في مقال رأي، التلميذ عبد الصمد السيحي يدعو إلى نموذج جديد لصورة التلميذ في المدرسة والمجتمع

مع الدخول المدرسي لهذا الموسم وجب التذكير بأمور مهمة تهم شبابنا وتلاميذ المدرسة المغربية، توجيهات تربوية لعلها توقظ في أنفسنا حرقة الإصلاح والمساهمة في تغيير الساحة التلمذية.
وأول ما وجب التذكير به أن المدرسة هي المحضن الثاني للطفل والشاب والتلميذ بعد أسرته، ولهذا فصلاح هذا الفرد رهين بصلاح أسرته أولا ثم مدرسته، وهو ما يجعلنا نهتم بمناهج مؤسساتنا وأدبيات تربيتها لهذا الجيل الذي يعيش مرحلة من التذبذب الأخلاقي والتعليمي، وما يجعلنا كذلك نراجع دور التلميذ داخل هذه المؤسسة هل هو دور مختصر على اكتساب المفاهيم واستيعاب الدروس وتطبيق النظريات التي تقدمها له المدرسة المغربية، أم أن دوره يتعدى ذلك، باتخاذ المدرسة هي سبيل لإعلاء النفس وإخراجها من ظلمات الجهل إلى أنوار العلم، ومن دناسة الأخلاق، الى مكارمها. وباتخاذ المدرسة ساحة وثغرا للإصلاح المجتمعي والديني؟!

إن اختلال مفهوم العلم في أذهان التلاميذ هو أحد الأسباب التي تسببت في إنشاء جيل همه الشاغل كسب المال من خلال المدرسة، والوصول إلى وظيفة تحقق له أحلامه المادية، (سيارة فارهة؛ زوجة جميلة؛ بيت واسع وخيالي…). إن اختلال هذا المفهوم هو الذي ينتج لنا نماذج هزيلة، فكريا، وعلميا، وعقديا، ومهاريا، ولغويا، وأخلاقيا، لأن هذا المفهوم في أذهانهم لا يتعدى أسوار المدرسة وكراساتها، والسؤال هو هل هذه النماذج التي نصنعها قادرة على قيادة الدولة المغربية نحو التقدم والتنمية والازدهار، أم أن هذا النموذج منكفئ على ذاته لا يستطيع تجاوزها بسبب تكوينه الصارم والتكنوقراطي؟!

إن الساحة التلمذية اليوم فارغة بشكل شبه كامل من النقاشات الفكرية والعلمية والثقافية، لا أستطيع  إلا أن أقول بعد معايشة وممارسة أن هذه الساحة لا تكاد تهتم إلا بهذه المواضيع التالية: – بالمستقبل المجهول – بالشهوة المتأججة – بالمراتب والنقط والتحصيلات الدراسية – بالأفلام والمشاهير الإلكترونية…
وقلما تجد من التلاميذ من يتحدث عن مواضيع آنية وجديدة تتعلق بالسياسة والأخبار العالمية، والتقارير اليومية الصحافية، وإن وجد فإن الخطاب إما أن يكون استهزاء عن قرار ما أو حدث معين، أو تحليل ضعيف مكرر ليس فيه حس الإبداع ولا التفكير .

وتواجهنا الساحة التلمذية اليوم بدماثة الأخلاق، وسوء المعاملة، ومحاولة فرض الذات على المؤسسة، مع ضعف التكوين التربوي لبعض الأساتذة الذي يؤدي إلى إغراق التلميذ في وسط يراه هو الوسط المثالي والمتاح….
إن علاج هذه المشكلات لا يكون إلا بإنشاء حركة تلميذية قوية، تربط التلميذ بالتلميذ، والأستاذ بالتلميذ، والتلميذ بالوطن، وتربط التلميذ كذلك بالقيم الحضارية ، بل وتربطه بالإسلام وتاريخه، ويوثق هذا الترابط الأسرة.
فالحركة التلمذية هي ترويج لفكرة الوعي، الفكر، الهوية، النهضة، المعرفة،…وهي حركة ثقافية، تستهدف خلق وعي تلمذي متصل بهذه المعاني، وتكون بتكوين طليعة تلمذية مستوعبة ومتمكنة من الأهداف والغايات والمقاصد والمعاني المذكورة، وذلك عبر المحاضرات والندوات والعروض والحلق الدراسية والحوارات الثنائية…..

إن دور هذه الحركة دور عظيم، فيه صلاح الفرد وصلاح الوطن وصلاح الأمة، ولهذا ارتأيت تقديم بعض المواضيع التي اقتطفتها من كتاب المرحوم “هموم تلميذ” قائد هذه الحركة بتيزنيت وملهمها وأفضل من حلل لها وفسر مشكلاتها، وهو الذي مارس وكابد وعانى في سبيل رسالته الإصلاحية، فهذا موضع الثناء عليه والترحم عليه، والاقتداء به.

-مواضيع تلمذية: 1-غاية التلميذ المسلم وهدفه ومقصده من الحياة 2- التلميذ وخدمة الأمة بأي معنى؟ 3- مهمة التلميذ المسلم في ظل متغيرات عصر ما بعد الحداثة 4- التحدي الفكري المطروح لدى الشباب 5- مشاكل التلاميذ والحلول الممكنة 6- التلميذ بين الوعي والنسيان
-مواضيع دينية: 1- استحضار خشية الله 2- الغاية من خلق الإنسان 3- الموت: الغفلة؛ مخاطر التبرج 4-وصف الجنة والنار….
-مواضيع فكرية: 1-التصور الإسلامي للكون والإنسان والحياة 2- القضية الفلسطينية من منظور إسلامي 3-الاستقامة على منهج الاسلام طريق النجاح 4- معيقات التحصيل الدراسي 5-الشباب والظواهر الاجتماعية……
ولرواد الحركة التلمذية أن يبدعوا في اختيار عناوين تنسجم مع متطلبات الساحة والواقع وطبيعة المخاطب والزمن…
ومن أهداف هذه الحركة المباركة التي خفت وميضها وبريقها، مايلي :
– إحياء المساجد بالمؤسسات التعلمية
-التواصل الايجابي مع باقي التلاميذ
– نشر الوعي في اوساط التلاميذ
– تغيير النمط لدى التلميذ عن الإسلام
– محاربة المخدرات والإدمان
– مناصرة القضايا العادلة…..
وفي الختام، أرجو أن أكون موفقا في تذكير إخواني بهذا العمل الجليل وفي تحريك حس الإصلاح فيهم لإعادة إحياء هذه الحركة المباركة، رغم أن زادي في الفكر قليل، وضعفي في التعبير سقيم، أسأل الله أن يستعملنا ولا يستبدلنا وأن يصلح بنا العباد والبلاد . والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.

-عبد الصمد السيحي –
2021/10/01

أخبار / مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. التلميذ مشروع المؤسسة ببناء شخصيته عبر القيم الدينية وقيم المواطنة وزرع الخير في سلوكه وممارسته اليومية. فالواجب على كل فرد العناية بالشباب بنصيحته ويد مد العون والمساعدة حسب الاستطاعة ولو بكلمة طيبة وابتسامة صادقة. والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى