الخلفي: المقاربة الملكية لإصلاح مدونة الأسرة تؤكد على المرجعية الإسلامية ومصلحة الأسرة

أكد مصطفى الخلفي أن القضايا المطروحة فيما يخص تعديل مدونة الأسرة تعكس الاختلاف بين وجهتي نظر متباينة، مشيرا إلى أن جلالة الملك محمد السادس قدم مقاربة تضم ثلاثة عناصر: الحفاظ على الأسرة وصيانتها، والمرجعية الإسلامية والانطلاق منها في إيجاد الحلول والإنصاف، فلا بد من إبراز هذه العناصر في أية مقاربة يتم طرحها.

ونبه الخلفي إلى أن بعض الجمعيات  تحدثت عن الأسرة كعنوان، لكنها في الواقع  تتحدث عن المرأة فقط، وبينما تتحدث عن مبدأ الإنصاف والمساوة، فإنها تتناقض معه حين حديثها عن التعصيب في الإرث لأن معنى ومقتضى ماتطرحه يؤدي إلى حرمان الذكور من الإرث، وبالتالي سقوط مبدأ المساوة بين الرجل والمرأة.

وانطلق الوزير السابق  في حديثه خلال مشاركته في لقاء دراسي حول مراجعة مدونة الأسرة نظمته حركة التوحيد والإصلاح في وقت سابق من 3 تقارير دولية :

– الملاحظات والتوصيات الختامية للجنة وضع المرأة ، الذي نشر في 12 يوليوز 2022 وهو نتاج مسار امتد لسنتين على الأقل حين تقدم المغرب في يناير بتقريره لهذه اللجنة على ضوء اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، أي ما تطلبه الأمم المتحدة من المغرب، وهما نقطتان في الفقرتين 24 و 40 والمتعلقتين بقضايا الأسرة.

– تقرير مركز أبحاث الكونجرس حول وضع المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي خصص فقرة للمغرب وسياسة الولايات المتحدة والكونغرس تجاه هذه القضايا.

– تقرير لجنة النموذج التنموي في الشق المتعلق بالمرأة والمساواة ، مشيرا إلى أن دراسة هاته التقارير لا يمكن أن يتم بمعزل عن تقرير بكين+25.

ونبّه الخلفي إلى أننا نعيش صراعا حادا بين مقاربتين: المقاربة الأولى تعتبر الأسرة أساس الاجتماع والعمران البشري، والنظر في مختلف الإشكاليات في علاقتها بهذا الكيان، بما يحفظ تكوينه ووحدته وتماسكه واستمراره، أما المقاربة الثانية فهي مقاربة فردانية مبنية على فلسفة النوع، وأنه اتضح اليوم أن الأسرة ليست قضيتها بل تعتبرها كيان عائق، مضيفا إلى أنه كانت هناك في السابق فرصة لحلول وسطى، غير انه لم يعد اليوم التعايش مع المقاربتين  مطروحا.

وبالنظرلما توصي به لجنة وضع المرأة، يوضح الخلفي أن أجندة الإصلاح الخاصة بها تضمنت سحب التحفظات والإعلانات التفسيرية بموجب المادة 2 من الاتفاقية، والفقرة 24 التي تطرقت لإلغاء المادتين 490 المتعلقة بتجريم العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج، وإلغاء المادة 489 المتعلقة بالشذوذ الجنسي، ثم إلغاء المادة 20 المتعلقة بالحد الأدنى للزواج بحيث لا تبقى استثناءات في سن الزواج، وإلغاء تعدد الزوجات، والفقرة 40 وتشمل إلغاء ما تعتبره أحكام تمييزية بما فيها أحكام المتعلقة بالطلاق وحضانة الأطفال والميراث بالتشاور مع المجتمع المدني.

وبعدما ذكّر الخلفي بخطاب جلالة الملك محمد السادس حول مراجعة مدونة الأسرة، والصرامة في الموقف التي أبان عنها بهذا الخصوص حين قال “لن أحل حراما ولن أحرم حلالا”، أشار إلى أن سحب القانون الجنائي لم يتم فقط لاعتبارات وصفت بالسياسية أو مرتبطة بالإثراء غير المشروع، وإنما لاحتمال أنه تضمن نقاط لها علاقة بهذا الموضوع.

وأشار الخلفي إلى أن تقرير الكونغرس الأمريكي يزعم  وجود أحكام تمييزية، وأنه رغم  تعديل المغرب لمدونة الأسرة هناك عدم اقتناع القضاة بها و”استشراء الفساد في الجسم القضائي”، كما يزعم التقرير أن المحامين غير مؤهلين، مما جعل الإصلاحات التي جاءت بها تلك المدونة لم تجد طريقها للتطبيق.

وأوضح الخلفي أن التقرير نفسه طرح عناصر اعتبر انها أشكاليات وتحتاج للعلاج، وهي مزاعمه باستمرارية القوانين التمييزية، إشكالية العنف الزوجي وضمنه ما وصفه بالاغتصاب الزوجي، وسن الزواج.

وأكد الخلفي أن تقرير الكونغريس، لم يقف على الاشكاليات الحقيقية للأسرة المغربية وركز على قضايا مرتبطة بالنمودج الحضاري الغربي -الذي لا يمثل في الواقع كل الغرب- الذي يعادي الأسرة عبر بعض تعبيراته، لأنها  تشكل عائقا أمام رهاناتها. 

واستغرب الخلفي عدم تخصيص لجنة النموذج التنموي محورا للأسرة، مع تغييب المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة عن توصياته، في الوقت الذي يُعد فيه حل مشاكل الطلاق والتفكك الأسري أولوية مع غياب بناء الأسرة على أسس متينة.

كما استغرب المتحدث عدم التفكير في حل إشكالية التأخر في الزواج وانتشار الطلاق، والسعي بالمقابل لإلغاء المادة 490 من القانون الجنائي، بدل معالجة جوهر الإشكال كبلد معني ببناء الأسرة وصيانة تماسكها وضمان استمراريتها.

وقد طرحت لجنة النموذج التنموي الموضوع في إطار تعزيز حقوق النساء في ارتباطهم بمبادئ الدستور، وأوصت بإعمال فضائل الاجتهاد فيما يخص مفاهيم دينية بما يتماشى مع السياق الحالي وتطورات المجتمع.

وفيما يتعلق بالإشكاليات، أوصت اللجنة بمواصلة النقاش حول الإجهاض مع أن مشروع القانون الجنائي الذي تم تقديمه تضمَّن المقتضيات المعدلة لأحكام الإجهاض في القانون.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنه وبأمر من جلالة الملك، تم تشكيل عام 2015 لجنة تضم وزارة العدل ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للإنكباب على دراسة الموضوع الإجهاض بالتعاون مع المجلس العلمي الأعلى.

وتم الخلوص إلى  تجريم الإجهاض غير الشرعي، مع السماح باستثناء بعض حالاته من العقاب لوجود مبررات قاهرة، وتم تحديدها في ثلاث حالات؛  عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم أو على صحتها، وفي حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم، وفي حالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين.

وسجَّل الخلفي أن لجنة النموذج التنموي أوصت بصيغة وسط بين حق الجنين في الحياة والحفاظ على الصحة النفسية للمرأة، وإقرار مسؤولية المدنية للرجل عن الضرر الذي ألحق  بالمرأة ووالطفل في حالة ولادته خارج الزواج، واعتماد الاختبارات الجينية في ذلك.

وبخصوص الإرث فقد ركز تقرير اللجنة المذكورة على التعصيب فقط بقوله “يمكن التفكير في ألا يكون التعصيب خيارا تلقائيا”، في حين أن لجنة وضع المرأة تتكلم عن الإرث بأكمله. وقد استغرب الخلفي ألا يتم طرح موضوع المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة باعتبار أن موضوع مدونة الأسرة قضيته ومثبت في  الفصل 32 من الدستور.

موقع الإصلاح

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى