أكاديميون يُعلِّقُون على قرار فرنسا وقف استقدام أئمة مسلمين من الخارج

أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان السبت الماضي 30 دجنبر 2023، أن بلاده لن تستقدم أئمة أجانب إلى فرنسا اعتبارا من الأول من يناير 2024، مضيفا  “تدريب أئمة فرنسا يعد إحدى أولويات منتدى إسلام فرنسا من أجل تمكين مواطني البلاد المسلمين من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، مع احترام مبادئ الجمهورية”.

وأثار تطبيق فرنسا قرار وقف استقدام أئمة من دول أخرى، العديد من التساؤلات بشأن أهداف القرار، وذكرت وسائل إعلام فرنسية أنه يهدف لضمان”عدم حصول الأئمة على رواتب من دول أجنبية يكونون فيها موظفين حكوميين”، وأن يتم اختيار أئمة فرنسيين بدلا من استقدام أئمة من جنسيات أجنبية، كما سيتم السماح للجمعيات التي تدير المساجد بتوظيف الأئمة بنفسها على أن تدفع لهم رواتبهم مباشرة.

وبهذا الخصوص، اعتبر الدكتور الحسين الموس عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، أن القرار الذي أقدمت عليه فرنسا بعدم استقدام أئمة ووعاظ من خارج فرنسا للقيام بدور الإمامة والوعظ والإرشاد، هو قرار مجانب للصواب وفيه تضييع لمسلمي ولمواطني فرنسا بالدرجة الأولى إضافة الى الجالية العربية والإسلامية الكبيرة، والتي تقدم خدمات متعددة لبلدها الأول أو الثاني فرنسا.

وأضاف الموس في تصريح لموقع “الإصلاح”، أن هذا القرار لن يساهم في حل الإشكالات المطروحة هناك، على اعتبار أن الأئمة والعلماء، خاصة بالنسبة للجالية المغاربية -التي تعد من أكبر الجاليات المسلمة في فرنسا- هم الأقدر على التأثير فيهم بحكم الانتماء، ولأن لهم دراية بواقع الجالية هناك وبالتالي فحضورهم له دور إيجابي وتربوي في الوقاية من الانحراف الذي يعاني منه الشباب الضائع، على اعتبار أنه اذا تلقّى تربية دينية سيسهم في استقامته، بالإضافة لدورهم في الاندماج الإيجابي الذي نؤكد عليه من منطلقاتنا الإسلامية، حيث يدعوه الإسلام إلى أن يُقسط ويٌحسن لمن أحسن إليه.

وأشار المتحدث إلى أن القرار الفرنسي يُعد نشازا بالمقارنة مع دول أوربية أخرى كبريطانيا وإيطاليا وألمانيا، معتبرا أن النموذج البريطاني يحتذى به في إدماج الجالية وحسن التعامل معها ومع احتياجاتها، معبرا عن أمله بأن يتم التراجع عن القرار الذي لا يخدم مصالح المواطنين الفرنسين ولا الجالية المقيمة في فرنسا.

من جهته انتقد الدكتور أحمد كافي أستاذ الدراسات الإسلامية بمدينة الدار البيضاء، القرار واعتبره يدخل في إطار التضييق على المسلمين منذ مجيء الحكومة الفرنسية الحالية، والتي تحاول القطع مع المسلمين ومع الدول العربية والإسلامية، في الوقت الذي تستجيب فيه لدعوات اليمين المتطرف والمتشددين من هذا البلد.

وأوضح كافي في تصريح لموقع “الإصلاح” أن كثير من المواطنين من أصول فرنسية التحقوا بالإسلام يريدون التضييق عليهم في الآذان ومنع بناء المساجد ومنع الزي الإسلامي وخاصة بالنسبة للنساء، وهي سلسلة من التضييقات خارج القانون الذي تقوم عليه فرنسا، ولسان حالها “أرفض التعاون والإخاء”، وهو عكس الشعار الذي ترفعه وتفتخر به بين الأمم (الأخوة والمساواة والحرية)، فنراها اليوم لم تحترم حرية المسلمين، ولم تسوي بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، ولم تختر طريق الحرية للجالية المسلمة والمسلمين كما تفعل مع الآخرين ومع الهيئات الأخرى.

وأشار المتحدث إلى أن الهيئة المسلمة المقدرة بالملايين في فرنسا، لا تستقدم عوام الناس، بل تستقدم الأئمة والعلماء والفقهاء وأساتذة الجامعات، وبالتالي هو استدعاء ليس للباحثين عن الشغل، وإنما للصفوة العالمة ، فالخاسر الأكبر هي فرنسا من جهة التواصل العلمي والثقافي والفكري مع هؤلاء.

ويرى كافي أن تداعيات القرار ستكون خيرا للمسلمين في هذا البلد، لأن الإسلام لا يقبل أن يتواجد عبر طريقة واحدة خاصة في هذ العصر بل سيبقى التواصل مع هؤلاء الأجيال عبر جميع وسائل التواصل الممكنة، موجها رسالة للدول العربية والإسلامية بأن تكون شجاعة في اتخاذ القرار المناسب، وأن ترد على هذا التشدد وعلى هذا التحيز بما يناسب هذا القرار الذي سيطرح على المؤسسات الإسلامية وعلى هيئة الإفتاء الأوروبي وعلى القادة المسلمين في البرلمان والمقاطعات للتفكير في البدائل الممكنة عن طريق إحداث مؤسسات علمية وشرعية تشتغل على تخريج علماء من داخل هذا البلد، وغيره مما يمكن أن يتم التفكير فيه، في انتظار ما الذي سيفرزه التدافع مع هذا القرار الأخرق مما يجب أن يكون، ومما تتيحه الإمكانات القانونية والفرص الممكنة.

وكان بيان  صادر عن المجلس الإسلامي في فرنسا أشار أن القرار المذكور لا ينطبق على “أئمة رمضان”، وهم مقرئون يصل عددهم إلى 300 يزورون فرنسا خلال شهر الصيام. واستند البيان إلى إعلان الرئيس الفرنسي في 18 فبراير 2020، انتهاء العمل ببرنامج “الأئمة الموظفين” الذي يتضمن استقدام أئمة من دول أجنبية بحلول 2024، وأعلن حينها ماكرون رغبته في إنهاء مهام نحو 300 إمام أرسلتهم دول عربية  مختلفة ، وزيادة عدد الأئمة المدربين في فرنسا.

موقع الإصلاح

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى