العدوان على غزة.. كيف تخلص الرأي العام العالمي من هيمنة رواية الاحتلال؟
تحدثت صحف ووسائل إعلام عالمية عن بوادر تحول في الرأي العام العالمي حيال ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من إبادة جماعية وجرائم حرب في قطاع غزة، ورجوع القضية الفلسطينية إلى موقع الصدارة، وعبرت عنه وزارة الخارجية الفلسطينية بالتحول الكبير في الرأي العام العالمي لصالح الرواية الفلسطينية.
ويبرز إلى واجهة الأحداث سؤال كيف يتشكل الضغط العالمي ضد الاحتلال “الإسرائيلي”؟ مع العلم أن قادة الاحتلال أدركوا تناميه يوما بعد يوم، و عبرت الصحافة العبرية عن هذا التحول في مقالات ضمنها مقال نشرته صحيفة “معارف” العبرية للواء احتياط اسحق بريك بعنوان بـ”توصيات لتنفيس الضغط العالمي”.
وفي هذا السياق يمكن رصد عدة مؤشرات على تصاعد الضغط العالمي؛ أولها المسيرات والوقفات التضامنية مع الشعب الفلسطيني، بحيث أن جميع شعوب العالم نظموا مظاهرات واحتجاجات دعت إلى نصرة الشعب الفلسطيني ووقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال، والمواكبة الإعلامية للأحداث المتسارعة في الأرض.
وقد لاحظت مجلة “نيوزويك” الأمريكية أن الرئيس الأميركي جو بايدن يواجه ثورة شبابية تدين بشدة دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل في حربها على غزة التي تستهدف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، بينما ترى صحيفة “لوموند” الفرنسية أن واشنطن تقع في فخ دعمها لإسرائيل.
ويتجلى المؤشر الثاني في عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا في قطاع غزة، ومشاهدة جميع دول وشعوب العالم لتلك الدماء التي تسير في أرض غزة باستعمال شتى أصناف الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا في خرق للقانون الدولي الإنساني.
ويتجسد المؤشر الثالث في مواقف الدول والقيادات، بحيث نجد رؤساء يسمون ما يقع من عدوان على غزة بحزب الإبادة، وبعض الدول تقطع علاقاتها مع الاحتلال بينما أخرىسحب ت سفراءها، علاوة على دعوة شخصيات سياسية ومنظمات بمحاكمة الكيان “الإسرائيلي” ويرفضون أن يكون له حق الدفاع عن النفس.
ويتعلق المؤشر الرابع بالجوانب الاقتصادية، وهنا تنقل “عربي21” عن صحيفة “فاينانشال تايمز” تقريرا يسلط الضوء على تأثير الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي؛ حيث يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من تدهور كبير مع تأرجح الشركات على حافة الانهيار وتراجع الاستثمارات الأجنبية والثقة في الاقتصاد.
وبالنسبة للمؤشر الخامس، فيتجلى في حركات يهود العالم الذين أدانوا سياسات اليمين المتطرف وخرجوا في مسيرات احتجاجية عارمة كان آخرها أمام تمثال الحرية في الولايات المتحدة الأمريكية ورفضوا أن تكون هذه الحرب باسمهم وهو ما يشكل ضغطا على صانع القرار.
ويتجلى المؤشر السادس في المقاطعة الاقتصادية، ورغم أنها تشكل مقاومة سلبية اتجاه المنتجات إلا أنه سلاح غير الكثير من مواقف شركات ومؤسسات داعمة للاحتلال “الإسرائيلي” خصوصا أن هذا المجال تنشط فيه حركة “بي دي اس” العالمية.
ويمكن ملاحظة المؤشر السابع في تحركات عوائل الأسرى لدى المقاومة الذين شكلوا ضغطا على صانع القرار “الإسرائيلي” نتيجة الخوف من انتهاء الحرب دون التمكن من استرجاع الأسرى، أو قتلهم كما هو الحال بالنسبة لحوالي 60 أسيرا أعلنت المقاومة مقتلهم في غارات الكيان
ويتمظهر المؤشر الثامن في الملاعب الرياضية بفعل تحول هذه الفضاءات إلى ساحات للنزال بين الرواية الفلسطينية والإسرائيلية، وقد أضحت مكانا لتمدد التعاطف مع الشعب الفلسطيني رغم الإجراءات والعقوبات التي تفرض في بعض الملاعب، وهو ما فضح ازدواج المعايير بين القضيتين الأوكرانية والفلسطينية.
ويتجسد المؤشرالتاسع في الكتل الانتخابية، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة إبسوس للأبحاث بالشراكة مع رويترز تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أدنى مستوياتها منذ أبريل الماضي، وتأكيد مسلمو أمريكا أنهم لن يصوتوا لبايدن.
أما المؤشر العاشر فيظهر في مواقف الهيئات، وفي هذا الشأن نجد الحكومة الإسبانية تقلد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وسام “كارلوس الثالث” بسبب دفاعه عن حقوق المدنيين الفلسطينيين، كما أن مقررة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز تصف ما يحدثل سكان قطاع غزة المحاصر بـ”الإبادة”..
كل هذه المؤشرات تدل على ما سمته وزارة الخارجية الفلسطينية بالتحول الكبير في الرأي العام العالمي لصالح المواقف والرواية الفلسطينية تجاه الحرب الكارثية، وما ينتج عنها من جرائم بشعة تجاه الشعب الفلسطيني. لكن كل هذا الزخم يجب أن يستثمر في اتجاه إيقاف العدوان وإدخال المساعدات ورفع الحصار عن القطاع.
موقع الإصلاح