مفتي نيجيريا يدعو إلى الحفاظ على الثوابت الدينية بين المسلمين في إفريقيا
دعا الشيخ إبراهيم صالح الحسيني، مفـتـي جمهـورية نيجـيـريـا الاتـحـاديـة ورئـيـس فـرع مـؤسسة محـمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجـيـريا، أمس الجمعة بأبوجا العلماء الأفارقة إلى تعاون مثمر فيما بينهم يحافظ على الثوابت الدينية المشتركة بين المسلمين في هذه القارة الغنية بمواردها البشرية والطبيعية بما يحقق الأمن والسلام والاستقرار في كل البلدان الإسلامية.
وفي كلمته خلال افتتاح الندوة العلمية الدولية لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة حول موضوع “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ“، المنظمة بأبوجا الى غاية يوم الأحد، حسب ما نقلته “وكالة المغرب العربي للأنباء”، شدد الشيخ الحسيني على دور العلماء في الحفاظ على التراث المخطوط وغيره من الموروث الحضاري الذي تزخر به القارة الإفريقية.
وقال إن الحفاظ على هذا التراث هو سير على نهج الأسلاف الذين حافظوا على ميراث النبوة، وتمسكوا بالثوابت المشتركة المتعلقة بالعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني قولا وعملا.
وأشاد مفتي جمهورية نيجيريا الاتحادية بمبادرة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس بإنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة والتي تهدف” فقط إلى جمع علماء القارة الإفريقية للتواصل بينهم تنزيلا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: [من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم].
وفي مداخلة باسم علماء المؤسسة نوه الأستاذ عبد الكريم ديوباتي رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بغينيا كوناكري بعمل المؤسسة الذي هو “إشراقة من إشراقات أمير المؤمنين محمد السادس حفظه الله ورعاه لهذه القارة، وهي فرصة تاريخية مشهودة للانخراط في عمل جماعي لفائدة المجتمعات الإفريقية مؤسس على قيم الدين السمحة والمشترك من ثوابت الاعتدال والتعاون على الخير”.
وأكد الأستاذ ديوباتي على المسؤولية التي تقع على عاتق علماء القارة الطامحين إلى “العمل بجد من أجل إحياء أمجاد أمتنا وتحقيق آمالها والحفاظ على هويتها وصيانة مرجعيتها وحفظ ذاكرتها وإبراز تاريخها المتميز، لأنه هو الزاد نحو مستقبل زاخر ومجيد لأجيالنا الصاعدة”.
وفي نفس السياق أبرز الأستاذ إدريس ابن الضاوية عضو المجلس العلمي الأعلى في كلمة باسم علماء المغرب الأمانات التي تقع على عاتق العلماء في تكريس البعد الإنساني للدين الإسلامي والحفاظ على قيمه السمحة التي أرسلت رحمة للعالمين”.
وشدد على دورهم الكبير في “بناء الأمن، وتعزيز السلام، ومحاربة كل أشكال التمييز والتهميش، وتعميق التعارف في معانيه وأبعاده الشاملة لإقامة جسور التواصل بين الأديان والثقافات، على أساس أن الله تعالى رب الجميع، وأن رسالته تخص الجميع، وأن التفاضل عنده لا يكون إلا بالتقوى”.
وخلال هذه الجلسة الافتتاحية للندوة تدخل السلطان محمد سعد أبو بكر رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في جمهورية نيجيريا الاتحادية الذي رحب بالحضور مثنيا على تنظيم هذه الندوة التاريخية على أرض نيجيريا.
وتوجه بالشكر إلى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والقائمين على عمل المؤسسة.
ومن جانبه أبرز سلطان سكوتو في كلمته أهمية هذه الندوة من أجل إبراز هذا الإرث التاريخي الذي بناه الأجداد في هذه القارة وهو تراث غني وعميق، والذي من خلاله يمكن أن تبنى صورة جديدة عن القارة الإفريقية.
وشهدت الجلسة تدخل السيد محمد موسى بللو وزير العاصمة الفدرالية (أبوجا) والتي أبرز فيها العلاقات القوية التي تربط المملكة المغربية بجمهورية نيجيريا الاتحادية، كما عبر عن شعوره بالفخر باختيار مدينة أبوجا لاستضافة الندوة.
وعبر عن تقديره العميق لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة والمجهودات التي تقوم بها من أجل الحفاظ على التراث الإسلامي الإفريقي، مشددا على العمل من أجل تكريس ما يساعد على الاستقرار والتنمية.
ومن جانبه أكد الأمين العام لمؤسسـة محمد السـادس للـعـلماء الأفـارقـة الدكـتـور محمد رفقي، أن المؤسسة أخذت على عاتقها المساهمة الفعالة في المحافظة على وحدة الدين الإسلامي، وخدمة تراثه، وفتح فرص تبادل الآراء بين العلماء الأفارقة.
وأضاف أن ذلك الهدف يستمد جوهره من العلاقات الروحية للمملكة المغربية مع البلدان الإفريقية الشقيقة، وسعيا لتوحيد جهود علماء المملكة بباقي البلدان الإفريقية لخدمة مصالح الدين الإسلامي الحنيف، وتشجيع الأبحاث والدراسات.
وأكد أن ”أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يريد أن يجعل من مؤسسة العلماء على المستوى الإفريقي إطارا علميا شامخا لحفظ الدين ومقتضياته، بما في ذلك الخصوصيات التراثية للشعوب الإفريقية“.
وأضاف أن المملكة المغربية ستبقى تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفية لدينها ولقيمها ولثوابتها ولأسلافها من أجل حماية الدين والقيم الإنسانية بإفريقيا.
ومباشرة بعد الجلسة الافتتاحية تم افتتاح معرض “منتخبات من المخطوط المغربي والنيجيري”.
ويهدف هذا المعرض إلى التعريف ببعض الجوانب العلمية والفنية للمخطوطات المحفوظة بأهم المراكز العلمية العريقة المغربية والنيجيرية، وإبراز ما تزخر به من خصائص تكشف عن دلالات معبرة عن الخصوصية المتميزة للقارة الإفريقية المسلمة، وعن المشترك التراثي بين البلدين الشقيقين.
وقد أجمعت جميع مداخلات الفترة الصباحية من الندوة على أهمية موضوع الندوة والذي هو في صلب أهداف المؤسسة والتي تجسد العناية السامية التي يوليها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس للتراث الإسلامي الإفريقي الذي يشكل رصيدا حضاريا وعلميا وتاريخيا للقارة الإفريقية.
ويتضمن جدول أعمال الندوة التي تتواصل الي غاية يوم الأحد أربعة محاور أساسية هي التراث الإسلامي الإفريقي المخطوط: المفهوم والنشأة والتطور، والمثاقفة بين الشعوب الإسلامية الإفريقية من خلال التراث المشترك، والتراث الإسلامي المخطوط بجمهورية نيجيريا الاتحادية، وواقع التراث الإسلامي الإفريقي التحديات والآفاق.
وتأتي هذه الندوة في إطار أنشطة المؤسسة التي تسعى من خلالها تفعيل وتنزيل أهدافها المتعلقة بإحياء التراث الثقافي الإفريقي الإسلامي المشترك من خلال التعريف به ونشره والعمل على حفظه وصيانته.
ويشارك في هذا الحدث العلمي الدولي، نحو 400 مشارك من العلماء والباحثين والجامعيين من 34 دولة، لمناقشة وتحليل مكنونات التراث الإسلامي الإفريقي، ومكوناته ومراحل تطوره، والمساهمات التي أثرته عبر التاريخ من لدن الدوائر المختلفة والشخصيات البارزة لا سيما العلماء والفقهاء والصوفيون.
وقد حضر حفل افتتاح الندوة على الخصوص سلطان سوكوتو، ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية النيجيري، محمد سعد أبو بكر، ووزير إقليم العاصمة الاتحادية لنيجيريا، محمد موسى بللو، وسفير المغرب بنيجيريا موحا أو علي تاغما، وسفراء الدول العربية والإفريقية المعتمدون في أبوجا، ورئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجيريا الشيخ شريف إبراهيم صالح الحسيني، ورؤساء فروع المؤسسة في إفريقيا والعديد من الشخصيات والعلماء والمفكرين.
الإصلاح/وكالات