في اليوم الوطني للمجتمع المدني.. العدوني: المجتمع المدني ثروة لا مادية ورأسمال اجتماعي لا ينبغي هدره أو تضييعه (حوار)

يحتفل المغرب باليوم الوطني للمجتمع المدني في 13 مارس من كل سنة، وبهذه المناسبة أجرى موقع “الإصلاح” حوارا مع الأستاذ رشيد العدوني مسؤول قسم العمل المدني أبرز فيه أهمية هذا اليوم، والدور الذي يلعبه المجتمع المدني في النموذج التنموي الجديد بالإضافة إلى القضايا والملفات التي يشتغل عليها قسم العمل المدني.

وفيما يلي نص الحوار:

1 – ماذا تشكل لكم مناسبة اليوم الوطني للمجتمع المدني؟

اليوم الوطني للمجتمع المدني هو فرصة لاستحضار الحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي شهدته بلادنا عقب المراجعة الدستورية لسنة 2011 والتي ارتقت بهيئات المجتمع المدني واتاحت لها أدوارا جديدا وإمكانات مهمة في إطار الديمقراطية التشاركية.

فاليوم الوطني فرصة للاحتفاء بما تقدمها الجمعيات من خدمات جليلة، وفرصة للتقييم أيضا للوقوف عند مكتسبات وحدود وافاق الفعل المدني ببلادنا ، وآثار ذلك على البناء الديمقراطي والمجهود التنموي .

2 – ما هو تقييمكم لواقع المجتمع المدني ببلادنا اليوم ؟

التقييم يحتاج لدراسة دقيقة للحصيلة وظروفها العامة، لكن يمكن القول على سبيل الإجمال أن المكانة الدستورية والتشريعية تعتبر مكتسب كبير للعمل الجمعوي، كما أن الديمغرافية الجمعوية ببلدان تعرف نموا مطردا بحيث تتحدث بعض الإحصائيات الرسمية عن تجاوز عدد 200 ألف جمعية، لكن على مستوى الممارسة ما زالت هناك ملاحظات يتعين الوقوف عندها وأولها:

  • التأخير الكبير في تفعيل مؤسسات الديمقراطية التشاركية، والتي نص عليها الدستور وصادق البرلمان على قوانينها المنظمة لكن لحد الآن وبعد مرور قرابة عقد من الدستور لم يتم تعيين أعضاء هذه المؤسسات وخاصة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة.
  • ارتباك وتعثر تجارب هيئات الديمقراطية التشاركية على مستوى الجماعات الترابية بحيث عرفت تفاوتا كبيرا بين مختلف الجهات وتعثر ومحدودية في جهات عديدة وهذا يدل على أن الفاعل الترابي مازال انفتاحه محدودا على مبدأ الديمقراطية التشاركية.
  • أيضا مازالت عدد من الجمعيات تعاني من التضييق على حرياتها في اعتداء واضح على القانون من طرف الإدارة والسلطة المحلية، ومازالت المعاناة مع الوصولات القانونية والوصول إلى الدعم العمومي وغياب العدالة في الولوج إلى الإعلام العمومي وغيرها.

إن تواتر هذه التحديات قد يفرغ المكتسبات الدستورية من مضمونها الديمقراطي، كما أن  تأخر المعالجة الرسمية لهذه الإشكالات من شأنه أن يضر باستمرارية الفعل المدني باعتباره عملا وسيطا له أدوار إيجابية في تعزيز الاستقرار والمواطنة والمشاركة، والمس بالعمل الجمعوي هو مساس بالاستقرار والمواطنة والمشاركة وتبديد لمكتسبات دستور 2011 ولتطلعات الحوار الوطني للمجتمع المدني الذي نخلد ذكراه اليوم.

3 – ماهي أبرز القضايا التي يشتغل عليها قسم العمل المدني والتي يعتبرها من أولوياته؟

قسم العمل المدني لحركة التوحيد والإصلاح يعمل وفقا لتوجه استراتيجي أقره الجمع الوطني الاخير للحركة ويقوم على رفع الفاعلية المدنية للحركة ودعم ادوار المجتمع المدني في الإصلاح، وفي هذا الإطار يشتغل القسم المركزي على ملفات وقضايا خادمة لهذا التوجه، وفي مقدمة هذه القضية يعمل القسم على تعزيز مساهمة الحركة في الدفاع عن الوحدة الترابية ومواجهة الأطروحة الانفصالية، كما يقوم القسم بالمساهمة في تنزيل مشروع الأسرة والنهوض بهذه المؤسستها والترافع من أجل سياسات عمومية مندمجة للأسرة ويسعى لتفعيل الأدوار الأساسية للأسرة، كما يعمل القسم على دعم الهيئات المتخصصة سواء من خلال التكوين والرفع من القدرات أو التواصل وتأسيس الشبكات أو الترافع وتقديم المذكرات في القضايا ذات الاولوية.

4 – في نظركم ما هو الدور الذي من الممكن أن يلعبه المجتمع المدني في النموذج التنموي الجديد؟

سبق لحركة التوحيد والإصلاح أن قدمت مذكرة أعدها قسم العمل المدني حول النموذج التنموي الجديد واعتبرت فيها أن مؤسسات المجتمع المدني عاملا من عوامل إنتاج الثروة وإعادة توزيعها. وكل تهميش لمؤسسات المجتمع المدني أو إقصاء لها أو عرقلة لأعمالها أو التدخل فيها أو السعي لاحتوائها والهيمنة عليها، يؤدي إلى تبديد و ضياع الطاقات وتعطيل مسار التنمية.

ولذلك نؤكد أن من مرتكزات النموذج التنموي النهوض بمؤسسات المجتمع المدني وتأهيلها والرفع من قدراتها لتقوم بالأدوار الدستورية المنوطة بها، وتفعيل مؤسسات الديمقراطية التشاركية التي ينبغي أن تعكس التمثيلية الحقيقية لمنظمات المجتمع المدني وضمان التعددية في تركيبتها ورصد الإمكانات البشرية والتحفيزات المالية ومراجعة المنظومة التشريعية المتعلقة بالجمعيات.

5 – ما هي الرسالة التي توجهونها لمختلف المتدخلين لتعزيز دور العمل المدني في إصلاح وبناء المجتمع؟

في الحقيقة هناك رسائل، الأولى موجهة للسلطات العمومية بضرورة احترام الدستور وحماية العمل الجمعوي، هذا الأخير ليس خصما للدولة بل مكملا لها، يسعى  لتكميل النقص وتغطية العجز في الخدمات العمومية، كما يسعى عبر وظيفة الرقابة والترافع إلى التنبيه إلى الاختلالات والاحتياجات التي تهم المواطنين والمواطنات، لذلك فالمجتمع المدني ثروة لا مادية ورأسمال اجتماعي لا ينبغي هدره أو تضييعه، صحيح أن بلادنا تتيح مساحات واسعة من الحرية والمشاركة لكن لابد من وضع حد لبعض التجاوزات التي تشوش على مسار بلادنا وسمعتها.

الرسالة الثانية فهي للجمعيات والمنظمات المدنية، رسالة مباركة بهذا اليوم الوطني ورسالة تعاون من أجل خدمة الوطن ورسالة مسؤولية بمواصلة العمل والصمود رغم كل الملاحظات، بمواصلة العمل الجمعوي التطوعي وتعزيز المبادرة والأبداع المدني خدمة للإصلاح ببلادنا.

أما الرسالة الثالثة فهي لعموم المواطنين والمواطنات بضرورة تحمل المسؤولية والانخراط في العمل الجمعوي والمساهمة في البناء فإن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام، والعمل الجمعوي باب كبير من أبواب الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وخدمة الناس وتفريج الكرب، وهو بشرى نبوية كما جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من فرج عن أخيه المؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه“.

س.ز / الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى