قراءات رمضانية 4 | شهر رمضان مدرسة

تتعدد الكتب والرسائل التي ألفت عن شهر رمضان المبارك بتعدد المجالات والتخصصات وزوايا النظر. وتحاول كلها البحث في كنه هذا الشهر الكريم، الذي خصه الله بمزايا تفوق خصائص الشهور الأخرى، إذ فيه نزل القرآن، وخلاله تضاعف الحسنات، وفيه ليلة خير من ألف شهر، هي ليلة القدر.

ورسالة “شهر رمضان مدرسة ” لصاحبتها فاتنة مارديني من هذه المؤلفات، خلاصتها أن شهر مضان الكريم مدرسة ربانية المنهج، نبوية التعاليم، نتزود فيها لسنين عمرنا الدنيوي، ولحياتنا الأخروية، يتعلم فيها المسلمون الصائمون عشرة دروس أساسية:

1- الصبر والقوة والثبات على الدين.
يثبت المسلم والمسلمة بالصيام القدرة على التحكم في أنفسهم والصبر على الطاعة والحق، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رمضان ” هو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة” (أخرجه بن خزيمة في صحيحه)

والصبر ثلاثة أنواع: صبر على الطاعة لله تعالى، وصبر على ماحرم الله، وصبر على أقدار؛ وكلها تجتمع في الصيام ففيه صبر على الطاعة وصبر عما حرم الله على الصائم من الشهوات وصبر على ألم الجوع والعطش وضعف النفس والبدن. ويجتمع للمؤمن في شهر رمضان جهادان لنفسه بالنهار على الصيام، وجهاد بالله على القيام .

2-  الأخلاق والمعاملة الطيبة والمسامحة
يتعلم الصائم ذلك في مدرسة رمضان، ولا يتم قبول الصوم في هذا الشهر المبارك وغيره إلا بترك ماحرم الله من الموبقات كالكذب، والظلم، والعدوان على الناس في دمائهم، وأموالهم، وأعراضهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه” (أخرجه البخاري).

كما قال رسول الله ” الصيام جُنَّة وإذا كان أحدكم يوما صائما، فلا يرفث ولايجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمة فليقل ” إني صائم، إني صائم” (أخرجه البخاري ومسلم).

3- فرح الصائم بالعمل بأمر الله واجتناب نهيه
يتعلم الصائمون في شهر رمضان الفرح بقيامهم بمر الله والانتهاء عن نهيه. يقول الله تعالى ” قل بفضل الله وبرمته فبذل فليفرو هو خير مما يجعون” (سورة يونس 58)، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه” (أخرجه البخاري ومسلم)

ولأجل فرحة الإفطار حث سول الله صلى الله عليه وسلم على المسارعة إلى الإفطار بقوله ” لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر”، وجاء في الحديث ” إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد”. وحث النبي الكريم على السحور بقوله ” تسحروا فإن في السحور بركة” (أخرجه البخاري ومسلم)

4-  التقَوِّى على عبادة الله
يتعلم الصائم فيه أن ينوي بأكله وشربه ونومه التقَوِّى على عبادة الله فيكون ذلك كله عبادة لقول رسول الله ” نوم الصائم، عبادة وصمته تسبيح، وعمله مضاعف، ودعاؤه نستجاب، وذنبه مغفور”.

5-  تحري الطعام الحلال
يتعلم الصائم في مدرسة رمضان تحرِّي أكل الحلال، لأن من كان فطره على الحرام، كان ممن صام عمّا أحلّ الله سبحانه، وأفطر على ماحرم الله سبحانه، فلن يستجاب له دعاء، ولن يُرفع له عمل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيها الناس: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” وقال ” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون”. ثم ذكر صلى الله عليه وسلم ” الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذِّيَ بالحرام، فأنى يستجاب لذلك” (أخرجه مسلم)

6-  احتساب العمل عند الله سبحانه

يتعلم الصائم في مدرسة رمضان أن يحتسب ويختزن أعماله الصالحة عن الله سبحانه. وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه”.

والفرحة عند لقاء الله عزل وجل تحصل لما سيجده الصائم عند ربه من ثواب الصيام المدَّخر، فيجده وهو أحوج إليه من أي وقت لقول الله تعالى ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير مُحضَرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد” (سورة آل عمران الآية 30)

7-  الإخلاص لله عز وجل

يتعلم الصائم في مدرسة رمضان أن يخفي طاعاته وأعماله إخلاصا لله سبحانه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما أسرّ عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها، إن خيرا فخير وإن شرا فشر” فالصيام سر بين العبد وربه في الدنيا، وإخفاؤه مجلبة لمحبة الله وجائزته أن رائحة فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريك المسك كما قال رسوله الكريم.

8-  الجود والكرم والسخاء والإيثار

يتعلم الصائم في مدرسة رمضان الجود،فقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود مايكون في رمضان حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة”.

وكان جوده صلى الله عليه وسلم يجميع أنواعه، من بذل الالم والمال والنفس لله تال وإيصال النفع للعباد، وإطعام جائعهم ووعظ جاهلهم، وقضاء حوائجهم، وتحمل أثقالهم. وكذلك كان النبي الكريم منذ نشأ، ولهذا قالت له خديجة رضي عنها في أول البعثة :” والله لايخزيك الله أبدا،إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق”. وزادت تلك الصفات بعد بعثته صلى الله عليه وسلم، حيث ” ماسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه”.

وكان جوده صلى الله عليه وسلم يتضاعف في شهر رمضان على غيره من الشهور.

9- كثرة تلاوة القرآن الكريم

يتعلم الصائم في مدرسة رمضان كثرة تلاوة القرآن الكريم، لأنه نزل في هذا الشهر الكريم لقول الله تعالى ” شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن” (البقرة 185). وكان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن في رمضان كما ورد في حديث جبريل عليه السلام.

وكان صالحو الأمة يجتهدون في رمضان ما لايجتهدون في غيره، فكان بعضهم يختم القرآن في قيام شهر رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع وبعضهم في كل عشرة. وكانوا يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها.

10- العمر يمضي ويمر كمرور السحاب

يتعلم الصائم في مدرسة رمضان أن الأيام تمضي بسرعة، وأن العمر يمضي ويمر كمرور السحاب، وأن كل ماهو آت آت، وأن أجل الله إذا جاء لايؤخر، فيسارع بالتوبة ولا يؤجلها إلى الغد ولا الأعمال إلى مابعد.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى