“التوحيد والإصلاح”: مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يزال متذبذبا وعلى الحكومة تحمل مسؤوليتها
أكد المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أن “مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يزال مشروعا متذبذبا لم يأخذ بَعْدُ طريقا واضحا”. وقال في بيان له، إن الجهات الوصية تتعامل معه بشكل انتقائي غير متوازن أحيانا، وبتنزيل شكلي احتفالي بعيد عن الجوهر أحيانا أخرى.
وقدم بيان حركة التوحيد والإصلاح حول الدخول المدرسي والجامعي، عدة مؤشرات على ذلك من أهمها “الاختلافُ غير المبرر في بعض القضايا الجوهرية بين الرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون الإطار 51.17، والتأخر الشديد الحاصل في تنزيل هذا القانون وفي إصدار المراسيم المرتبطة به، وتفعيل الصَّادرِ منها، رغم كون فترة الإصلاح الحالي قد انتصف أمدها”
ودعت الحركة الوزارة إلى تعزيز مجال القيم في الوسط المدرسي، واستثمار التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بهذا الصدد، مثمنة المبادرة إلى سحب بعض الكتب الأجنبية التي اعتمدتها بعض البعثات والمؤسسات الخاصة بسبب احتوائها على ما يمس الوحدة الترابية لبلادنا، مستغربة في الوقت نفسه من التأخر الحاصل في تفعيل “اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج” رغم صدور النص المنظم لها قبل أكثر من سنة، وذلك بالنظر لدورها الجوهري والحاسم في كل ما يتعلق بالمناهج تصورا وتتبعا وتطويرا.
وطالبت حركة التوحيد والإصلاح الحكومة بأخذ موضوع إصلاح التعليم بما يلزم من المسؤولية، وإخراج النصوص التنظيمية المتعلقة به، وتفعيل ما صدر منها، وتحفيز مختلف الفاعلين على الانخراط الميداني الحقيقي في مختلف أوراشه، مشددة على تفعيل المذكرات المتعلقة بتيسير أداء صلاة الجمعة للعاملين والطلبة والمتعلمين، رافضة لفرض فرنسة التعليم، وتستغرب إغلاق باب الاختيار في مسالك التدريس أمام الراغبين في الاستمرار باللغة العربية.
كما طالبت الحركة في بيان مكتبها التنفيذي، الحكومة باتخاذ الإجراءات الشمولية، الكفيلة بإنجاح إدماج الأطفال في وضعية إعاقة في مؤسسات التربية والتكوين، واعتماد المقاربة التشاركية وتجاوز التنزيل الأحادي لمقتضيات القانون الإطار، مستنكرة التنزيل الانتقائي لمشاريع الإصلاح، حيث لاحظت تسريع مشاريع بعينها كتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية في مختلف الأسلاك، دون انتظار النص التنظيمي للهندسة اللغوية، وإهمال مشاريع أخرى متعلقة باللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية اللتين ينبغي أن يتم إيلاؤهما المكانة اللازمة في التعليم، التزاما بدستور البلاد.
وفي ما يلي النص الكامل لبيان المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح
بيان الدخول المدرسي والجامعي: 1444هـ / 2022-2023
تدارس المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح موضوع الدخول المدرسي والجامعي للموسم الجاري (2023-2022)، مستحضرا الآمال التي يعلقها المغاربة على الإصلاح التربوي، والظروف التي شهدتها السنوات الأخيرة جراء جائحة كوفيد-19، وكذا تأثير موجة الغلاء على غالبية الأسر المغربية.
وقد استخلص المكتب من خلال متابعته للموضوع أن مشروع إصلاح منظومة التربية والتكوين لا يزال مشروعا متذبذبا لم يأخذ بَعْدُ طريقا واضحا، حيث تتعامل معه الجهات الوصية بشكل انتقائي غير متوازن أحيانا، وبتنزيل شكلي احتفالي بعيد عن الجوهر أحيانا أخرى. ومن مؤشرات ذلك:
-الاختلافُ غير المبرر في بعض القضايا الجوهرية بين الرؤية الاستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون الإطار 51.17؛
– التأخر الشديد الحاصل في تنزيل هذا القانون وفي إصدار المراسيم المرتبطة به، وتفعيل الصَّادرِ منها، رغم كون فترة الإصلاح الحالي قد انتصف أمدها؛
– المشاورات الجديدة التي فتحتها الوزارة نهاية الموسم الماضي وجعلت الكثير من المتتبعين يتساءلون هل نحن أمام إصلاح جديد؟؛
– ما تضَمَّنَهُ تقرير النموذج التنموي بشأن التعليم بعد أن انطلقت عجلة الإصلاح المفترضة، والذي تجسد في طموحه إلى مشروع إصلاح جديد، حيث دعا إلى ” إحداث نهضة حقيقية للمنظومة التربوية” بهدف “تجاوز الأزمة الثلاثية الأبعاد التي يعيشها النظام التربوي المغربي” والمتمثلة في: ” أزمة جودة التعلمات ” و” أزمة ثقة المغاربة إزاء المؤسسة التربوية وهيئتها التعليمية” وأزمة ” مكانة المدرسة التي لم تعد تلعب دورها في الارتقاء الاجتماعي”.
وحركة التوحيد والإصلاح وهي تستعرض هاته المؤشرات؛ فإنها تشكر الله تعالى على الرجوع إلى الحالة الطبيعية للتعليم الحضوري بعد تحسن الوضع الصحي وتَجاوُز الإكراهات التي فرضتها جائحة كوفيد-19. وتجدد التذكير بمواقفها السابقة بشأن قضايا التربية والتعليم، وتؤكد ما يلي:
أولا: الالتزام بثوابت وقيم البلاد في الشأن التربوي:
– تجدد الحركة دعوتَها للتقيد بالثوابت الدستورية للبلاد في كل نصوص وإجراءات الإصلاح التربوي، ومطالبتَها الحكومة بتحمل مسؤولياتها بهذا الصدد سواء في ما تعتمده أجهزتُها التنفيذية من إجراءات، وما تُصدِرُه من مذكرات، أو ما تقرره المؤسسات التربوية من كتب ومُعِينَات تربوية؛ إذ يلاحِظُ أولياء الأمور والمتتبعون بين الفينة والأخرى اعتماد بعض المؤسسات الخصوصية كتباً تحتوي على مضامين غريبة عن خصوصيات البلاد وقيمها؛
– تستنكر الهجوم على مادة التربية الإسلامية بشكل لا مسؤول في بعض وسائل الإعلام كما حدث في الآونة الأخيرة في إحدى الإذاعات الخاصة، دون أن تُحَرِّك الحكومة ساكنا، مع العلم أن المناهج والبرامج الحالية الخاصة بالمادة وضعت بتوجيهات ملكية، وتعاون بين الوزارة الوصية والمجلس العلمي الأعلى. وإذ نسجل بإيجابية تدارك المسؤولين عن الإساءة بعد احتجاجات من المجتمع المدني، فقد كان الأولى والأجدر بالإذاعة أن تحرص مسْبقاً على مراعاة ثوابت البلاد، وعلى استضافة أهل الدّراية والتخصص لتناول مثل هاته المواضيع، كما كان حريا بالوزارة أن تتدخل وتطلب حق الرد والتوضيح، وبالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري أن تقوم بواجبها حتى لا تتكرر مثل هذه التجاوزات مستقبلا؛
– تدعو الوزارةَ إلى تعزيز مجال القيم في الوسط المدرسي، واستثمار التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بهذا الصدد، وإلى العمل على تأمين محيط المؤسسات التربوية بمحاربة مختلف الانحرافات والمظاهر المخلة بالآداب العامة، وذلك بالتعاون مع كل الجهات المختصة وذات الصلة؛
– تدعو الوزارةَ الوصية إلى تفعيل المذكرات المتعلقة بتيسير أداء صلاة الجمعة للعاملين والطلبة والمتعلمين، إذ يُلاحَظُ أن بعضَ مؤسسات التعليم العالي، وبعضَ مؤسسات التعليم الخاص تنتهك حرمة صلاة الجمعة ولا تراعي خصوصية هذا اليوم ومتطلبات هاته الشعيرة؛
– تثمن المبادرةَ إلى سحب بعض الكتب الأجنبية التي اعتمدتها بعض البعثات والمؤسسات الخاصة بسبب احتوائها على ما يمس الوحدة الترابية لبلادنا، وتدعو الجهات المعنية إلى تحمل مسؤوليتها بهذا الشأن في كل ما يتعلق بقيم مجتمعنا وثوابته، وفي مقدمتها الدين الإسلامي؛
– ترفض الخطوات التطبيعية التي تُقحِم فيها بعض الجهات مختلف فضاءات التعليم المدرسي والجامعي، وكذا بعض المصالح الوزارية، دون اعتبار للمآلات السلبية لهذه الخطوات على قيم المجتمع ومستقبل الأجيال.
ثانيا: الإصلاح التربوي والنهوض بالمدرسة المغربية:
– تدعو حركة التوحيد والإصلاح الحكومة إلى أخذ موضوع إصلاح التعليم بما يلزم من المسؤولية، وإخراج النصوص التنظيمية المتعلقة به، وتفعيل ما صدر منها، وتحفيز مختلف الفاعلين على الانخراط الميداني الحقيقي في مختلف أوراشه؛
– تجدد الدعوة إلى اعتماد المقاربة التشاركية وتجاوز التنزيل الأحادي لمقتضيات القانون الإطار، وذلك بإشراك مختلف المعنيين، سواء في وضع ودراسة مشاريع الإصلاح أو في التنزيل؛
– تستغرب التأخر الحاصل في تفعيل “اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج” رغم صدور النص المنظم لها قبل أكثر من سنة، وذلك بالنظر لدورها الجوهري والحاسم في كل ما يتعلق بالمناهج تصورا وتتبعا وتطويرا؛
– تستنكر التنزيل الانتقائي لمشاريع الإصلاح، حيث تلاحظ تسريع مشاريع بعينها كتدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية في مختلف الأسلاك، دون انتظار النص التنظيمي للهندسة اللغوية، وإهمالَ مشاريع أخرى متعلقة باللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية اللتين ينبغي أن يتم إيلاؤهما المكانة اللازمة في التعليم، التزاما بدستور البلاد؛
– تجدد رفضها لفرض فرنسة التعليم، وتستغرب إغلاق باب الاختيار في مسالك التدريس أمام الراغبين في الاستمرار باللغة العربية؛
– تدعو الحكومةَ إلى اتخاذ الإجراءات الشمولية الكفيلة بإنجاح إدماج الأطفال في وضعية إعاقة في مؤسسات التربية والتكوين، بشكل يضمن حقهم الفعلي في التربية والتعليم، وذلك بتأهيل المؤسسات بشريا وماديا لهذا الموضوع، مع تعاون القطاعات الحكومية المعنية به، بدل الاكتفاء بشعارات “المدرسة الدامجة” دون توفير أدنى الشروط لنجاح المشروع؛
– تدعو الحكومةَ إلى التأهيل المستمر للمدرسة العمومية، خصوصا في الوسط القروي، وتوفير ظروف العمل المناسبة، وحل مشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه كثير من المؤسسات، ضمانا لتكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة، مع تفعيل دور جمعيات الآباء والأمهات والانفتاح على المجتمع المدني؛
– تثمن مبادرةَ دعم الكتاب المدرسي لهذا الموسم، وتدعو لتوسيعه ليشمل اللوازم المدرسية والكتب المعتمدة في القطاع الخاص التي ترهق الأسر.
ثالثا: التعليم العالي والبحث العلمي:
– تجدد الحركةُ التأكيد على الدور المحوري للتعليم العالي والبحث العلمي، وتدعو إلى اتخاذ السبل الكفيلة بتطويره ورصد الإمكانيات اللازمة لذلك أسوة بالدول المتقدمة في هذا المجال، حتى تحتل جامعاتنا المكانة اللائقة بها بين جامعات العالم؛
– تؤكد على أهمية بعض روافد التعليم العالي والتكوين المهني كأقسام التقني العالي والأقسام التحضيرية، وتدعو إلى توفير الوسائل والإمكانيات الكافية للمؤسسات المحتضنة لهذا النوع من التعليم حتى تقوم بواجبها أحسن قيام؛
– تدعو الوزارة الوصية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتشجيع الجامعات على استعمال اللغة العربية في تقديم بعض وحدات المسالك العلمية والتقنية، تطبيقا لما ورد في القانون الإطار؛
– تستغرب فرض بعض الجامعات لما أسمته اختبار اللغة الفرنسية كشرط لاستكمال التسجيل بها، في تخصصات ليست هذه اللغة أساسية فيها ككلية الشريعة مثلا. علما بأن تشخيص مستوى الطلبة الجدد لأخذِه بعين الاعتبار في دعم المكتسبات ووضع البرامج المناسبة لتطويرها يبقى مطلوبا بعد تسجيلهم ما لم يُتَّخذ آلية للإقصاء؛
– تقدِّم الحركة أصدق تعازيها لطلبة التعليم العالي ولأسرتي الطالبَيْن اللذيْن ذهبا ضحية حادث الحي الجامعي المؤلم بوجدة، وتدعو الجهات المسؤولة إلى أخذ العبرة، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان سلامة المتعلمين والطلبة، وذلك بتوفير بنيات الاستقبال اللائقة في كل مؤسسات التعليم والتكوين، والعمل على صيانتها باستمرار.
وختاما، فإن أي إصلاح لا يمكن أن يُؤتي ثماره مالم يأخذ بعين الاعتبار المواردَ البشرية القائمة عليه، والفئات المستفيدة من خدماته، لذا فإن توفير الظروف المحفزة للمتعلمين (تلاميذ وطلبة) يبقى من أساسيات الإصلاح، والعناية بالعاملين في حقل التعليم ينبغي أن تكون على رأس الأولويات بدءا من الانتقاء، إلى التكوين والتأهيل، إلى المواكبة والتتبع، دون إغفال التحفيز المادي والمعنوي الذي يحفظ لهيئة التعليم كرامتها ومكانتها اللائقة في المجتمع، حتى تؤدي رسالتها باعتزاز تماشيا مع تعاليم ديننا الحنيف الذي يُعْلِي من مكانة العلم وأهله: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، إنما يتذكر أولو الألباب).
والحمد لله رب العالمين.
وحرر بالرباط في السبت 20 صفر 1444هـ الموافق لـ 17 شتنبر 2022م
عن المكتب التنفيذي: ذ. عبد الرحيم شيخي
رئيس حركة التوحيد والإصلاح