دراسة: إشراك العلماء في تعديل مدونة الأسرة دلالة على الدور المحوري للمرجعية الإسلامية

أكدت ورقة بحثية أن إدخال المجلس العلمي الأعلى في عملية تعديل مدونة الأسرة، له دلالة واضحة تحيل على الدور المحوري للمرجعية الإسلامية في حسم بعض المسائل الخلافية، وأن التدين الرسمي الذي يمثله هذا المجلس من خلال التوجيهات الملكية، وخصائص التدين المغربي ستكون له الكلمة الأخيرة.

وسلطت ورقة بحثية نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات بعنوان “مدونة الأسرة بين القراءات الدينية والمطالب النسائية”، الضوء على التفاعلات الحاصلة بين القراءات الدينية والمطالب النسائية بالمغرب في سياق استعداد المجلس العلمي الأعلى لإصدار رأيه بخصوص المسائل الواردة في بعض مقترحات الهيئة المشرفة على مراجعة مدونة الأسرة.

ونبهت الورقة البحثية التي أعدها الباحث في الدراسات النسائية الدكتور إلياس بوزغاية، إلى أن الأمر يتجاوز الرؤية الاختزالية بأن طرفا سينتصر على طرف آخر في ‘معركة’ تعديل مدونة الأسرة، لأن العلاقة بين التيارات العلمانية والتيارات المحافظة في المغرب ليست ذات طبيعة حدية وتقاطبية، وإنما تعرف تمظهرات تتراوح بين التعارض والتداخل والتماهي أحيانا رغم الاختلافات المبدئية على مستوى المرجعيات.

ودعت الورقة إلى تشكيل وعي كل الفاعلين في المجال النسائي بمركزية الإسلام في حسم الجدل في القضايا الخلافية المعروضة سابقا، خصوصا وأن جزء كبير من الحداثيين والمحافظين على حد سواء ينزعون إلى التوسل بآلية الاجتهاد كمنهجية لتقريب وجهات النظر ولإضفاء الشرعية الدينية على مطالب قد تكون مستمدة من المرجعية ‘الكونية’ لحقوق الإنسان.

ويرى الباحث أن دور علماء المجلس العلمي الأعلى، هو تمثيل الرأي الديني بخصوص ما اختلف فيه الفرقاء السياسيون من أجل رأب الفجوة فيما بينهم من جهة، ومن أجل الحفاظ على المشروعية والمصداقية التي يتمتعون بها من جهة أخرى. إلا أن هذا الدور يشكل تحديا حقيقيا يشبه المرور عبر حقل ألغام يتضمن الانتباه إلى منطوق النص الديني ودلالاته، في ارتباط مع النص الدستوري وتجلياته في باقي القوانين، ثم استقراء واقع المجتمع المغربي من أجل التوصل إلى آراء دينية غير منفصلة عن سياقها ومحيطها.

ويتابع الباحث “أن هذه العناصر تشكل صورة الأحجية التي ينبغي تركيبها بعناية من أجل صياغة إجابات تمتح من المرجعية الإسلامية وتستطيع الانسجام مع الترسانة القانونية للمغرب وتحاول الإجابة على مشاكل اجتماعية واقعية. وهو تحدي يتعلق جزء كبير منه بتحقيق التوافق بين المرجعيات، ذلك أن المغرب قد ضمَّن في دستوره مواد تتعلق بالمساواة بين الجنسين وصادق على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، لكنه يبقى متشبعا بمرجعيته الدينية سواء في الدستور أو من خلال صفة الملك كأمير للمؤمنين”.

وخلصت الدراسة إلى أن ما ستتمخض عنه مشاورات العلماء لإصدار رأيهم الأخير سيأخذ في عين الاعتبار التحولات الاجتماعية في المجتمع المغربي الذي يعرف تنوعا وتداخلا وتناقضا أيضا في توجهاته القيمية وسلوكياته.

كما أوصت الدراسة المشرع المغربي ببلورة تصور واضح حول كيفية خلق الانسجام المطلوب في النسيج الاجتماعي المغربي بما لا يخلق تناقضات صارخة تزيد من صعوبة صياغة قوانين الأسرة. وإيجاد صيغة الملائمة من أجل مواكبة ما صادق عليه المغرب من اتفاقيات دون تبعية وخضوع لتوصيات الغرب، أوانغلاق .

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى