا في اللجنة، فأوصت هذه اللجنة باعتماد تعددية الكتاب المدرسي بعد رصد التجارب الدولية، وهكذا انتقلنا من الكتاب المدرسي الواحد إلى المنهاج الواحد مع تعددية تأليف الكتاب المدرسي في إطار استثمار الخبرات مع إحداث لجنة للمصادقة على الكتاب المدرسي بناء على دفتر تحملات، ويمكن للمفتشين لمختلف المواد الدراسية أن يوجهوا الأساتذة لاختيار كتاب بعينه أو كتب بعينها، على أساس أن تتلو هذه الخطوة تحرير سوق الكتاب المدرسي وإطلاقه للتنافسية على أساس الجودة، لكن مع الأسف لم نصل إلى هذه الخطوة الثانية، وبالتالي اضطرت الوزارة أن تعمل على تحديد مجال العمل بالكتاب المدرسي في كل أكاديمية ومديرية إقليمية.
وهذا الإجراء مس بالفلسفة الأساسية لتعددية الكتاب المدرسي المتمثلة والاختيار على أساس الجودة العلمية والبيداغوجية، واستمر العمل بهذه المنهجية إلى اليوم وهو ما يقضي وقفة تأمل لتقويم التجربة قبل اقتراح أي استراتيجية لتجويدها وتطويرها، خاصة ونحن نتكلم تقريبا عن 20 سنة من هذه التجربة.
وفي تقديري آن الأوان لتقييم هاته التجربة ليس فقط من خلال ملاحظات مجلس المنافسة المتعلقة بتسويق الكتاب المدرسي، ولكن أيضا في ضوء الخبرات والتجارب التي راكمها السادة المفتشون في الميدان وأيضا الأساتذة الذين تعاملوا مع هذه الكتب المدرسية سواء من الناحية العلمية أو البيداغوجية أو التقنية والتواصلية، ويقع هذا العمل في صلب عمل اللجنة الدائمة لتجديد البرامج والمناهج والتكوينات، والتي تقترح الاستراتيجيات الجديدة للكتاب المدرسي سواء مع التعددية أو العودة للكتاب الواحد.
كما أعتقد أننا ينبغي أن نستثمر هذه المحطة لمناقشة الانتقال من الكتاب الورقي إلى الكتاب الرقمي متعدد الوسائط، خاصة وقد أصبح للتكنولوجيات الحديثة والرقمنة دورا كبيرا في تفاعل المتعلمين مع الكتاب المدرسي في كل المواد الدراسية، وفي ضوء الحاجة إلى اعتماد نمط التعليم المندمج حضوري وعن بعد، وبالتالي أعتقد أنها محطة مهمة جدا للتفكير الجدي والجاد والشامل في استراتيجية شاملة للكتاب المدرسي الكتاب المدرسي تأليفا وطباعة ونشرا.
تتردد بين الحين والآخر مخاوف حول تقليص حضور الهوية الوطنية والدينية في المناهج والبرامج التعليمية، حيث وردت عدد من التجاوزات خاصة في مدارس البعثات الأجنبية والخاصة. ما رأيكم في ذلك؟
نتابع بين الفينة والآخر وجود عدد من القرارات والإجراءات الإدارية أو اعتماد بعض الوثائق والمضامين المناقضة للهوية المغربية، وثوابتها وخياراتها الراسخة المنصوص عليها بوضوح في الوثائق المؤطرة للمنظومة التربوية المغربية. وينبغي النظر إلى هذا الموضوع من جوانب متعددة أولها الجانب القانوني والتشريعي.
وفي هذا الصدد هناك ترسانة قانونية مهمة جدا لحماية الهوية والثوابت في المنظومة التربوية المغربية وأصلها وارد طبعا في مقتضيات الدستور، ثم وارد في مرجعيات ومبادئ القانون الإطار بوضوح، بل وحتى في النموذج التنموي الذي أبرز المكانة الخاصة لمادة التربية الإسلامية على وجه التحديد وهي المادة الدراسية الوحيدة المذكورة فيه بالإسم دون اختزال قضايا الهوية والانتماء فيها لأن هذا شأن رسالة المنظومة التربوية برمتها وينبغي أن تولي كل المواد الدراسية الأهمية القصوى لهذا الموضوع خاصة في ظل الاهتزازات والتحولات التي تعرفها منظومة القيم وطنيا ودوليا وهو ما نبه إليه جلالة الملك في غير مناسبة وخطاب.
وفي ما يتعلق بمدارس البعثاث الأجنبية فقد وقعت ككاتب الدولة المكلف بالتعليم العاليم والبحث العلمي باسم حكومة المملكة المغربية خلال اجتماع اللجنة العليا المشتركة المغربية الفرنسية بتاريخ 16 نونبر 2017 مع نظيري الفرنسي في التربية التعليم وكذا مع وزيرة الثقافة اتفاقيتين؛ تتعلقان بإدماج وإدراج المواد ذات الصلة بالهوية والانتماء في مدارس البعثات الأجنبية الفرنسية بالمغرب، والتي يدرس بها أبناء المغاربة، تفعيلا لمقتضيات القانون الإطار سالف الذكر، وهذا التوقيع كان له أثر مهم جدا بحيث أن مجموعة من مؤسسات البعثات الأجنبية في المغرب أضافت حوالي ساعتين في منهاجها التعليمي لتدريس اللغة العربية والمواد ذات الصلة بالهوية.
بعد ذلك فوجئنا مع كامل الأسف بكون مجموعة من الآباء والأمهات المغاربة، الذين يدرسون أبناءهم في هاته البعثات الأجنبية، احتجوا لدى السلطات الفرنسية على إضافة الساعتين، وكان الجواب واضح من الجهات الوصية على مدارس البعثات الأجنبية في السفارة الفرنسية أن الأمر يتعلق بتنفيذ اتفاقيات الشراكة والتعاون والالتزام الموقع بين البلدين احتراما لمبادئ القانون.
وقد تلقى الرأي العام هذا الاعتراض بنوع من الاستغراب، واعتبره خروجا عن جادة الصواب فيما يتعلق بقضايا الهوية والانتماء، لكن بعد ذلك لاحظنا في مدن القنيطرة ومكناس والدار البيضاء وغيرها مجموعة من السلوكات والتصرفات التي تمس الهوية والانتماء خاصة في الفضاء المدرسي والكتب المدرسية، وفي هذا الصدد أثمن عاليا المذكرتين الوزاريتين اللتان أصدرتهما وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في بداية السنة الدراسية، وخلال الأسابيع القليلة الماضية.
وتنبه المذكرة الأولى إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر في التعامل مع قضايا الهوية والانتماء في المنظومات التربوية وخاصة في المدارس الخصوصية وفي مدارس البعثات الأجنبية، فيما تدعو المذكرة الثانية على ضرورة عرض الكتب المدرسية التي يمكن اعتمادها في هذه المؤسسات على اللجنة للمصادقة على مستوى الأكاديمية قبل أن تدخل حيز التنفيذ، كما تحدثت عن نوع من الرقابة والتتبع لهذا الملف، وأنا في تقديري هذه خطوة غاية في الأهمية نتمنى أن تجد أكلها وثمارها في المنظومة التربوية المغربية.
كما أن هذا المجهود القانوني والتشريعي لا يعفي الفاعل التربوي والمدني والديني من القيام بدوره في التنبيه إلى كل ما يمكن أن يخرق مقتضيات القانون، ويمس بالثوابت الدينية والوطنية في فضاء المؤسسات التعليمية أو في الوثائق التربوية المتداولة فيها، سواء من خلال متابعة ورش مراجعة البرامج والمناهج من طرف اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة البرامج والمناهج، أو من خلال تتبع تطورات الملف في مختلف المؤسسات التعليمية الأجنبية والخاصة المرخص لها بالعمل على التراب الوطني مع المبادرة إلى اتخاذ الاجراءات التواصلية والتربوية والقانونية اللازمة عند الاقتضاء لرد الأمور إلى نصابها.