29 سنة على “اتفاق أوسلو”.. تمزيق للأرض وإجهاض لحلم إقامة دولة فلسطينية

يوافق تاريخ 13 سبتمبر 2022، الذكرى الـ29 لـ”اتفاق أوسلو”، الذي وقّعه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الاحتلال الصهيوني آنذاك إسحاق رابين لتشكيل “سلطة حكم ذاتي فلسطيني انتقالي” والمعروف بـ”اتفاق أوسلو” الذي مهد لمرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية.

ويُعرف هذا الاتفاق رسميا باسم “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي”، بينما أُطلق عليه اسم “أوسلو”، نسبة إلى مدينة “أوسلو” النرويجية حيث جرت هناك المحادثات السرّية التي أنتجت الاتفاق.

ضم الاتفاق عددا من البنود أبرزها “إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكومة الذاتية الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة، لمرحلة انتقالية لا تتعدى 5 سنوات”.  ونص على “انطلاق مفاوضات الوضع النهائي في أقرب وقت ممكن، على ألا يتعدى ذلك بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية بين حكومة إسرائيل وممثلي الفلسطينيين، لبحث قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود وقضايا ذات أهمية مشتركة”. كما تضمنت الاتفاقية عدة بنود لها علاقة بـ”التعاون الاقتصادي والأمني المشترك”.

وفشلت مفاوضات “قضايا الحل النهائي” التي جرت نهاية عام 2000، برعاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وهو ما تسبب باندلاع انتفاضة الأقصى نهاية ذات العام. ولاحقا، أعاد الكيان الصهيوني احتلال أراضي الضفة الغربية عام 2002، وصعّدت من أعمال الاستيطان في الضفة، حيث يزيد عدد المستوطنين عن 600 ألف، وهو ما يجعل من إقامة دولة فلسطينية متصلة الأجزاء عملية بالغة الصعوبة.

ومنذ عام 2014، توقفت عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لرفض الكيان المحتل وقف الاستيطان وتنكره لفكرة “حل الدولتين”. وبعد 29 سنة من الاتفاق، يرى المحللون أن الاحتلال لم يُبق منه إلا ما يخدم مصالحه، وأن “إسرائيل” أجهضت حلم الفلسطينيين في الوصول إلى حل عادل للصراع القائم، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، عبد المجيد سويلم، في تصريح لوكالة الأناضول أن اتفاقية أوسلو كان فيها العديد من الثغرات التي لم يولِ الفلسطينيون لها بالا. وأضاف: “الثغرة الأولى هي القبول الفلسطيني بالاعتراف بإسرائيل دون أن تعترف الأخيرة بحقّنا في دولة، واكتفينا باعترافها بالمنظمة كمُمثل شرعي ووحيد للشعب؛ وهذا أمر غير كافٍ”.

وأردف: “الثغرة الثانية أن الاتفاقية أظهرت أننا مهتمّون بالأراضي المحتلّة فقط على حساب الفلسطينيين في الداخل (الإسرائيلي) أو في الشتات؛ الأمر الذي أدى إلى تشتيت الحالة الفلسطينية”. وأما الثغرة الثالثة فهي مرتبطة، بحسب سويلم، بعدم اشتراط الفلسطينيين “وقف الاستيطان كشرط أساسي ومبدأي لقبول هذه الاتفاقية”.

وأوضح الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، أن “إسرائيل اخترقت اتفاقية أوسلو منذ عام 1999 حينما لم تطبق الاتفاق كما نصّ بفتح النقاش حول القضايا الخمس (القدس واللاجئين والمياه والمستوطنات والحدود)”، مشيرا إلى أن الفلسطينيين حاولوا الخروج من أوسلو من خلال “إشعال الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، والتوجه للمؤسسات الدولية، والاستعانة بالوسطاء والمبادرات والأصدقاء كمرجعية”.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني العقّاد، إن القيادة الفلسطينية وصلت إلى قناعة أن اتفاقية أوسلو أوصلت الطرفين إلى طريق مسدود. وأضاف في حديثه للأناضول: “إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقية ولم تستكمل مراحلها حتى يصل للحل النهائي، فالقيادة الفلسطينية أدركت أن الاتفاقية لم تعد قائمة بمجملها”، متوقعا أن تشهد الساحة الفلسطينية “مزيدا من الاشتباك مع الاحتلال في كافة الأراضي المحتلّة”.

من جهته، أكد هشام قاسم، عضو قيادة حماس في الخارج، أن “مرور 29 عاما على توقيع اتفاق أوسلو يكشف عن حصاد مرّ أسفر عنه طيلة هذه السنوات على صعيد القضية الفلسطينية، وتمكين الاحتلال، ومنحه الأمن المفقود، مقابل تقزيم تطلعات شعبنا الفلسطيني إلى كيان سياسي أقل من دولة متناثرة الأصقاع، لا يجمعها جامع، ولا توحدها حدود، بسبب التغول الاستيطاني الذي يزداد شراسة في أراضينا المحتلة”.

وأوضح قاسم في تصريح للمركز الفلسطيني للإعلام، أن “توقيع اتفاق أوسلو، منح الاحتلال طيلة هذه السنوات حرية العمل على تهويد المقدسات، والاستيلاء على مزيد من الأراضي، وإقامة المستوطنات غير الشرعية على أنقاض مزارعنا وحقولنا، والنتيجة اليوم أنَّ الضفة الغربية تشهد تمزيقاً لأراضيها، وتشتيتاً لأهلها، وتقضي على أي أمل مزعوم بإقامة دولة فلسطينية بسبب إطلاق أيدي الاحتلال للعبث في الواقع الفلسطيني من خلال اتفاق أوسلو”.

يشار إلى أن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس شهد نموا تجاوز الـ240 % مقارنة بما كان سائدا قبل توقيع اتفاق أوسلو، كما استغل المحتل فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية عام 2000 واندلاع الانتفاضة الثانية لتحريك مزيد من المخططات والمشاريع الاستيطانية في ظل الدعم الأمريكي وغض الاتحاد الأوروبي الطرف عن الأمر.

عن وكالة الأناصول بتصرف

 

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى