هيئات مهنية وحزبية ترفض مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة

رفضت هيئات مهنية وحزبية مشروع وشخصيات صحفية وأكاديمية القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، الذي صادقت عليه الحكومة في اجتماعها ليوم الخميس 3 يوليوز 2025، واصفين إياه بـ”النكسة الديمقراطية”.

وجاء المشروع بآلية الانتداب لممثلي هيئة الناشرين عوض آلية الانتخاب سابقا، كما جاء بفكرة الانتخاب الفردي للصحفيين عوض الاقتراع عبر اللائحة، بالإضافة إلى سحب رئاسة لجنة البطاقة من الصحافيين، واعتماد آلية تصويت تمنح مقاولات كبرى حصة الأسد من الأصوات بناءً على رقم معاملاتها المالية.

كما جاء المشروع بمنح المجلس صلاحيات جديدة تمس جوهر حرية النشر، مثل صلاحية توقيف الصحف، واعتماد التحكيم الإجباري في نزاعات الشغل، وحذف تمثيلية مؤسسات مقابل إضافة مؤسسة جديدة دون تبرير معقول.

وفي هذا الصدد، أعلنت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، خلال اجتماع مكتبها التنفيذي المنعقد يوم الجمعة 4 يوليوز، عن رفضها القاطع لمشروع القانون رقم 26.25، معتبرة أنه يشكل “تراجعًا تشريعيا خطيرا” و”ضربة موجعة للديمقراطية وحرية الصحافة في المغرب”.

وأكدت الفيدرالية أن ما قامت به الحكومة “تم خارج أي مقاربة تشاركية”، وأنها لم تُستشر مطلقًا في إعداد هذا المشروع، رغم كونها من أعرق الهيئات المهنية في القطاع، مشيرة إلى أن التشريع الجديد تم “تفصيله على مقاس مقاولات محددة”.

من جانبه، رفض اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى مشروع  معتبرا إياه “نكسة جديدة تضرب في عمق التعددية وحرية الصحافة”، معتبرا أن تغييب المقاربة التشاركية “سابقة خطيرة تهدد مبدأ التنظيم الذاتي وروح الديمقراطية”.

وأكد الاتحاد في بلاغ صادر عن مكتبه التنفيذي عقب اجتماع طارئ عقد يوم السبت 5 يوليوز 2025، أن المشروع “مفصل على مقاس قلة من المقاولات النافذة، وفق منطق احتكاري غير ديمقراطي”، ويهدف إلى تهميش النسيج الحقيقي للصحافة الوطنية، المتمثل في المقاولات الصغيرة والمستقلة.

من جهتها، دعت الرابطة المغربية للصحافة المهنية البرلمان بغرفتيه إلى تحمل مسؤوليته الوطنية في التصدي لهذا المشروع، والاصطفاف إلى جانب حرية الصحافة والتعددية المهنية، باعتبارها إحدى دعائم الخيار الديمقراطي الذي تبنته بلادنا.

وطالبت الرابطة في بلاغ صحفي الحكومة بسحب هذا المشروع “المشؤوم” فورًا وفتح نقاش وطني شفاف يضم كل الهيئات المهنية المستقلة والفاعلين الحقيقيين في القطاع، رفضة للمنهجية الإقصائية والسرية التي أعد بها المشروع.

واستنكر حزب التقدم والاشتراكية ما وصفه بـ”النهج الإقصائي” الذي تنهجه الحكومة في تعاطيها مع قطاع الصحافة والنشر، وذلك على خلفية ما اعتبره محاولة لتمرير مشاريع قوانين جديدة تتعلق بالمجلس الوطني للصحافة وبالصحافيين المهنيين، دون أي تشاور أو إشراك للمهنيين والفاعلين الرئيسيين في الحقل الإعلامي الوطني. 

ورفض الحزب في بيان صحفي الطريقة التي تم بها فرض اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، معتبرًا ذلك انحرافًا خطيرًا عن المبادئ الدستورية، ومحاولة لإقبار المجلس الوطني للصحافة، والتراجع عن آليات التنظيم الذاتي للمهنة.

بدوره، قال نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إدريس الإدريسي الأزمي، إن مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يهدف إلى إضفاء الرسمية على “أصحاب الشكارة” داخل المجلس الوطني للصحافة.

واعتبر الأزمي، خلال ندوة نظمها حزب العدالة والتنمية، يوم الجمعة 4 يوليوز 2025، هذا المشروع فضيحة ديمقراطية “ستبقى وصمة عار في وجه هذه الحكومة”، موضحا أن حزب العدالة والتنمية سوف يقاومه “بطبيعة الحال لأنه يتضمن خللاً على مستوى القانون سواء من حيث بنائه أو طريقة تنزيله”.

واعتبر محمد كريم بوخصاص، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن صدور مشروع قانون جديد لإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة يُعد بمثابة “هدر” لعامين ونصف من الزمن المؤسساتي، بعدما أُدخل المجلس في وضع استثنائي ومؤقت دون تحقيق الهدف الجوهري، وهو تنظيم انتخابات لتجديد هياكله كما نص عليه قانون إحداثه.

وأوضح بوخصاص، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أ أن التنظيم الذاتي للصحافة، الذي يُعد أحد أرقى أشكال تعزيز حرية الإعلام، والذي كان المغرب سبّاقًا لاعتماده على مستوى العالم العربي، يعرف منذ أكتوبر 2022 اختبارًا صعبًا، “يهدد مكاسب تم تحقيقها في هذا المجال”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى