المقاطعة.. خذلان لأهل الإصلاح وتقوية لأهل الفساد
المقاطعة حق شخصي لكل مواطن، ويمكن لأي مواطن أن يختار عدم المشاركة لأي سبب من الأسباب..
لكن من يعتبر بأن مشروعه السياسي الذي به ستنصلح أحوال البلاد هو المقاطعة فينبغي أن يتواضع قليلا ليقرأ المعطيات الموضوعية التي يعج بها الواقع، وحتى الذين يراهنون على بعث رسائل سياسية معينة فهم مخطئون.
أولا: هذا موقف سلبي/ انتظاري يراهن على أن تنصلح قواعد العملية السياسية ويقتنع الجميع بالديموقراطية الحقيقية، بعد ذلك سيتقدم ببرنامجه للمواطنين !! يا سلام
ثانيا: هناك خزان انتخابي في البوادي والقرى وهوامش المدن، وهناك أحزاب نشأت في أحضان الإدارة قابلة للتحرك لتفشل أي مقاطعة ذات تأثير سياسي..
ثالثا: ماذا بعد المقاطعة؟ هذا السؤال لا يجيب عنه دعاة المقاطعة، ويكتفون بالدفاع عن ضرورة بعث رسالة لمن يهمهم الامر، وكأن هناك فقرا في الوسائل التي يمكن بها بعث الرسائل، على أن وضعنا السياسي يحتاج لجرعات إصلاحية قوية!!
وأخيرا: فإن هذا الخطاب جربه عدد من قادة الحركة الوطنية منذ الستينيات والتسعينيات ولم يؤد إلا إلى تهميش القوى السياسية المطالبة به، وسمعناه منذ بداية التسعينيات ولم يحصل شيء، وسمعنا من يراهن على ضعف المشاركة الانتخابية من إسلاميين ويساريين ولم يحصل ما راهنوا عليه ..
أما من يقول بأن نتائج الانتخابات محسومة سلفا، فهو يعبر عن عقلية قدرية/ انتظارية/ انهزامية، فاقدة للقدرة على الفعل والتأثير، فضلا عن ضعف قراءة تاريخ الانتخابات المغربية التي لم تكن دائما محسومة وآخرها انتخابات 2015 و2016..
هذا لا يعني ان خيار المشاركة الانتخابية هو عصا موسى التي ستحل جميع المشاكل، ولا يعني أنه خيار مفروش بالورود والأزهار، ولكنه خيار يحتاج دائما إلى النقد والتقييم قصد تصحيح الرؤية وتوجيه البوصلة في الاتجاه الصحيح..
لكنه يبقى هو الخيار الممكن المنتج والفعال في حدود..
د. محمد بولوز