النقابات والشغيلة المغربية تحتفل بعيد العمال افتراضيا للعام الثاني على التوالي بسبب جائحة كورونا

تخلد الطبقة العاملة بالمغرب غدا السبت 01 ماي 2021، اليوم العالمي للعمال في ظروف تتسم باستمرار تفشي فيروس كورونا، حيث ستضطر النقابات والعمال إلى استعمال المنصات الافتراضية للتواصل مع الشغيلة احتفالا بهذا اليوم.

فللسنة الثانية على التوالي، تُغيب الوضعية الوبائية، مظاهر الاحتفالية بالعيد الأممي وبشكل خاص تنظيم المسيرات التقليدية، بعد قرار الحكومة منع جميع الاحتفالات الميدانية ذات الصلة بالعيد السنوي للعمال تفاديا لكل ما من شأنه خرق حالة الطوارئ الصحية، خاصة المخاطر التي قد تشكلها على مستوى التجمعات بالفضاءات العامة.

وهكذا، سيخلد الاتحاد المغربي للشغل فاتح مايو 2021 تحت شعار  ” جميعا من أجل التصدي لمسلسل التراجعات وفرض احترام الحق النقابي “، في حين خصصت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل نداءها لأوقات الأزمات وذلك تحت شعار “لا لاستغلال الظرفية للمس بالحقوق والحريات والمكتسبات الاجتماعية”، أما الاتحاد العام للشغالين بالمغرب فيحتفل بالعيد الأممي للعمال هذا السنة تحت شعار  “صامدون ومتحدون لحماية الحقوق والحريات “، فيما اختار الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الاحتفال بيوم الطبقة العاملة بتأكيد التزامه في الدفاع عن حقوق الشغيلة تحت شعار” نضال متجدد من أجل عدالة اجتماعية تضمن الحقوق وتصون المكتسبات وتحقق الكرامة”.

وتتركز مطالب المركزيات النقابية هذه السنة حول استعادة مناصب الشغل المفقودة ما بعد الجائحة وتخصيص موارد مالية لتخفيف قدر الإمكان من الضرر الذي لحق العمال والمقاولات بسبب الجائحة وتدابير الحجر الصحي.

واليوم العالمي للعمال يسمى أيضا بيوم العمل، وعيد الربيع والعمل، واليوم العالمي للتضامن مع الطبقة العاملة، وهو يوم عطلة في كثير من البلدان، وكانت بداية الاحتفال من القرن التاسع عشر في أستراليا (21 أبريل 1856).

فقبل ذلك التاريخ، ومع بداية الثورة الصناعية في بريطانيا، حوّل الإنتاج الصناعي في المصانع الكبيرة حياة الشغيلة إلى جحيم، وكان يوم العمل يتراوح بين 10-16 ساعة، وأسبوع العمل يصل إلى 6 أيام في الأسبوع، وكان استخدام الأطفال شائعا، دون أي اعتبارات للأمن الصناعي أو الصحي أو انتشار الآفات والأوبئة بين العمال خاصة الأطفال منهم. أدى ذلك إلى ظهور حركة “8 ساعات يوميا”، إحدى الحركات الاجتماعية التي تهدف لتنظيم يوم العمل ومنع التجاوزات والانتهاكات.

كان أول من طالب بذلك أحد مؤسسي “الاشتراكية الطوباوية”، روبرت أوين (1771-1858)، حيث صاغ شعار: “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه”، ومنحت النساء والأطفال في انجلترا ميزة 10 ساعات يوميا عام 1847. أما في فرنسا فقد حصل العمال الفرنسيون على 12 ساعة يوميا بعد ثورة فبراير عام 1848.

تناولت رابطة العمال الدولية مطالب العمال بتحديد يوم العمل بـ 8 ساعات في عام 1866، معلنة أن “الحد القانوني ليوم العمل هو شرط أولي، وبدون توفيره ستفشل جميع المحاولات لتحسين ظروف الطبقة العاملة وتحريرها”.

كذلك رأى كارل ماركس، في كتابه “رأس المال”، أن ذلك ذو أهمية حيوية لصحة العمال، فكتب عام 1867: “إن الإنتاج الرأسمالي يتسبب، من خلال تمديد يوم العمل، لا في تدهور قوة العمل البشري، عن طريق سلبه الظروف المعنوية والمادية الطبيعية للنمو والنشاط فحسب، وإنما يتسبب أيضا في استنفاد وموت هذه القوة العاملة نفسها”.

في عام 1884، قرر اتحاد النقابات المنظمة والنقابات العمالية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، في اتفاقيته، أن “8 ساعات عمل تشكل يوم عمل قانوني اعتبارا من 1 مايو 1886 وصاعدا، مع توصية كافة المنظمات العمالية بجميع أنحاء الولاية القضائية بتوجيه القوانين التي تتوافق مع هذا القرار”.

وفي 1 مايو عام 1886، رفضت قيادة “فرسان العمل” بقيادة تيرينس ف. باودرلي، النداء للانضمام لحركة الإضراب، لكن العديد من القيادات وجمعيات “فرسان العمل” المحلية انضمت إلى نداء الإضراب في شيكاغو وسينسيناتي وميلووكي، وقاد ألبرت بارسونز(1848-1887)، رئيس “فرسان العمل” في شيكاغو وزوجته لوسي بارسونز وطفلاهما مظاهرة من 80 ألف شخص في شارع ميشيغان، بشيكاغو، وفي الأيام القليلة التالية انضم إليهم في جميع أنحاء البلاد ما بين 350-400 ألف عامل، مطالبين بتحديد ساعات العمل والحصول على كافة مستحقاتهم، تحت شعار “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه”.

في 3 مايو عام 1886، تحدث محرر صحيفة العمال، أوغست سبايز (1855-1887)، في أحد الاجتماعات إلى 6 آلاف عامل، انتقل كثير منهم بعدها إلى الشارع لمهاجمة بعض المندسين ممن حاولوا كسر الإضراب. وصلت الشرطة وأطلقت النار، فقتلت 4 أشخاص، وأصابت كثيرين آخرين. في مسيرة لاحقة، 4 مايو، احتجاجا على هذا العنف، انفجرت قنبلة (ألقاها مجهولون) في ساحة هايماركت، أسفرت عن مقتل 8 من رجال الشرطة، وإصابة 77 آخرين، فهاجمت الشرطة على الفور الحشد، وقتلت عددا من الأشخاص وأصيب أكثر من 200 بجروح بالغة، وألقي القبض على عدة أشخاص بدعوى أنهم تسببوا في أحداث العنف. وحكم على 5 منهم، من بينهم سبايز وبارسونز، بالإعدام، ثم اتضح فيما بعد براءتهم.

وفي الاجتماع الذي عقده الاتحاد الأمريكي للعمل في سانت لويس ديسمبر عام 1888، قرر الاتحاد اعتبار 1 مايو عام 1890 اليوم الذي لا يجب أن يعمل فيه العمال الأمريكيون أكثر من 8 ساعات. بعد ذلك أقرت جمعية العمال الدولية “الدولية الثانية”، التي اجتمعت في باريس عام 1889، إعلان الأول من مايو يوما لإطلاق المظاهرات، ومن هنا بدأ تقليد عيد العمال.

على الرغم من ذلك، لم يتوقف نضال الحركة العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ ذروته عام 1894، حينما قتل الجيش الأمريكي عددا من العمال المتظاهرين، وهو ما شكل ضغطا كبيرا على الرئيس الأمريكي، غروفر كليفلاند، ودفعه إلى التصالح مع حزب العمال، بتشريع عيد العمال، وإعلانه عطلة رسمية في البلاد، تخليدا لذكرى أوغست سبايز ورفاقه.

ويعتبر عيد العمال من الأعياد الأكثر انتشارا في العالم، حيث يتم الاحتفال به في 130 دولة تقريبا، ويعتبر في معظم دول العالم عطلة رسمية.

س.ز / الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى