أكاديميون وباحثون يسلطون الضوء على كتاب “قضايا الحوار الديني في الثقافة الإسلامية: المصطلح، الحدود الفنية، المواقف”
أكد الدكتور حسن تالموت أن كتابه “قضايا الحوار الديني في الثقافة الاسلامية: المصطلح، الحدود الفنية، المواقف” جزء من مشروع كلي اختمرت معالمه لديه منذ التحاقه بوحدة الدراسات العليا المتخصصة في موضوع الحوار الديني، وهي وحدة الحوار الديني والتجديد في الثقافة الاسلامية بكلية الآداب السلطان مولاي سليمان ببني ملال.
وأشار الكاتب في الندوة الأولى التي نظمها قسم العمل العلمي والفكري لحركة التوحيد والإصلاح من ندوات شهر رمضان المبارك مساء أمس الجمعة 31 مارس 2023 لمناقشة كتاب “قضايا الحوار الديني في الثقافة الإسلامية: المصطلح، الحدود الفنية، المواقف” إلى أنه اشتغل في كتابه على التدقيق المفاهيمي لكل المصطلحات التي توظف كأداة منهجية للإحالة على الحوار الديني.
وسعى الكاتب للمساهمة في التبيئة للحوار الديني وتمييزه بالحديث عن التجربة النبوية باعتبارها غنية بالحوار الديني على كل المستويات، معتبرا أن التبشير المسيحي والدعوة الإسلامية بالإضافة للمناظرات والتفاعل بين المسلمين حوارا دينيا.
من جهته ركز الدكتور محمد نجدي في كلمته على الحوار الديني بين العقيدة والعمران وسؤال المشترك الإنساني، وتطرق للجزء الثاني من الكتاب، معتبرا إياه غنيا بمفاهيمية ومصطلحاته وبمراجعه النفيسة. واستحضر المتدخل وجهة نظر قريبة من الكتاب للدكتور أحمد الريسوني في كتابه “مراجعات ومدافعات”، الذي اعتبر أن الحوار جار ومستمر سواء كان حوار ثقافات أو حوار أديان باعتبار وجود حدود مفتوحة بمختلف الآليات، تسمح بإجراء حوارات شعبية ومؤسسية وغيرها.
وزاد المتحدث، أنه بالموازاة مع وجود حوار هناك من جهة أخرى قتل وإرهاب واغتيال وتدمير وحروب وصراعات في أماكن متعددة، في غياب حوار بين العلماء والمفكرين، موضحا أن الكثير من المهتمين والباحثين الذين خاضوا تجربة الحوار بين الأديان لسنوات طويلة، تحدثوا عن المردودية الهزيلة لهاته الحوارات والمؤتمرات، ونصحوا بتحاشي الحوار الديني العقدي والانصباب على الحوار العلمي المجدي، وهو الحوار الذي يعالج المشاكل الحقيقية العمرانية القائمة بين الطرفين ويسعى لوقف الصراع وتحقيق التعايش.
وركزت مداخلة الدكتور عثمان كضوار على الحوار الديني، الجهاز المفهومي والإجراء المنهجي، حيث قدم العديد من الملاحظات في الجانب الإجرائي المنهجي ثم الجانب الاصطلاحي داخل الكتاب. وأوضح أن الحوار مع الآخر مسألة وهمية مبنية أساسا على العداوة والصراع والإقصاء، وأن المجال الوحيد لتحقيق الحوار بين المسلمين وغيرهم هو الحوار الثقافي باعتباره ظاهرة إنسانية متأصلة في التاريخ الإنساني.
وقال المتحدث “علينا العمل على ترسيخ قيم التسامح والحوار من المنطلق الثقافي بين الأمم والشعوب، وليس من منطلق حوار الديانات الذي يتبعه التعصب من جهة الآخر أو حوار الحضارات الذي يمنعه التعالي والإقصاء”.
واعتبر الدكتور يونس اليماني في مداخلة بعنوان “حوار الأديان والرهانات المعاصرة” الكتاب إضافة نوعية تسهم في تجديد الفكر الإسلامي وتجديد النظر بخصوص القضايا المتعلقة بالحوار الديني. وأشار إلى أن للكتاب مزايا في مجال العرض والتحليل والاستنتاج، حيث سلك الكاتب نهجا تقعيديا تحليليا ، ووظف مباحث الابستيمولوجيا لما تتيحه من أدوات الاشكالية وإمكانات منهجية في البحث، والعلاقة التشاركية بين المؤلف والقارئ، كما تميز الكتاب -حسب المتحدث – بواقعيته في الطرح .
وزاد اليماني أن الكاتب فتح الباب للكثير من القضايا التي لها راهنيتها منها: إعادة الاعتبار لإنسانية الإنسان، وصيانة مفهوم العائلة، ومحاربة الإلحاد ومواجهته. وختم المتحدثل مداخلته بالتذكير بقضيتين مهمتين لنجاح الحوار الديني أشار لهما الكاتب وهما: استثمار التقنيات الحديثة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، وإزالة الموانع التي تحول دون تحقيق التفاعل والحوار الحضاري، منوها إلى أن الكتاب جدير أن تعقد لأجله المزيد من الندوات لمناقشة قضاياه، وأن يستتبع بتأليفات أخرى تسهم في بناء “الحوار الديني”.