قراءة في شعار رواق الحركة بالمعرض: القراءة والمعرفة، سمو أخلاق وفتح آفاق

تستعد بلادنا لتنظيم الدورة الخامسة والعشرين من فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدارالبيضاء خلال الفترة ما بين 7 و17 فبراير 2019، وهي مناسبة لتسليط الضوء على رمزية هذا الحدث، ودلالته الحضارية والمجتمعية، فالعناية بالكتاب وكل المتدخلين في دورة الكتاب؛ تأليفا وصناعة وإخراجا وتوزيعا وقراءة… تعد من إحدى علامات الريادة الحضارية، ودقة الانتباه إلى ما يهدد مستقبل أجيالنا الحالية في زمن تجاوز العبث الالكتروني المدى، وأنهك القدرات البشرية  وأعاقها في الصمود أمام تحديات بناء الذات الإنسانية المفكرة والمبدعة.

وككل عام، تجتهد جمعية التوحيد والإصلاح في الحضور ضمن فعاليات هذا المعرض، للإسهام من جهتها في تقديم أكثر من خمسين عنوانا من إصداراتها وإنتاجاتها العلمية والفكرية،  منها  اثنا عشر عنوانا تم إخراجه  خلال سنة 2018.

ويعتبر شعار “القراءة والمعرفة سمو أخلاق وفتح آفاق” هو الشعار الذي استقر عليه الاختيار لرواق التوحيد والإصلاح، وهو يلخص رسالتين أساسيتين، وهما:

الرسالة الأولى: وتتجلى في كون أن القراءة والمعرفة  تسهمان في سمو الأخلاق، ذلك أن الحاجة الحضارية اليوم مازالت قائمة في إعادة بناء صرح الأخلاق والقيم في المجتمع، وإعادة تفكيك البنيات الثقافية والقيمية، من أجل تسطير الأولويات في مادة الأخلاق والقيم، ولعل القراءة والمعرفة أحد الأقلام الكفيلة بهذا التسطير، وأبرز المداخل الضرورية لسمو هذه الأخلاق ورفعتها؛

الرسالة الثانية: وتتمثل في كون أن القراءة والمعرفة تسهمان في فتح الآفاق التي أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها  وثمرتها كل حين، وهي آفاق تفتح المستقبل، وتبني الأحلام البانية لشحذ الهمم، وبعث الإرادة الموءودة في زمن التراجع والتخلف. إن مدخل القراءة والمعرفة هو من سيعمل على استئناف الدورة الحضارية الجديدة، التي تثمن ما كان ايجابيا في الماضي، قصد استثماره  للحاضر، والتطلع إلى المستقبل.

“إن القراءة والمعرفة سمو أخلاق وفتح آفاق”، هو شعار يختزل شروط النهضة والتقدم للأجيال الحالية، من خلال  كلمة “اقرأ”، أي أن القراءة هي آلية تطور الفهم والفقه والمعرفة، وبها يتكون  الرصيد الفكري، ويمتلئ الوعاء الثقافي للأمة، ولم يكن عبثا، أو صدفة، أن أول سؤال نزل من السماء على قلب  النبي محمد بن عبد الله  صلى الله عليه وسلم، عن طريق جبريل عليه السلام، حينما أمره بالقراءة: “اقرأ”، فكان الجواب: ما أنا بقارئ، فكرر السؤال مرة ثانية وثالثة.  وهذا يحمل أكثر من دلالة وعبرة؛ فمن بينها دلالة قراءة الكون ومساءلته لتبين معالمه وقوانينه وسننه التي لا تحابي أحدا إلا من فقِهَها وفهِمها وأخذها بحقها.

نحتاج لتجديد الأدوار والمواقف، وبناء الذات الحضارية اليوم إلى الفكر المبني على كلمة “اقرا باسم ربك الذي خلق” لضمان صمود أكبر وأقوى أمام التحديات الفكرية التي تطل على الثقافة والفكر الإنسانيين من كل جانب.

صالح أبو أنس

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى