معارك السودان .. هل تنحصر أم تتواصل؟
يتواصل في السودان قتال لا منتصر فيه حتى الآن ولا يلوح في الأفق حل سياسي يضع نهاية للمعارك المستمرة بين الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ منتصف 15 أبريل الماضي. ومع مرور الأيام وانهيار الهدنات، زادت حدة القتال وتمددت ساحته من العاصمة الخرطوم إلى ولايات دارفور الخمسة وولايات كردفان الثلاثة من أصل 18 ولاية في إحدى أفقر دول العالم.
وقالت الأمم المتحدة، عبر بيان إنه منذ منتصف أبريل الماضي “نزح أكثر من مليون و670 ألف شخص داخليا في السودان، بينما بلغ عدد من غادروا الحدود نحو 528 ألفا و147”. فيما بلغ عدد القتلى من المدنيين 958 شخصا إضافة إلى 4 آلاف و746 مصابا، بحسب أحدث حصيلة لنقابة أطباء السودان.
أفق الحل
ظل الأمل بتوقف الحرب يحدو السودانيون، لكن التطورات تنذر بغير ذلك، مع تحذيرات دولية من أن استمرار القتال سيؤدي إلى انهيار سريع للدولة، بل وسيؤثر على المنطقة بأكملها.
ومنذ ماي الماضي، ترعى السعودية والولايات المتحدة في مدينة جدة محادثات مباشرة بين طرفي القتال، في مسعى للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار تمهيدا للعودة إلى طاولة المفاوضات لحل الخلافات بالحوار.
لكن كل هدنة إنسانية تم الاتفاق عليها، لاسيما بهدف إيصال المساعدات إلى المتضررين، جرى خرقها وسط اتهامات متبادلة بالمسؤولية عن ذلك، باستثناء هدنة أخيرة قبل أيام استمرت 24 ساعة.
وأعلنت الخارجية الأمريكية أن طرفي الصراع في السودان لا ينتهزان فرصة محادثات جدة، أن “المحادثات لا تحقق نجاحا بالنظر إلى ما جرى الاتفاق عليه في البداية مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع”. وإلى جانب الجهود السعودية والأمريكية، طرحت الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في 12 يونيو الجاري مبادرة لحل الأزمة السودانية.
ووفقا لما أعلنه الرئيس الكيني وليام روتو، تتضمن مبادرة “إيغاد”: عقد لقاء بين رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقادة دول جنوب السودان وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي، إلى جانب لقاء بين البرهان وقائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأوضح روتو أن “المبادرة تشمل البحث مع طرفي النزاع في فتح ممرات إنسانية مع خلال أسبوعين”، على أن تشرع “إيغاد” خلال ثلاثة أسابيع في إدارة حوار وطني بين قوى مدنية سودانية للبحث في نهاية الأزمة الحالية”.
وفي 30 ماي الماضي، أعلن الاتحاد الإفريقي، في بيان، عن خارطة الطريق لحل النزاع تشمل ستة بنود بينها أن تعمل آلية شكلها الاتحاد على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة.
وتنص خارطة الطريق على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، والالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني.
منحى جديد
وأخذت الحرب منحا جديدا بمقتل والي ولاية غرب دارفور خميس عبد الله أبكر، أحد قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في أكتوبر 2020، فهو أول مسؤول حكومي يقتل منذ اندلاع الحرب.
وكان يترأس أبكر يترأس التحالف السوداني، وهي حركة مسلحة في دارفور، وقد نأت كل الحركات المسلحة بنفسها عن الصراع بين الجيش وقوات “الدعم السريع”. واتهم الجيش قوات “الدعم السريع” باختطاف أبكر، لكن الأخيرة أدانت مقتله ووصفته بـ”التطور الخطي في الصراع بين المكونات القبلية”.
ويثير مقتل أبكر مخاوف مراقبين من أن دخول الحركات المسلحة في الصراع قد يقود إلى اتساع رقعة الاشتباكات لتشمل كل إقليم دارفور المضطرب أمنيا بالأساس والذي شهد بداية منذ 2003 حربا بين الجيش السوداني وقوات مسلحة متمردة.
وقال المحلل السياسي أمير بابكر عبد الله لوكالة الأناضول إن “القتال توسع إلى أقصى درجاته بعد أن انطلق من الخرطوم ليشمل دارفور وكردفان، وقد أنهك كلا من الجيش وقوات الدعم السريع”.
وأضاف أن “التطورات الدولية والإقليمية ممكن أن تسرع من إيجاد حلول ووقف إطلاق النار.. ودول الجوار قد يكون لها دور في خفض التوتر بين الطرفين، ومسار منبر جدة قد يسرع من إيجاد حل”.
وبين البرهان وحميدتي خلافات أبرزها بشأن المدى الزمني لتنفيذ مقترح لدمج “الدعم السريع” في الجيش. ويعتبر الرافضون تلك الإجراءات “انقلابا عسكريا”، بينما قال البرهان إنها هدفت إلى “تصحيح مسار المرحلة الانتقالية”، ووعد بتسليم السلطة إلى المدنيين عبر انتخابات أو توافق وطني.
وكالة الأناضول