لن تتكرر النكبة – أحمد الحاج علي

لأول مرة منذ ما بعد النكبة عام 1948، يكون مشروع تهجير الفلسطينيين بهذه العلنية والفجاجة، ومسنوداً بدعم قوى عظمى. نعم حصل من قبل أن طُرحت مشاريع تخص اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً بالعقد الأول الذي تلا النكبة، لكنها كانت تركّز غالباً على دمجهم بالدول العربية، ولم تكن تتحدث عن التهجير.

ونلمس في تقارير المفوض العام للأونروا بالسنوات الأولى لتأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، حديثاً صريحاً ومتكرراً عن سعي الأونروا للتهجير، وعرض لبعض نجاحاتها في دفع عشرات وربما مئات اللاجئين إلى الهجرة، خصوصاً للولايات المتحدة وأستراليا، لكن هذه النجاحات كانت أقرب إلى الفشل، إذ أصر الفلسطينيون على رفض الهجرة، والبقاء في المناطق الأقرب إلى فلسطين، ريثما يعودون.

قد يكون مشروع التهجير الأكثر جدية، هو مشروع سيناء، الذي نشرت مضامينه الصحافة المصرية عام 1953، وهو سعى إلى توطين قسم من لاجئي قطاع غزة في سيناء. لكن ردود الفعل الفلسطينية كانت غاضبة جداً، وتوحدت كل القوى في غزة تحت إطار “اللجنة الوطنية العليا”، ووصلت ذروة التظاهرات والاحتجاجات في شباط/فبراير 1955، واستطاعت بالفعل إسقاط المشروع.

لكن على خطورته، مشروع سيناء كان يتحدث عن جزء من اللاجئين، وليس ما تطرحه حكومة الاحتلال الفاشية اليوم بتهجير كامل لأهالي قطاع غزة. الخطورة أن كلام الاحتلال يخرج من إطار الثرثرة السياسية إلى التطبيق العملي، من خلال القصف المركز لدفع الغزيين لترك منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى. ويعتبر الاحتلال أن هذه الظروف من الصعب تكرارها بالمستقبل، فالدعوة لخطة التهجير يدعمها المسؤولون الأميركيون دون تحفظ، وسط مساندة أوروبية للعدوان قل نظيرها.

ورغم ذلك، فإن هذه الخطة ليست قدراً. فالشعب الفلسطيني في قطاع غزة يبدي مقاومة للمشروع غير مسبوقة، معززة بدلائل على مدى تجذر الغزيين بأرضهم، وحرصهم على البقاء، ووعي بأن أي خروج من غزة هو نكبة ثانية، ولن يتسنى لهم العودة بعد ذلك.

كما أن الدول العربية، ورغم ضعفها، تبدي رفضاً لخطة التهجير، لأنها تُدرك أنها ستؤثّر مباشرة على أوضاعها الداخلية. وكما قادت النكبة الأولى إلى اضطرابات في عدد من الدول العربية، فإن النكبة الثانية لو وقعت، مترافقة مع الميديا، فإن تداعياتها ستكون مضاعفة، لذا فشل بايدن بالترويج للخطة.

إن صمود الغزيين، ورفضهم التهجير، تلزمه مواكبة ومساندة من كل من يؤمن بحق الإنسان بالبقاء في أرضه، لذا أطلق نُشطاء فلسطينيون وعرب ومن جنسيات متعددة حملة إعلامية لرفض التهجير تحت عنوان: “لن تتكرر النكبة”، بتأكيد على شعار “باقون ولن نرحل”، وبإنتاجات متعددة، ووجهوا نداء إلى كل النشطاء بالتغريد على وسم: #لنتتكررالنكبة، والمشاركة بالترويج للإنتاجات، وإنتاج ما يلائم فكرة الحملة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى