د عبد الله الفاسي يكتب: شباب يُهدون فرحة للوطن كلّما أُتيحت لهم الفرصة

عاد “أشبال الأطلس” من الشيلي حاملين كأس العالم لكرة القدم لأقل من عشرين سنة، فعادت معهم البهجة إلى شوارع المغرب وأزقّته. مشهد الجماهير اليوم وهي تملأ ساحات الرباط وشوارعها لاستقبال الأبطال، لم يكن مجرد احتفال بانتصار كروي، بل كان لحظة رمزية تعبّر عن عمق الانتماء، وعن توقٍ جماعيّ للريادة والتميز في كل الميادين.
هكذا هو الشعب المغربي، لا يفوّت مناسبة يُرفع فيها علم الوطن إلا وكان في الصفوف الأولى، يعبر عن فرحته وحبه بصدق واندفاع. شعب يصعب أن ينافسه غيره في حضوره الدائم في كل الاستحقاقات الوطنية والقومية، وفي مبادرات الخير والعطاء، وفي لحظات الفخر والانتصار. يخرج موحدا في نبضه، صادقا في مشاعره، يردد عن حب وإيمان أن المغرب يستحق الأفضل دائما.
الاستقبال الكبير الذي خصّ به صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أبناءه الأشبال، ومعه الاستقبال الشعبي الحافل، لم يكن فقط احتفاءً بكأس عالمية غالية، بل كان اعترافا مستحقا بشباب أبان عن روح وطنية عالية، وعن انضباط وتضحية وصبر وعزيمة قلّ نظيرها. هؤلاء الفتية لم ينتصروا فحسب في مباراة رياضية، بل قدّموا للعالم صورة مشرقة عن الشاب المغربي الذي إذا حُمّل مسؤولية، أدّاها على أكمل وجه، وجعل من العطاء للوطن عنوانا لكل جهد وبذل.
وما هذا التفوق إلا حلقة في سلسلة من الإنجازات التي يشهدها المغرب في مجالات متعددة: في البحث العلمي، في الابتكار، في الرياضة، في الثقافة، وفي الفكر والإبداع. فكم من باحث مغربي تألق في المخابر العالمية، وكم من قارئ وحافظ للقرآن مثّل بلاده أحسن تمثيل، وكم من مفكر ومخترع ترك بصمته في المحافل الدولية. وكل هذه النجاحات المتفرقة تؤكد أن المغاربة كلما وُفّرت لهم البيئة المواتية والفرص العادلة، أبدعوا وتفوقوا ورفعوا راية بلدهم خفاقة في السماء.
إن هذا التتويج الجديد يبعث فينا الأمل ويجدّد فينا الإيمان بأن المغرب قادر –بأبنائه وشبابه– على تحقيق التميز في كل القطاعات إذا عمّت ثقافة الجد والاجتهاد، وغُرست روح المسؤولية والإتقان في كل المؤسسات والمجالات.
وفي الختام، نسأل الله تعالى أن يديم على وطننا نعمة الفرح والعزة، وأن يعمّ التفوق جميع ميادين حياتنا، وأن يترسخ في جينات أجيالنا القادمة حبّ العمل، والحرص على الجدّ، والسعي إلى الإتقان، حتى يظل المغرب –بإذن الله– رائدا بين الأمم، منارة إشعاع وعنوان عزة وكرامة.